توقيت القاهرة المحلي 00:39:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجتمعات المغلقة

  مصر اليوم -

المجتمعات المغلقة

بقلم : أمينة خيري

كثيرون ينتقدون فكرة المجتمعات المغلقة. يرون «الكومباواند» أو «المدينة الصغيرة المسورة» منظومة طبقية عنصرية ينبغى أن تٌهدم على رؤوس ساكنيها. وكم من قلم كتب صاحبه منددًا بهذه المجتمعات المخملية، ومحذرًا من الانفصال المجتمعى والفصام المعيشى إلى آخر مفردات الانتقاد الطبقى المعروفة.

لكن أحدًا من هؤلاء لم يسأل عن أسباب بزوغ ظاهرة المجتمعات المغلقة ورواجها رواجًا أزعم أنه غير مسبوق فى العالم. والمسألة لا يمكن اختزالها فى وفرة مالية أو رغبة اجتماعية فى التميز أو مخطط اقتصادى للانفصال. وعلى كل قادر على التخلى عن حنجوريته قليلاً، والابتعاد عن اتهاماته سابقة التعليب بعض الشىء أن يفكر قليلاً.

حتى سنوات قريبة مضت، لم يكن هناك فى مصر ما يعرف بـ«الكومباوند». وعلى الرغم من توافر إمكانيات صناعة ثقافة الكومباوند على مدى الأزمنة المختلفة، إلا أن الأثرياء وأبناء الطبقات الأرستقراطية كانوا يسكنون فى الزمالك والمعادى، والمنتمين للطبقة المتوسط يستقرون فى العجوزة والدقى والمنيل، وباقى الطبقات بين بولاق وإمبابة وشبرا والسيدة زينب وغيرها.

التقسيمة إذن بناء على الطبقة ليست ابتكارًا حديثًا أو اختراعًا وليد الأمس. وابن الزمالك حين كان يزور السيدة زينب لم يكن يشعر بأنه ينتمى للمكان، والعكس صحيح. وشعور الانتماء من عدمه لا يعنى نقصًا فى الاحترام أو شحًا فى الشعور بالآلام، أو رفضًا لوجود الآخر، لكنها سنة الحياة. ناس فوق، وناس تحت، وناس بين البينين. وشخصيًا أعرف عددًا غير قليل من أصحاب الأقلام والأصوات المنددة بالمجتمعات المغلقة التى تتنافى وانتماءاتهم الفكرية وتوجهاتهم الأيديولوجية التى اكتسبوا شهرتهم بسببها، وراجت أعمالهم وأنشطتهم بفعلها، وهم فى حقيقة الأمر يقطنون مجتمعات مغلقة، سواء بسور أو ببوابات.

بوابة الفهم تبدأ بنبذ طبقات الصدأ المتراكمة. ولذلك، فإن نعت كل ما ومن ينتمى لمجتمع مغلق بأنه «مش حاسس بالغلابة» و«آه يا بلد الفقير فيكى مالوش مكان» و«آه يا مصر ياللى الغنى فيكى بيدهس الفقير» إلى آخر الصعبانيات الاجتماعية لا يخرج عن إطار كونه أحاديث بغبغائية وسفسطة اجتماعية وخلخلة فكرية. فإما هو يتاجر بمشاعر الطبقات الأقل حظًا، أو إنه لم تتح له فرصة العيش فى مجتمع مغلق، أو هو رافض الاعتراف بأن الله سبحانه وتعالى خلق الناس طبقات ودرجات.

الطبقات والدرجات المختلفة لا تعنى أبدًا ألا تشعر هذه الطبقات ببعضها البعض، أو ألا تود بعضها البعض. وأن يشعر من يملك بمتاعب من لا يملك لا يعنى بالضرورة أن يترك الأول بيته ويقيم فى دار من لا يملك.

ومن يملك القدرة على التحليل سيعرف أن ما جرى فى مصر من انقلاب سلوكى وأخلاقى جعل البعض يقترض ويستدين لينجو بنفسه وأولاده فى مجتمع مغلق بعيدًا عن سلوكيات لا ينكرها إلا غائب عن البلاد أو غائب عن الوعى.

المصدر :

المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمعات المغلقة المجتمعات المغلقة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
  مصر اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon