توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما تبقى من صفقة القرن

  مصر اليوم -

ما تبقى من صفقة القرن

بقلم - محمد عصمت

بعد أن أقر الكنيست الإسرائيلى الأسبوع الماضى ما يعرف بـ«قانون القومية»، لم يعد لما يسمى بـ«صفقة القرن» نفس أهميتها السابقة، بل يمكن أن نقول إن «القانون» وضع «الصفقة» على الرف مؤقتا لتوظيفها فى مسارات أخرى، بعد أن قدم «القانون» لإسرائيل أكثر بكثير مما كانت ستحصل عليه منها، خاصة أن تمريره لم يثر أى ردود فعل عربية يمكن أن تحسب لها إسرائيل أى حساب، حيث لم تتعد بيانات الشجب والإدانة المألوفة!

صفقة القرن كما هو متاح إعلاميا حول بنودها الغامضة والتى كان من المقرر أن يعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نهاية الشهر الماضى كخطة تتبناها إدارته لإقرار ما ترى أنه «السلام الدائم والشامل» فى المنطقة، كان من المفترض أن تتضمن ضمن ما تتضمن إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على أجزاء الضفة الغربية وكل قطاع غزة، على أن تكون قرية أبوديس عاصمتها المقترحة، وإعطاء إسرائيل كل الصلاحيات الأمنية للرقابة على معابر الحدود، وحل مشكلة الازدحام السكانى فى غزة بتيادل اراضى، مع حزمة مساعدات دولية، على أن تعترف كل الدول العربية بإسرائيل وتقيم معها علاقات طبيعية.

لكن بقانون «القومية» حصلت إسرائيل على كل ذلك وأكثر، فبمقتضى هذا القانون أصبحت «دولة» إسرائيل هى الوطن القومى للشعب اليهودى، وحق تقرير المصير قاصر على اليهود وحدهم، والقدس الموحدة عاصمة لها للأبد لا مجال لأى مفاوضات بشأنها، واعتبار العبرية اللغة الرسمية الوحيدة للدولة، كما أن حق الهجرة الذى يؤدى للحصول على المواطنة الإسرائيلية قاصر على اليهود فقط.

لم يعد للفلسطينيين بعد إقرار هذا القانون أى حقوق تاريخية ولا حتى سياسية داخل إسرائيل، حق العودة التى يقره القانون الدولى لثمانية ملايين فلسطينى يعيشون فى الشتات أصبح بلا قيمة، الاستيطان اليهودى سيأكل المزيد والمزيد من أراض الفلسطينيين الذين سيتحولون إلى ضيوف غير مرغوب فيهم فى وطنهم، القدس ستصبح يهودية والأقصى وكنيسة المهد خاضعان للسيادة الإسرائيلية، حل الدولتين أصبح بدون معنى، كل التنازلات التى قدمتها الأطراف العربية بداية من زيارة السادات المشئومة للقدس حصلت عليها إسرائيل بلا مقابل.

القيمة الوحيدة المتبقية لصفقة القرن الآن عند إسرائيل ومن خلفها ترامب هى تسويق «قانون القومية» بين العرب، وضمان قبولهم بالأمر الواقع، بل وشغلهم بالجوانب الغامضة لهذه الصفقة وإثارة الخلافات بينهم، تمهيدا لإعطاء إسرائيل مفاتيح الهيمنة على المنطقة كلها، بعد أن رتبت «بيتها» من الداخل بالشكل الذى تريده!
مع ذلك ورغم كل هذا البؤس الذى يحيط بعالمنا العربى، فإن إسرائيل التى تعيد إنتاج نفسها كدولة دينية عنصرية، تدق أول مسمار فى نعشها، وتحكم بنفسها على الايديولوجية الصهيونية التى سوقتها فى الغرب على أنها حركة ديمقراطية للتحرر الوطنى، بأنها خليط مشوه بين نازية هتلر والفصل العنصرى فى جنوب افريقيا، دون ان تدرى أنها ستلقى نفس مصيرهما إن آجلا أو عاجلا.

كل دروس التاريخ تؤكد أن قيم الحرية والمساواة والعدالة هى التى تبنى الدول القوية، وعندما يبنى العرب دولهم على هذه القيم لن تجد إسرائيل مكانا لها فى المنطقة، وستتهاوى كقصر من الرمال، بدون حتى أن نطلق عليها رصاصة واحدة!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الشروق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما تبقى من صفقة القرن ما تبقى من صفقة القرن



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt