بقلم - أمينة خيري
اعتقدت أن المقال السابق عن أهمية الهمزة والنقطتين المفرقتين بين التاء المربوطة والهاء سيقابل إما بـ«جهاد الهاها»، حيث إيموجى الضحك المبهم، أو بمنظومة «يا عم هو إحنا لاقيين ناكل؟!» المزمنة. لكن حدث العكس. البداية كانت مكالمة هاتفية من أستاذى دكتور عبدالمنعم سعيد الذى أضاف هما جديدا لهموم الاستهانة بقواعد اللغة، وهو هم اللام الشمسية والقمرية. وهو هم مسموع يخبط أذن المستمع الذى يعنيه شأن اللغة. ويخبرنا كتاب قواعد النحو الذى حدثتكم عنه فى مقال الهمزة أن اللام الشمسية هى اللام التى تٌكتَب ولا تلفظ فى القراءة، وتأتى الحروف بعدها مشددة أو مضعفة. أما اللام القمرية فهى التى تُكتَب وتلفظ وتكون حركة اللام السكون، وتأتى الحروف بعدها غير مشددة. أستاذى دكتور عبدالمنعم تحدث عن اللام الشمسية والقمرية تحديدا، لكنه يوافقنى الرأى فى أهمية احترام مثل هذه القواعد التى تبدو بسيطة أو غير ذات قيمة، لكنها بالغة الأهمية وإن ظلت بسيطة من حيث سبل معرفتها والتدريب عليها وتصحيحها، ففى احترام قواعد اللغة احترام لأصل الإنسان وفصله.
وليس من المعقول أن الشعب الذى يعتبر نفسه متدينا بالفطرة وقارئا نهما وحافظا أمينا للقرآن والإنجيل يعتبر قواعد اللغة كماليات هو فى غنى عنها. ومن الأقصر، أرسل القارئ العزيز الطالب محمد ممدوح عطيتو معلقا: «نحن شعب يحمل شهادات كثيرة، يتكلم كثيرا، لكن لا يقرأ ولا يكتب كثيرا. لو قرأ نصفنا ورقتين أسبوعين أو شهريا لتغير وضع اللغة تماما». ويقترح إعادة بث البرامج الإذاعية المحفزة على استخدام قواعد اللغة الصحيحة مثل برامج الراحل فاروق شوشة وغيرها. والقارئ العزيز أستاذ عمر مصطفى يرى أن البداية تكمن عند معلم اللغة العربية وأتفق معه بالطبع، لكن، وآه من ولكن، تضاؤل منظومة التعليم المدرسى لصالح زحف «السنتر»، على مدار عقود طويلة مضت، لم يترك مجالا للمعلم أن يكون معلما حقيقيا يعلم تعليما جيدا ويربى تربية صحيحة. أصبح التعليم لدينا هدفه الأوحد الشهادة التى لا تعكس جودة أو كفاءة، بل ربما لا تعكس قدرة على الكتابة والقراءة أصلا. بالطبع مازالت لدينا نماذج جيدة فى صفوف المعلمين، لكن «السنتر» خرب الأدمغة ومعها الكثير من الضمائر والأولويات. وجانب من المقاومة «الداخلية» لتطوير التعليم بحيث يعتمد الطالب على المدرسة و«بنك المعرفة» وليس المدرس الخصوصى تأتى من «بعض» المعلمين المتضررين من عودة مكون المعرفة وليس حشو الدرس الخصوصى للتعليم، وقطاع عريض من أولياء الأمور الذين لا تعنيهم الهمزة والتاء المربوطة واللام الشمسية بقدر ما تعنى الورقة المكتوب عليها إن الابن(ة) حاصل على الشهادة بمجموع 102%. وحين يكتب الابن(ة) تقريرا فى العمل خاليا من الهمزات وغارقا فى أخطاء النحو والصرف، كما أشارت القارئة العزيزة الأستاذة الدكتورة سعاد كامل رزق، فإن هذا لا يؤرق أحدا إلا فيما ندر.