توقيت القاهرة المحلي 05:29:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تمدد المشروع الإيرانى.. وغياب المشروع العربى

  مصر اليوم -

تمدد المشروع الإيرانى وغياب المشروع العربى

بقلم : مي عزام

(1)

صرح الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى بأن لدى إيران 13 سيناريو للرد على اغتيال قاسم سليمانى، وأن الثأر من الولايات المتحدة الأمريكية سيكون كابوسا لأمريكا. هذا التصريح واحد من ضمن سيل التصريحات التي خرجت من طهران وتعد جزءا من الحرب النفسية التي يستخدمها الإيرانيون بمهارة في مقابل التصريحات الأمريكية المهددة لهم، وهو ما جعل العالم يحبس أنفاسه تحسبًا للضربة الإيرانية ويتساءل عن المكان والزمان ورد الفعل الأمريكى، وإلى أي مدى سيشعل الصراع الأمريكى- الإيرانى النيران ويؤذى مصالح دول وحياة شعوب.

(2)

تمدد النفوذ الإيرانى في عدة دول عربية، جاء نتاجا طبيعيا لغياب المشروع العربى. «القومية العربية» كانت مشروعًا تزعمه عبدالناصر في القرن الماضى، حاربته أنظمة عربية رجعية، لكن أول إخفاق حقيقى له كان هزيمة 67. لم يتطور المشروع ليسمح باستيعاب أنظمة الحكم المختلفة في الوطن العربى وتغليب المصالح المشتركة على الأيديولوجيا، ولذا توالت خسائره باتفاقية كامب ديفيد، وعزلة مصر عن محيطها العربى وتراجع مكانتها الإقليمية، احتلال العراق للكويت، استدعاء قوات أجنبية لتحرير الكويت وأخيرا الصمت العربى أمام الغزو الأمريكى للعراق. العرب تركوا مواقعهم طواعية وكان عليهم أن يتوقعوا أنه سيأتى من يملأ الفراغ سريعًا وهو ما حدث.

(3)

إيران أكثر الدول استفادة من غزو صدام حسين للكويت، وتوالى النوائب على العراق انتهاء بتدمير القوات الأمريكية مؤسسات الدولة وتسريح الجيش الوطنى العراقى. في السنوات الأخيرة من القرن العشرين وضع الجنرال قاسم سليمانى قائد، فيلق القدس، (تأمل اختيار الاسم الذي يحمل قيمة خاصة عند العرب)، خطة لتحقيق الأمن القومى الإيرانى عبر مد النفوذ الإيرانى خارج حدود الجمهورية الإسلامية متخذا من المذهبية شعارا ومقاومة الهيمنة الأمريكية عنوانا. في حين اكتفت دول الخليج، الدول العربية الأكثر ثراء وتأثيرا بحكم ثرواتها، بالحماية الأمريكية بديلا عن العمل العربى المشترك، وغلبت المصالح الخليجية الآنية والضيقة على التخطيط لمشروع عربى يحفظ لكل دولة استقلالها الوطنى، وفى نفس الوقت يتشارك الجميع في تطوير وتنمية البلدان العربية والمساهمة في إنشاء قوة عسكرية مشتركة قادرة على الردع والحماية مثلما فعلت أوروبا بعد حربين عالميتين. فشل العرب كان مكسبًا لإيران.

(4)

«إيران لم تكسب حربا، ولم تخسر تفاوضا» تغريدة لترامب، فسرها البعض بأنها دعوة للتفاوض بين البلدين بديلا عن حرب ستخرج منها أمريكا منتصرة بقوتها العسكرية النووية الرادعة، ترامب كان موفقا في الشطر الثانى من تغريدته، بالفعل السياسة الخارجية الإيرانية ناجحة في خدمة المشروع الإيرانى، وجواد ظريف من أكثر وزراء الخارجية حنكة ومهارة وقدرة على دعم مواقف بلاده ومخاطبة الرأى العام العالمى مثل نظيره الروسى سيرجى لافروف. الصين وروسيا وإيران تمثل الآن تحالفا يرفض الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط بصفة خاصة والعالم بصفة عامة، المناورات البحرية التي جرت بين الدول الثلاث مؤخرا في شمال المحيط الهندى وبحر عمان حملت هذه الرسالة، روسيا وإيران أكثر انخراطا عسكريا وبصورة علنية في المنطقة على عكس الصين، لكن اللعب الآن أصبح على المكشوف والانحيازات واضحة.

(5)

يأتى الآن الحديث عن الموقف المصرى وبقية الدول العربية في ظل محاولة دول إقليمية غير عربية الهيمنة والتدخل تحقيقا لمصالحها على حساب المصالح العربية، هل نكتفى بالشجب والتنديد والسعى للعون والحماية من هنا وهناك، أم علينا أن ندرس الأخطاء التي وقعنا فيها، واستخلاص الدروس والعبر ثم البدء في وضع مشروع عربى تجتمع عليه الشعوب العربية ويكون بديلا عن المذهبية والتشرذم الذي نعيشه، مشروع يحترم خصوصيتنا ويتلاءم مع عصرنا؟!. الشباب العربى يتوق لمشروع متكامل يكون ندًّا، بل متفوقًا على المشروع الفارسى والعثمانى وأكثر أخلاقية من المشروع الصهيونى الاستيطانى التوسعى. هذا المشروع يمكن أن يكون طوق النجاة وبديل الانزلاق في هوة الفوضى بسبب الحراك الشعبى الغاضب في العديد من البلدان العربية، لأنه يعين على إصلاح مسار الحكم في البلدان العربية وتحسين الصورة الذهنية للعرب في العالم واستعادة العربى ثقته في نفسه وحكامه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمدد المشروع الإيرانى وغياب المشروع العربى تمدد المشروع الإيرانى وغياب المشروع العربى



GMT 05:30 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

اعترافات ومراجعات (59) من أحمد حسنين إلى أسامة الباز

GMT 05:27 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

مشروع إنقاذ «بايدن»!

GMT 05:24 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

ما تحمله الجائزة

GMT 05:20 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

من هو (موسيقار الأجيال الحقيقي)؟!

GMT 05:16 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

هل من نجاة؟

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:11 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

مدافع الأهلي ياسر إبراهيم يحتفل ببطولاته مع الفريق المصري

GMT 23:17 2020 الإثنين ,07 أيلول / سبتمبر

مؤشرا البحرين العام والإسلامي يقفلان على ارتفاع

GMT 01:16 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

مجد القاسم يطرح أحدث أغنياته الجديدة "أنا نادم" ‏

GMT 06:08 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

شريف إكرامي يرد على مدحت العدل

GMT 01:32 2020 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

فايلر طلب من مسؤلي الأهلي تأجيل قمة الدوري المصري

GMT 00:35 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

شيرين رضا أناقة ما بعد الخمسين بأسلوب بنات العشرين

GMT 20:29 2019 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ننشر الأسعار الجديدة لتذاكر النقل العام

GMT 23:41 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مؤشر سوق مسقط يغلق منخفضًا الثلاثاء

GMT 09:52 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon