توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خناقة شرق المتوسط الكبرى

  مصر اليوم -

خناقة شرق المتوسط الكبرى

بقلم : أمينة خيري

خناقة غاز المتوسط لو تدرون رهيبة بالغة التعقيد. ظاهرها سياسة وباطنها اقتصاد، ومن ثم هيمنة، وبالتالى سيطرة، وفى نهاية المطاف سطوة للمنتصر القوى. تعود معرفتى بحقول الغاز في شرق المتوسط إلى أواخر التسعينيات، حين أرسل لى صديق صحفى لبنانى مقالاً متخصصاً مطولاً عن الطاقة، وموضوعه تلك الثروات الكامنة في مياه شرق المتوسط، والتى يمكن أن تفتح أبواب جهنم للصراع والحروب والاقتتالات الإقليمية بحكم الملكية، والدولية بحكم المصلحة والانتفاع، أو تمهد الطريق نجو جنة الرفاه لدول إقليم شرق المتوسط في حال تم التعامل مع القضية تعاملاً عقلانياً منطقياً مخططًا ومستدامًا.

بدا لى الموضوع حينئذ مسألة إما خرافية أو حقيقية، لكنها لا تعنينا. واليوم نجد أنفسنا غارقين حتى الشوشة في إقليم اختصه الله سبحانه وتعالى بنقيضين: موارد طبيعية لا أول لها أو آخر، وعقول مدبرة ما أنزل الله بها من سلطان، ومعها تدبيرات خارجية مؤثرة لا ترى سوى مصالحها وسبل تفعيلها. والغريب أن مصر حين تقرر أن تفعّل مصالحها وتنتبه إلى مواردها ومستقبلها، ينقلب البعض في الداخل على قرارها الجيد، ويمضى قدماً في هبده العنكبوتى ورزعه التنظيرى الذي لا يليق إلا بسوق التلاث أو الجمعة على أحسن تقدير. ملف الغاز لمن يهتم بمعرفة الثقل والمعنى والتشابك لدرجة التعقيد عليه أن يبحث في الوثائق وليس إعادة تدوير تغريدات هنا وتدوينات هناك.

الكم المذهل من الدراسات والأبحاث والأوراق المعمقة والجامعة بين السياسة والاقتصاد والطاقة والاستراتيجيا التي أجريت على ملف غاز شرق المتوسط على مدار العقدين الأخيرين يخبرنا بمدى أهميته وتشابكه. فشرق المتوسط يحوى «نقاوة» الدول الأكثر اشتعالاً أو قابلية للاشتعال السريع والمريع لأسباب سياسية وطائفية واقتصادية، ناهيك عن كون البعض منها الملعب الخلفى لسياسات وتناحرات ومصالح دول أخرى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. فمن المرض المزمن للقضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلى والفُرقة الداخلية بين الفلسطينيين، إلى وضع سوريا الذي تحول من الصعب إلى المنفجر، إلى الجنون التركى الشاطح غربًا والناطح جنوباً والطامح شمالاً، إلى لبنان المهدد بالانفجار دائماً وأبداً، ناهيك عن الأزمة القائمة بين تركيا وقبرص والوضع الغريب لـ«جمهورية شمال قبرص التركية» المعلنة من طرف واحد، والتى لا تعترف بها سوى تركيا، جاء كنز غاز المتوسط ليكشف الوجوه ويعيد الحسابات. ولعل الميزة الكبرى للوضع الحالى، بعد اكتشاف الغاز نفسه، هو أن جميع الأطراف- سواء تلك المالكة للغاز بحكم الموقع الجغرافى، أو المتعاملة في ملفه بحكم التعاقدات المبرمة، أو المصوبة عيونها عليه بغية الاستخدام والانتفاع- لم تعد تجد حاجة لادعاء الفضيلة أو التدخل باسم «دعم الديمقراطية» هنا أو «حماية المعارضة» هناك أو أي من هذه العبارات العظيمة. الجميع ضالع بحثاً عن مصالحه ولو على أجساد الآخرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خناقة شرق المتوسط الكبرى خناقة شرق المتوسط الكبرى



GMT 13:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 12:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 06:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon