توقيت القاهرة المحلي 05:29:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما تبقى من صفقة القرن

  مصر اليوم -

ما تبقى من صفقة القرن

بقلم - محمد عصمت

بعد أن أقر الكنيست الإسرائيلى الأسبوع الماضى ما يعرف بـ«قانون القومية»، لم يعد لما يسمى بـ«صفقة القرن» نفس أهميتها السابقة، بل يمكن أن نقول إن «القانون» وضع «الصفقة» على الرف مؤقتا لتوظيفها فى مسارات أخرى، بعد أن قدم «القانون» لإسرائيل أكثر بكثير مما كانت ستحصل عليه منها، خاصة أن تمريره لم يثر أى ردود فعل عربية يمكن أن تحسب لها إسرائيل أى حساب، حيث لم تتعد بيانات الشجب والإدانة المألوفة!

صفقة القرن كما هو متاح إعلاميا حول بنودها الغامضة والتى كان من المقرر أن يعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نهاية الشهر الماضى كخطة تتبناها إدارته لإقرار ما ترى أنه «السلام الدائم والشامل» فى المنطقة، كان من المفترض أن تتضمن ضمن ما تتضمن إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على أجزاء الضفة الغربية وكل قطاع غزة، على أن تكون قرية أبوديس عاصمتها المقترحة، وإعطاء إسرائيل كل الصلاحيات الأمنية للرقابة على معابر الحدود، وحل مشكلة الازدحام السكانى فى غزة بتيادل اراضى، مع حزمة مساعدات دولية، على أن تعترف كل الدول العربية بإسرائيل وتقيم معها علاقات طبيعية.

لكن بقانون «القومية» حصلت إسرائيل على كل ذلك وأكثر، فبمقتضى هذا القانون أصبحت «دولة» إسرائيل هى الوطن القومى للشعب اليهودى، وحق تقرير المصير قاصر على اليهود وحدهم، والقدس الموحدة عاصمة لها للأبد لا مجال لأى مفاوضات بشأنها، واعتبار العبرية اللغة الرسمية الوحيدة للدولة، كما أن حق الهجرة الذى يؤدى للحصول على المواطنة الإسرائيلية قاصر على اليهود فقط.

لم يعد للفلسطينيين بعد إقرار هذا القانون أى حقوق تاريخية ولا حتى سياسية داخل إسرائيل، حق العودة التى يقره القانون الدولى لثمانية ملايين فلسطينى يعيشون فى الشتات أصبح بلا قيمة، الاستيطان اليهودى سيأكل المزيد والمزيد من أراض الفلسطينيين الذين سيتحولون إلى ضيوف غير مرغوب فيهم فى وطنهم، القدس ستصبح يهودية والأقصى وكنيسة المهد خاضعان للسيادة الإسرائيلية، حل الدولتين أصبح بدون معنى، كل التنازلات التى قدمتها الأطراف العربية بداية من زيارة السادات المشئومة للقدس حصلت عليها إسرائيل بلا مقابل.

القيمة الوحيدة المتبقية لصفقة القرن الآن عند إسرائيل ومن خلفها ترامب هى تسويق «قانون القومية» بين العرب، وضمان قبولهم بالأمر الواقع، بل وشغلهم بالجوانب الغامضة لهذه الصفقة وإثارة الخلافات بينهم، تمهيدا لإعطاء إسرائيل مفاتيح الهيمنة على المنطقة كلها، بعد أن رتبت «بيتها» من الداخل بالشكل الذى تريده!
مع ذلك ورغم كل هذا البؤس الذى يحيط بعالمنا العربى، فإن إسرائيل التى تعيد إنتاج نفسها كدولة دينية عنصرية، تدق أول مسمار فى نعشها، وتحكم بنفسها على الايديولوجية الصهيونية التى سوقتها فى الغرب على أنها حركة ديمقراطية للتحرر الوطنى، بأنها خليط مشوه بين نازية هتلر والفصل العنصرى فى جنوب افريقيا، دون ان تدرى أنها ستلقى نفس مصيرهما إن آجلا أو عاجلا.

كل دروس التاريخ تؤكد أن قيم الحرية والمساواة والعدالة هى التى تبنى الدول القوية، وعندما يبنى العرب دولهم على هذه القيم لن تجد إسرائيل مكانا لها فى المنطقة، وستتهاوى كقصر من الرمال، بدون حتى أن نطلق عليها رصاصة واحدة!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الشروق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما تبقى من صفقة القرن ما تبقى من صفقة القرن



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon