توقيت القاهرة المحلي 02:18:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شجرة العقيدة

  مصر اليوم -

شجرة العقيدة

بقلم : أمينة خيري

تابعت، بمزيد من العجب، نقاشًا حامى الوطيس على أثير «فيسبوك» بين مجموعة من الأصدقاء، انقسمت نصفين: الأول يرى أن شجرة الكريسماس مظهر من مظاهر البهجة وشكل من أشكال الفرحة، والثانى يؤمن بأن الشجرة حرام، وتزيينها رجس، والنظر إليها يفسد العقيدة.

وحفاظًا على مستوى الضغط والسكر وبقايا عقل، قررت الجلوس على مقاعد المشاهدين، وفُجعت وأنا أتابع تعليقات أصدقاء، كنت أظن أننى أعرفهم، وهم يؤكدون- غاضبين مستنْفَرين- أن الاحتفال بأعياد المنتمين إلى عقائد أخرى وأديان مغايرة هو أقرب ما يكون إلى الكفر. وتعجبت، ولم أجد تفسيرًا لتوكيدات البعض- ممن يظنون أنفسهم عالِمين ببواطن الدين ومُلِمّين بالقواعد والثوابت والأحكام- أن «هذا المسخ» من أشجار مُضاءة وزينات مُقامة يجب أن تتم مقاطعته فورًا لمَن يغير على دينه ويخشى ربه!

فكرت بينى وبين نفسى لأراجع ما جرى فى وعينا. الأديان تعترف بالأنبياء والرسل، وتقر بمعجزاتهم، والاحتفاء أو على الأقل متابعة الاحتفال بنبى هنا ورسول هناك لا يعنى أن هذا دخل فى دين ذاك، أو أن ذاك بات لا يقر إلا بعقيدة هذا. ما هذا الخلط المريع بين مظاهر احتفالية وإشهار الخروج من ملة والانضمام إلى ملة أخرى، وما هذا الكم المذهل من عدم الثقة فى النفس، وضحالة المعرفة، والاهتزاز النفسى العميق، الذى يدفع شخصًا ما إلى الشعور بأن دينه مُهدَّد، وعقيدته فى خطر، ومِلّته إلى زوال، لأن آخرين يحتفلون بمناسباتهم؟ ويزيد الطين بِلّة حين تكون هذه المناسبات احتفاء بمولد نبى مُعترَف به وله من الآيات القرآنية نصيب معتبر!

وأى نوع من التدين هذا الذى يجعلك مهزوزًا إلى درجة الخوف من شجرة والرعب من زينة؟ وأى نوع من الأبناء والبنات ستضخ بهم إلى الجيل الجديد والمستقبل القريب، وقد نشأوا على نقيضين: إحساس بالفوقية لمجرد الانتماء إلى عقيدة بعينها، مع الرعب والوجل من مظاهر احتفالية لأصحاب عقائد أخرى؟!

ألم يَحِن الوقت لنُقِرَّ ونعترف بأن محتوى هذا النوع من التدين يحتاج إعادة نظر فى المحتوى والأولويات والحجج والمنطق، وذلك إنقاذًا لسمعة الدين قبل إنقاذ المتدينين أنفسهم؟ قبل نحو 15 عامًا، فوجئت بزميل صحفى، تحوَّل إلى مذيع تليفزيونى مشهور، يخبرنى، بفخر شديد، بأنه هو وزوجته يمضيان ليلة رأس السنة فى الصلاة وقراءة القرآن بصوت عالٍ وإطلاق صوت تلاوة القرآن الكريم فى أرجاء المنزل حتى تمر سويعات الاحتفال برأس السنة الميلادية بأصوات فرقعة بمب الأطفال وآلات التنبيه التى يطلقها البعض فى الشارع احتفاء بالعام الجديد، وأضاف من الشعر بيتًا حين قال لى، بزهو مبالغ فيه، إنه حين رُزِق بابنتيه أدخل فقرة جديدة، ألا وهى ترديد أناشيد دينية بصوت عالٍ فى البيت حماية للبنتين من الانجراف فى اتجاهات مغايرة. اللطيف والظريف أن هذا الزميل، حين حان وقت إلحاق البنتين بالمدرسة، ألحقهما بمدرسة راهبات. غاية القول أن المفاهيم التى تهتز بسبب شجرة يجب مراجعتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجرة العقيدة شجرة العقيدة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 12:17 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غوارديولا يؤكّد أن محمد صلاح ينتظره مستقبل كبير

GMT 02:17 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

التعبير عن الاحتياجات بذكاء تواصلي مع شريكك دون انتقاد

GMT 03:54 2018 الإثنين ,25 حزيران / يونيو

إرادة ألا تكون على الهامش

GMT 13:41 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

مقتل المرء بين فكّيه

GMT 18:50 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

سرقة نجمة لبنانية مشهورة من قبل مساعدها وتلجأ إلى القضاء

GMT 08:40 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

دليل عملي لغسل الستائر في المنزل بسهولة وفعالية

GMT 17:32 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يحدد خريطة توزيع 52 ألف تذكرة لمواجهة العين الإماراتي

GMT 17:40 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

الطلاق التعسفي

GMT 09:24 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

تأجيل موعد مباراة إنبي والإسماعيلي ساعتين

GMT 13:17 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خبير مصري يكشف عن مقترح إثيوبي بشان سد النهضة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt