توقيت القاهرة المحلي 12:49:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بابا نويل وماما أمريكا

  مصر اليوم -

بابا نويل وماما أمريكا

بقلم : مي عزام

(1)

العالم كله تابع أخبار الانتخابات الأمريكية باهتمام، فهى الحملة الرئاسية الأشهر والأكثر تكلفة فى العالم، ويصاحبها صخب إعلامى وجدل وتحليلات سياسية وتوقعات عما سيكون عليه حال العالم فى السنوات الأربع القادمة، نظرا لمكانة أمريكا كدولة عظمى هى الأولى اقتصاديًّا وعلميًّا وعسكريًّا حتى الآن، وحتى يتغير هذا الأمر ستظل الانتخابات الأمريكية لها الحظوة فى المتابعة لا تنافسها أى انتخابات رئاسية حول العالم.

(2)

استطلاع للرأى أجرته مؤسسة «يو جوف» البريطانية، ونشرته بى بى سى مؤخرًا، جاء فيه أن النسبة الكبرى من العرب يفضلون فوز «بايدن»، فمن بين 3097 شخصًا، شملهم الاستطلاع، فى 18 دولة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضّل حوالى 39% «بايدن» بينما اختار 12% فقط «ترامب».

صورة «ترامب» حسب المراقبين تضررت فى الشارع العربى، بسبب قراره نقل السفارة الإسرائيلية للقدس ودعمه ضم مرتفعات الجولان السورية لإسرائيل، ومساندته كل المواقف الإسرائيلية، لكنه من ناحية أخرى حظى ببعض التأييد، خاصة فى منطقة الخليج بسبب قراره بخروج بلاده من الاتفاق النووى مع إيران.

(3)

بالنسبة لأنظمة الحكم، نقلت صحيفة «يسرائيل هايوم» المؤيدة لترامب عن دبلوماسى إماراتى وصفته بالرفيع، قوله إن «أنظارنا متجهة إلى الانتخابات فى الولايات المتحدة ونتمنى فوز ترامب، لكننا نستعد لإمكانية دخول رئيس جديد إلى الغرفة البيضاوية فى البيت الأبيض».

كما نقلت عن موظف رفيع فى المنامة، وصفته بأنه «مقرب من الأوساط الحاكمة فى الرياض وأبو ظبى»، قوله إن «هناك تخوفًا فى محور الدول العربية المعتدلة من هزيمة ترامب، ومن أن يقود فوز المرشح الديمقراطى جو بايدن إلى تغيير السياسة فى الشرق الأوسط».

(4)

هذه التوقعات ليست لها علاقة بنتيجة الانتخابات، ولكنها مؤشر على طريقة تفكيرنا كعرب شعوبًا وحكامًا، نترقب بقلق ورجاء ما تسفر عنه نتائج الانتخابات الأمريكية لما قد تحمله من تأثير على السياسة الداخلية والخارجية فى وطننا العربى، أمر يجب أن نفكر فى جدواه ودلائله. فالشعوب يجب ألا تنتظر عونًا من خارج حدودها وكذلك الأنظمة الحاكمة، يجب أن يكون سند شرعيتها الوحيد رضاء الشعب عن أدائها، والاستماع للناس وتفهم مطالبهم ومخاوفهم ومحاولة تحقيق طموحاتهم فى حياة كريمة وعادلة بحسن إدارة موارد البلاد وثرواتها وأن يكون فى مقدمة الأولويات تحسين حياة البسطاء وعامة الناس، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار اللازمين للتطوير والإبداع، أما «ترامب» و«بايدن» فهما قد يختلفان فى الأسلوب وترتيب الأولويات لكن ليس فى الأهداف الاستراتيجية الأمريكية.

(5)

التحالفات بين الدول تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، ويعزز ذلك قدرة كل دولة على تقديم نفسها كدولة قوية، داخليًّا بنظام حكم مستقر ديمقراطى رشيد واقتصاد قادر على تحقيق استقلالية صنع القرار وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وخارجيًّا بقدرتها على حماية حدودها وحقوقها ومصالحها ويضاف إلى ذلك نفوذها وتأثيرها فى محيطها الإقليمى ومشاركتها الدولية. مثل هذه الدول لا تصنعها أمريكا ولا تساهم فى تأسيسها، بل هى تصنع نفسها بإرادة شعوبها وكفاءة حكامها، فأمريكا ليست «بابا نويل» الذى يقدم هدايا أعياد الميلاد للشعوب والدول دون انتظار المقابل، لا شىء فى العالم مجانيًّا إلا حنان الأم كما يقال، وبالتأكيد أمريكا لا يتوفر فيها صفة الأمومة، فهى دولة عظمى تسعى لتحقيق مصالحها فى إطار النظام العالمى الذى وضعت خطوطه العريضة وهى مستعدة لهدمه لو انقلب الأمر ولم يعد يحقق مصالحها، كما فعل «ترامب» مع الصين وحلفائه الغربيين.

(6)

العالم يتغير بسرعة مذهلة، لكن منطقتنا توقف بها الزمن، فما زلنا نعيش لحظة سقوط الاتحاد السوفيتى وانفراد أمريكا بحكم العالم، نسعى لتقديم القرابين لسيد البيت الأبيض رغبة ورهبة. فلدىَّ قناعة بأن الشعوب وحدها هى التى تملك الحلول لمشاكلها والرد على ما يواجهها من تحديات، وسيد البيت الأبيض لا يملك المصباح السحرى، وسيكون عليه هو أيضًا أن يضع خطة عاجلة لمشاكل بلاده والتحديات التى ستواجهها فى السنوات القليلة القادمة.

ملحوظة: المقال أرسلته فى موعده صباح الثلاثاء قبل إعلان نتيجة الانتخابات الأمريكية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بابا نويل وماما أمريكا بابا نويل وماما أمريكا



GMT 13:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 12:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 06:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon