توقيت القاهرة المحلي 06:49:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شواكيش التنوير

  مصر اليوم -

شواكيش التنوير

بقلم : أمينة خيري

الحل الأسهل هو الحجب. والطريق الأقصر هو المنع. والأسلوب الأيسر هو صب اللعنات على شاكوش ورمضان وحمو بيكا، ومن الرعيل الأول أوكا وأورتيجا، وغيرهم. المجتمع مقسوم نصفين غير متساويين فى العدد والتأثير. الأول، وهو الأقل عددًا، الأقل تأثيرًا، يبكى على الفن الأصيل المسكوب، ويندد بترك الحبل على الغارب أمام جحافل «فنانى» المهرجانات الذين زحفوا من التكاتك والعشوائيات نحو مناطق ومنصات وآذان كانت هذه الأقلية تعتقد أنها ملك لها، لا يطؤها إلا هم، ولا تُفرَض فيها قواعد أو تؤسَس فيها قيم إلا تلك التى تشبههم.

هؤلاء استيقظوا ذات صباح ليجدوا أن الفريق الثانى أوشك على استعمار منطقتهم واحتلال منصاتهم وهم عنها غافلون نائمون. والفريق الثانى وهو الأكثر عددًا والأكبر تأثيرًا فى المجتمع هو «فنانو» المهرجانات، والقائمون على دعمهم بالرعاية والحماية والإنتاج والترويج، ومحبوهم وعشاقهم من أبناء وبنات الفئات البسيطة اقتصاديًا وتعليميًا وثقافيًا. الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يخبرنا أن نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر تبلغ نحو 32.5 فى المائة. وتخبرنا الأرقام أيضًا أن مصر كانت تحوى 351 منطقة عشوائية تشغل نحو 40 فى المائة من إجمالى الكتلة العمرانية.

الملايين التى كانت أو مازالت تقطن هذه المناطق تعتنق ثقافة تحملها معها إلى عماراتها الجديدة التى وفرتها لها الدولة فى أحد أعظم مشروعات مصر القومية للقضاء على المناطق العشوائية الخطرة. لكن الخطورة لا تكمن فقط فى مناطق السكن وبناها التحتية، لكنها حية ترزق فى الأجيال المتتالية التى تتوارث ثقافة العشوائيات لسبب بسيط، وهو خلو الساحة إلا منها. فالفريق الأول - ذو الذوق الفنى الرفيع والقادر على تحليل المشهد حيث التوسع الاستعمارى السريع لشاكوش ورمضان وأوكا وغيرهم وما يحمله «فنهم» من رسائل تقوى من شوكة العشوائية الثقافية - غير قادر أو مؤهل أو راغب فى المنافسة.

والمنافسة المقصودة هى طرح بدائل ثقافية قادرة على جذب انتباه الجمهور. صحيح هناك محاولات تظهر بين الحين والآخر، لكنها فردية وشحيحة. فعاليات مثل معرض الكتاب وما شهدته من إقبال من الفئة العمرية الصغيرة هذا العام خير برهان على أن ما نحتاجه هو فعاليات كتلك، شرط أن تكون خالية من البروبجاندا السياسية، والرشاوى الاقتصادية، والرؤى والمفاهيم التى أكل عليها الزمان وشرب.

وهنا يجب الإشارة مجددًا إلى أن الساحة الثقافية التى لا تحوى حاليًا إلا الكثير من «نجوم» المهرجانات وقليلًا من النماذج الفردية الثقافية الجيدة ستظل هى أرض الملعب التى تحدد موازين القوى المجتمعية.. فإن بقيت على حالها، فإن المساحة الخالية قادرة على جذب الإخوان والسلفيين وغيرهم من القادرين على المنافسة. أما الاكتفاء بجبهات الممانعة ومطالبة السلطات بالحجب، فهذا هو الأسهل لكنه الأخطر. شواكيش العشوائية والانحدار لا تواجهها سوى شواكيش تدق على أوتار التنوير والرقى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شواكيش التنوير شواكيش التنوير



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 09:16 2022 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

سيارات هيونداي ترفع النقاب عن نسختها الجديدة سانتافي 2023

GMT 10:23 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

Razer تعلن عن أحد أفضل الحواسب لمحبي الألعاب

GMT 09:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

ترتيب الدوري المصري 2021 بعد نهاية الجولة 23

GMT 10:37 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

تعرف على من هو أحمد مناع أمين مجلس النواب 2021

GMT 07:00 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

4 أمور يُستحبّ فعلها قبل صلاة عيد الفطر المبارك

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

علاء مرسي يكشف عن ملامح دوره في مُسلسل "الضاهر"

GMT 02:31 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

خاتم زواج الماس للمناسبات الخاصة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt