توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حصان طروادة الجديد

  مصر اليوم -

حصان طروادة الجديد

بقلم : مي عزام

(1)

لم يعد أحد يقف طويلًا أمام المقارنات التي يقدمها عدد من مراكز الأبحاث والمواقع الجادة حول ترتيب جيوش العالم، وفق إمكانيات تسليح وتجهيز الجيش وعدد أفراده.. الحروب العسكرية المباشرة لم تعد سوى خيار أخير، تتردد أغلب الدول في استخدامه، وتمت الاستعاضة عنها بأنواع أخرى من الحروب الخفية التي تخترق قلب الدول ولا تقف عند حدودها، مفهوم حصان طروادة عاد بقوة في القرن الـ21، ليثير مخاوف الدول العظمى حول إمكانيات اختراقها من الداخل.

(2)

منذ أيام، أعلن المدعى العام الأمريكى وليام بار: أن الولايات المتحدة وجّهت إلى أربعة عسكريين صينيين تهمة اختراق وكالة «إكويفاكس» للتصنيف الائتمانى عام 2017، والذى أثر على بيانات نحو 150 مليون مواطن أمريكى، وهو ما يعد أحد أكبر اختراقات البيانات في تاريخ الولايات المتحدة، وأضاف بار: إن لهذه البيانات قيمة اقتصادية، ويمكن أن تغذى هذه السرقات قدرة الصين على تطوير أدوات الذكاء الاصطناعى، ولقد نفت حكومة الصين هذه التهم جملة وتفصيلا.

بعد نجاح ترامب في انتخابات 2016، أُثير جدل حول دور روسيا في الانتخابات الأمريكية وتدخلها لصالح ترامب، وهو ما نفته موسكو، تلت ذلك تحقيقات كشفت عن فضيحة شركة «كامبريدج أناليتيكا» التي تعمل في مجال جمع المعلومات وتحليلها للتأثير على العمليات الانتخابية، وتم كشف تورط إدارة الفيس بوك حيث سلمت الشركة بيانات الملايين من مستخدميها، وتبين أن هذه البيانات استخدمتها الشركة للتأثير على الناخبين خلال استفتاء «بريكست» في بريطانيا والانتخابات الرئاسية في أمريكا، وتم كشف روابط بينها وبين روسيا. مخاوف التجسس والاختراق من الداخل جعلت أمريكا تفرض عقوبات على شركة هواوى الصينية، وتحذر حلفاءها الأوروبيين من التعامل معها في تطوير شبكة الجيل الخامس في بلادهم، ومازالت مديرة شركة هواوى (وابنة مؤسس الشركة) محتجزة في كندا تمهيدا لمحاكمتها في أمريكا.

(3)

نشأة الإنترنت بدأت في أمريكا كمشروع ممول من وزارة الدفاع الأمريكية للتواصل بين وحدات الجيش الأمريكى في ستينيات القرن الماضى، ثم تحول بعد انتهاء الحرب الباردة إلى أداة محورية للهيمنة الأمريكية، وإحدى قوى أمريكا الناعمة وأكثرها تأثيرًا، وهو ما دفع منافسى ومعارضى الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات احترازية تهدف لخلق نطاقات إقليمية ومحلية للإنترنت. الصين تعد النموذج الأكثر نجاحًا في السيطرة على حركة المعلومات بين الفضاء السيبرانى العالمى والمحلى من خلال «جدار الحماية العظيم» الخاص بها، فلقد قامت الصين بتحجيم الوصول إلى شبكة الإنترنت العالمية منذ البداية، بعد إصدار الحزب الشيوعى الحاكم قانونًا عام 1996 ينص على أن الحكومة هي التي تصدر تراخيص جميع مقدمى خدمات الإنترنت، وتوجيه حركة الإنترنت بشكل عام للمرور عبر شركات الاتصالات المملوكة للدولة. ومنذ ذلك الحين تم تطوير أنظمة التحكم، وضخ مبالغ هائلة لضمان فاعلية هذه الأنظمة. روسيا وإيران تحاولان السير على النهج الصينى، ببناء شبكات إنترنت محلية يمكن فصلها عن شبكة الإنترنت العالمية إذا تطلب الأمر في حالة وقوع اختراق للشبكات المحلية، مع بقائها داخليًا سليمة وعاملة. ومن أجل ذلك أصدرت روسيا قانون الإنترنت السيادى، واقترحت بناء شبكة إنترنت تشمل دول «البريكس» لتكون أداة للفكاك من الهيمنة الأمريكية الرقمية، وهو نفس التوجه بالنسبة للدولار ومحاولة الخروج من أسر هيمنته على المعاملات الدولية.

(4)

سهل أن تشترى أي دولة أجهزة تنصت وبرامج تجسس واختراق وقرصنة، لكن من باعها هذه البرامج يمكن أن يبيع أسرارها لمن يدفع أكثر، لذا الدول الرشيدة الواعية لمخاطر المستقبل يجب أن تضع استراتيجيات متزامنة تتعدى الاستعداد العسكرى بالجيوش التقليدية، وتتضمن الاستعداد لأشكال مختلفة من الصراعات المستقبلية. فيجب أن يكون هناك تخطيط استراتيجى يضع في حسابه: المجالات الجديدة للصراع، والطبيعة المتغيرة للخصوم، والطبيعة المتغيرة للأهداف، وأيضا الطبيعة المتغيرة للقوة، فيمكن لمجموعة صغيرة من قراصنة الكمبيوتر أن يحدثوا خسائر فادحة في اقتصاد دولة، وكذلك نشر فيروسات وبائية يمكن تخليقها في المعامل بسهولة، بالإضافة إلى مخاطر الجماعات الإرهابية الممولة والتى تنتقل بسهولة ويسر من بلد لآخر لتزعزع أمن واستقرار الدول وتعوق مسيرتها.

هل تعى مصر درس حصان طروادة؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حصان طروادة الجديد حصان طروادة الجديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt