توقيت القاهرة المحلي 16:49:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حصان طروادة الجديد

  مصر اليوم -

حصان طروادة الجديد

بقلم : مي عزام

(1)

لم يعد أحد يقف طويلًا أمام المقارنات التي يقدمها عدد من مراكز الأبحاث والمواقع الجادة حول ترتيب جيوش العالم، وفق إمكانيات تسليح وتجهيز الجيش وعدد أفراده.. الحروب العسكرية المباشرة لم تعد سوى خيار أخير، تتردد أغلب الدول في استخدامه، وتمت الاستعاضة عنها بأنواع أخرى من الحروب الخفية التي تخترق قلب الدول ولا تقف عند حدودها، مفهوم حصان طروادة عاد بقوة في القرن الـ21، ليثير مخاوف الدول العظمى حول إمكانيات اختراقها من الداخل.

(2)

منذ أيام، أعلن المدعى العام الأمريكى وليام بار: أن الولايات المتحدة وجّهت إلى أربعة عسكريين صينيين تهمة اختراق وكالة «إكويفاكس» للتصنيف الائتمانى عام 2017، والذى أثر على بيانات نحو 150 مليون مواطن أمريكى، وهو ما يعد أحد أكبر اختراقات البيانات في تاريخ الولايات المتحدة، وأضاف بار: إن لهذه البيانات قيمة اقتصادية، ويمكن أن تغذى هذه السرقات قدرة الصين على تطوير أدوات الذكاء الاصطناعى، ولقد نفت حكومة الصين هذه التهم جملة وتفصيلا.

بعد نجاح ترامب في انتخابات 2016، أُثير جدل حول دور روسيا في الانتخابات الأمريكية وتدخلها لصالح ترامب، وهو ما نفته موسكو، تلت ذلك تحقيقات كشفت عن فضيحة شركة «كامبريدج أناليتيكا» التي تعمل في مجال جمع المعلومات وتحليلها للتأثير على العمليات الانتخابية، وتم كشف تورط إدارة الفيس بوك حيث سلمت الشركة بيانات الملايين من مستخدميها، وتبين أن هذه البيانات استخدمتها الشركة للتأثير على الناخبين خلال استفتاء «بريكست» في بريطانيا والانتخابات الرئاسية في أمريكا، وتم كشف روابط بينها وبين روسيا. مخاوف التجسس والاختراق من الداخل جعلت أمريكا تفرض عقوبات على شركة هواوى الصينية، وتحذر حلفاءها الأوروبيين من التعامل معها في تطوير شبكة الجيل الخامس في بلادهم، ومازالت مديرة شركة هواوى (وابنة مؤسس الشركة) محتجزة في كندا تمهيدا لمحاكمتها في أمريكا.

(3)

نشأة الإنترنت بدأت في أمريكا كمشروع ممول من وزارة الدفاع الأمريكية للتواصل بين وحدات الجيش الأمريكى في ستينيات القرن الماضى، ثم تحول بعد انتهاء الحرب الباردة إلى أداة محورية للهيمنة الأمريكية، وإحدى قوى أمريكا الناعمة وأكثرها تأثيرًا، وهو ما دفع منافسى ومعارضى الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات احترازية تهدف لخلق نطاقات إقليمية ومحلية للإنترنت. الصين تعد النموذج الأكثر نجاحًا في السيطرة على حركة المعلومات بين الفضاء السيبرانى العالمى والمحلى من خلال «جدار الحماية العظيم» الخاص بها، فلقد قامت الصين بتحجيم الوصول إلى شبكة الإنترنت العالمية منذ البداية، بعد إصدار الحزب الشيوعى الحاكم قانونًا عام 1996 ينص على أن الحكومة هي التي تصدر تراخيص جميع مقدمى خدمات الإنترنت، وتوجيه حركة الإنترنت بشكل عام للمرور عبر شركات الاتصالات المملوكة للدولة. ومنذ ذلك الحين تم تطوير أنظمة التحكم، وضخ مبالغ هائلة لضمان فاعلية هذه الأنظمة. روسيا وإيران تحاولان السير على النهج الصينى، ببناء شبكات إنترنت محلية يمكن فصلها عن شبكة الإنترنت العالمية إذا تطلب الأمر في حالة وقوع اختراق للشبكات المحلية، مع بقائها داخليًا سليمة وعاملة. ومن أجل ذلك أصدرت روسيا قانون الإنترنت السيادى، واقترحت بناء شبكة إنترنت تشمل دول «البريكس» لتكون أداة للفكاك من الهيمنة الأمريكية الرقمية، وهو نفس التوجه بالنسبة للدولار ومحاولة الخروج من أسر هيمنته على المعاملات الدولية.

(4)

سهل أن تشترى أي دولة أجهزة تنصت وبرامج تجسس واختراق وقرصنة، لكن من باعها هذه البرامج يمكن أن يبيع أسرارها لمن يدفع أكثر، لذا الدول الرشيدة الواعية لمخاطر المستقبل يجب أن تضع استراتيجيات متزامنة تتعدى الاستعداد العسكرى بالجيوش التقليدية، وتتضمن الاستعداد لأشكال مختلفة من الصراعات المستقبلية. فيجب أن يكون هناك تخطيط استراتيجى يضع في حسابه: المجالات الجديدة للصراع، والطبيعة المتغيرة للخصوم، والطبيعة المتغيرة للأهداف، وأيضا الطبيعة المتغيرة للقوة، فيمكن لمجموعة صغيرة من قراصنة الكمبيوتر أن يحدثوا خسائر فادحة في اقتصاد دولة، وكذلك نشر فيروسات وبائية يمكن تخليقها في المعامل بسهولة، بالإضافة إلى مخاطر الجماعات الإرهابية الممولة والتى تنتقل بسهولة ويسر من بلد لآخر لتزعزع أمن واستقرار الدول وتعوق مسيرتها.

هل تعى مصر درس حصان طروادة؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حصان طروادة الجديد حصان طروادة الجديد



GMT 05:08 2024 السبت ,18 أيار / مايو

مورد محدود

GMT 05:02 2024 السبت ,18 أيار / مايو

نهاية مصارعة الثيران

GMT 04:57 2024 السبت ,18 أيار / مايو

التكلفة الباهظة للفقر

GMT 04:52 2024 السبت ,18 أيار / مايو

«كايسيد»... الحوار والسلام في عالم متغير

اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:25 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
  مصر اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 06:00 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة
  مصر اليوم - الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة

GMT 21:38 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

سمير صبري يُطمئن الجمهور بعد تعرضه لحادث

GMT 16:11 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

آيس كريم الفانيلا

GMT 09:05 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على طقس الثلاثاء في مدن ومحافظات مصر

GMT 16:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

اليونايتد يرفض طلب مانشيتر سيتي قبل الديربي

GMT 03:55 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

خنازير البحر أبرز الأنواع المعرّضة إلى خطر الانقراض

GMT 22:56 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

رجل مقنّع يثير الرعب بين نساء مدينة بريطانية

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بعثة المنتخب تصل القاهرة بعد أداء مناسك العمرة الأربعاء

GMT 22:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ندوة "لا تغضب" عن الإعجاز العلمي في صيدلة الفيوم

GMT 04:18 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

المصمم اللبناني إيلي صعب يطرح مجموعته لربيع وصيف 2017
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon