توقيت القاهرة المحلي 05:59:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تحمينا الأسوار العالية؟!

  مصر اليوم -

هل تحمينا الأسوار العالية

بقلم - مي عزام

(1)

عرفت المجتمعات والممالك- منذ قديم الزمن- القلاع والأسوار المحصنة لحماية حدودها، ولكنها جميعًا سقطت أمام الغزاة الأقوياء.

لم تكن هناك قلاع ولا حصون بين دول أوروبا فى الحربين العالميتين، ورغم ذلك كانت الحرب بين الحلفاء والمحور فى غاية الشراسة، وأدت إلى تدمير غير مسبوق. تم تقسيم أوروبا بين المعسكرين الشرقى والغربى، وقسّمت ألمانيا بين المعسكرين، وحمل سور برلين كل الآثار السلبية للحرب الباردة. بين ليلة وضحاها، استيقظ المواطن الألمانى ليجد صديق طفولته مواطنًا فى دولة أخرى معادية لبلده، وكان من الطبيعى أن يأتى يوم ويسقط جدار الهزيمة، وحين حدث ذلك توحدت ألمانيا من جديد، وأصبحت أقوى اقتصادٍ فى أوروبا.

(2)

فى العالم يتم تشييد جدران لأسباب عدة، بعضها بسبب الخلافات بين دول الجوار مثل الهند وباكستان وبنجلاديش، أو لمنع سهولة الانتقال من الجنوب الفقير إلى الشمال الغنى مثل جدار «مليلة» بين أسبانيا والمغرب، وهناك الجدار الذى شيدته إسرائيل على حدودها مع الضفة الغربية، هدفه المعلن: حماية أمن الإسرائيليين، لكنه جدار فصلٍ عنصرى لمنع سكان الضفة من التجول بحرية فى بلدهم. لا يختلف الأمر عما كان يحدث فى جنوب أفريقيا. واليوم ترامب يسعى لإقامة جدار على حدود بلاده مع المكسيك، لمنع الهجرة غير الشرعية بتكلفة تزيد عن 5 مليارات دولار، وهو ما لم يوافق الكونجرس عليه. لم يتراجع ترامب، بل هدد بإعلان حالة الطوارئ حتى يبنى الجيش الجدار من ميزانية وزراة الدفاع، وهو أمر لن يحدث على الأرجح.

(3)

طبيعى أن تتلاقى مفاهيم «ترامب» مع «نتنياهو» الذى أعلن من قبل عن تضامنه مع الرئيس الأمريكى وأمنياته له بالنجاح فى بناء الجدار.

تذكرنى جدران العزل الإسرائيلية بفيلم «الحرب العالمية زد» إنتاج 2013، تدور أحداثه حول تفشى وباء يحول البشر إلى مسوخ زومبى، دول العالم جميعها، أصيبت بالوباء عدا إسرائيل، بسبب الجدار الذى يعزلها عن العالم، وفى غمرة نشوة إسرائيل بهذا التميز، احتفل مواطنوها احتفالًا صاخبًا، لكن الضوضاء تجذب الزومبى وتثيرهم. تسلقوا الجدران غير عابئين بالرصاص المنهمر عليهم من الجيش والشرطة. وصل الوباء إلى قلب إسرائيل، وتفشى بسرعة مضاعفة نتيجة الجدار العازل المحيط بالدولة. إنها نفس فكرة حصان طروادة: العدو يختبئ فى عقر دارك.

(4)

حين شيدت إسرائيل خط بارليف ظنت أنه سيحميها من تقدم الجيش المصرى، لم يتصور قادتها العسكريون أن خراطيم الماء كافية، لتفتيت الأسطورة.

كل حاجز يتم بناؤه بغرض حرمان الإنسان من حقه الطبيعى- نهايته إلى زوال، وإن طال الزمن.

إنسان القرن الـ21 لن يعجز عن إيجاد وسيلة لخرق أى جدار يهدد حياته وحقوقه، ومنها تحديد إقامته وحقه فى التنقل وطموحه لحياة أفضل.

فيلم «إليزيوم» الجنة إنتاج 2013 أحداثه تدور فى المستقبل، حيث يعيش حكام العالم وطبقة الأثرياء فى الفضاء، فى «كمبوند» يشبه الجنة الموعودة، ويتركون البشر على كوكب الأرض يكدحون كالعبيد، حتى يظهر المخلص الذى يسرق الشفرة، ويفتح الجنة أمام سكان الأرض البائسين. «برومثيوس» فكرة لن تموت.

(5)

من حق الدول أن تدافع عن حدودها وتحميها، لكن عليها فى الوقت نفسه احترام حقوق الإنسان فى كل مكان وليس فقط مصلحة مواطنيها. تفكير العزل وغلق الآذان عن أنين الآخرين ليس حلا؛ حين يأتى الطوفان لن يفرق بين من يعيش فى السفح أو قمة الجبل.

العالم لا يحتاج لمزيد من الجدران العازلة، لكنه بحاجة إلى استعادة قيم العدل والمساواة والإخاء والتسامح، والكف عن ازدواجية المعايير، الدول والأنظمة التى تظن نفسها قوية ومهيمنة عليها أن تدرك أن القوة تحتوى بداخلها بذرة تدميرها، مثل «كعب أخيل».

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تحمينا الأسوار العالية هل تحمينا الأسوار العالية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon