توقيت القاهرة المحلي 10:54:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آفة فقر الفكر

  مصر اليوم -

آفة فقر الفكر

بقلم : أمينة خيري

«محاربة الفقر بسبل علمية».. هذا هو العنوان العريض للثلاثى الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد، الأمريكى، هندى المولد، أبهجيت بانيرجى، والفرنسية الأمريكية إستر دوفلو، والأمريكى مايكل كريمر، فازوا بنوبل للاقتصاد عن أبحاثهم النظرية والميدانية حول الفقر.

قدم الثلاثى «مقاربة تحمل إجابات موثقة قابلة للقياس حول أفضل وسيلة للحد من الفقر فى العالم». هكذا قالت هيئة التحكيم فى الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم فى حيثياتها. صحيح أن فقر الهند يختلف عن فقر البرازيل، عن مصر، عن هندوراس، عن بنين.. وغيرها، وصحيح أن للفقر جذورًا ثقافية وعوامل سياسية وأسبابًا إدارية، لكن الدواء الموصوف يحمل رسالة مفادها أن الفقر ليس قدرًا فقط.

قدرة الثلاثى على انتهاج مناهج علمية معضدة بأبحاث ميدانية على المجتمعات الفقيرة فى عدد من الدول، مثل كينيا والهند، فى حد ذاتها تقول لنا إن العلم قادر على مجابهة الفقر إن أردنا. إرادة مجابهة الفقر ومحاربته (وليس محاربة الفقراء) واقتصاصه من جذوره تتطلب شجاعة وإقداما وإصرارا وعدم خوف أو تردد مما قد ينعتنا به هؤلاء أو يلصقه بنا أولئك.

وهنا أتذكر الحلقات المسلسلة التى خصصتها قناة تليفزيونية واسعة الانتشار ذات اسم كبير لأحد «علماء الدين» ليسهب ويطيل ويزيد ويلف ويدور حول فكرة واحدة، ألا وهى أن الفقر والغلب والبؤس والشقاء وضيق ذات اليد قدر، وأن لا سبيل لمواجهة ذلك إلا بالصوم والصلاة وتدريب النفس على الرضا بعد اتخام اللسان به. لم يذكر «العالم» الفاضل كلمة عن العوامل الدنيوية التى تؤدى أو تساهم أو تعضد من شأن الفقر. لم ينوه بضرورة العمل الشاق والجاد، لم يعرج على قيمة العلم والتثقيف، وبالطبع لم يذكر كلمة «تنوير العقول» لتكون قادرة على الفكر والإبداع والابتكار للخروج من حلقة الفقر المفرغة. وطبعًا طبعًا، لم يشر «العالم» الفاضل من قريب أو بعيد إلى منظومة إنتاج العيال بديلاً عن المنتجات القابلة للبيع والتصدير. لم يعظ بمغبة سباق الأرانب وإنجاب ستة وسبعة وثمانية عيال فى البيت الرازح تحت خط الفقر بكثير حتى يتم ضخ الصغار فى سوق العمل الهامشية، من قيادة توك توك، وعمل فى المنازل، ولدى المكوجى والميكانيكى.. وغيرها لتأمين دخول إضافية لهذه الأسرة الفقيرة. ومن ثم لم يتحدث «العالِم» عن الآثار القاتلة للإنجاب دون تعقل على صحة الأم والأبناء والبنات، سواء الجسدية أو النفسية. لم يشر إلى قيمة البشر، وهل يتم إنتاجهم ليكونوا أرقامًا تؤمن دخولاً تمكن البعض من ترك قريته والنزوح إلى المدينة وتأسيس المزيد من العشوائيات؟!. وحين يخرجون من دائرة الفقر فإن أول ما تفكر فيه هذه الأسر إما شراء توك توك جديد، أو بناء مبنى خرسانى على الأرض الزراعية... إلخ.

إن أرادت مصر مجابهة الفقر فعليها مجابهة الفكر المؤدى إلى الفقر كذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آفة فقر الفكر آفة فقر الفكر



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon