توقيت القاهرة المحلي 07:23:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كم هي ثقيلة الحياة على أمثالنا!

  مصر اليوم -

كم هي ثقيلة الحياة على أمثالنا

بقلم : مي عزام

(1)

أصبحت الكتابة في زمن الكورونا محيرة، الكآبة شعور عام يشترك فيه سكان المعمورة شمالًا وجنوبًا، فقراءً وأغنياءً، موسم الصيف والإجازات مختلف هذا العام، السفر والحركة محدودة بجغرافيا الدول، لم يعد هناك رواج للسياحة الخارجية، من يستطيع خوض تجربة سفر ذهاب دون عودة؟!، فربما يظل عالقًا لشهور خارج وطنه بعيدًا عن أهله. الناس توقفت عن وضع خطط طويلة الأجل، واليوم نعيشه كخطة قصيرة الأجل، ورغم كل ما نحن فيه من محنة عالمية، مازالت هناك دول تسعى للهيمنة والنفوذ والاستيلاء على حقوق الشعوب مدفوعة بقدرتها العسكرية، الصراعات والحروب المتفرقة لا تهدف إلى إقامة العدل وتحسين حياة الشعوب، لكن تصب في صالح صُناع الأسلحة ومرتزقة الحروب وسماسرة الموت وتجار الدم.

(2)

كم هي ثقيلة الحياة بكل هذه الهموم التي يحملها المواطن العالمى على كاهله وهو يتابع نشرات الأخبار التي تنقل له الأحداث على مدار الساعة!. جهازنا العصبى والنفسى غير مؤهل لاستقبال كل هذا الفيضان من الصور والكلمات واتخاذ حكم صائب حيالها، أضف إليها مئات الرسائل التي تصلك كل يوم عبر وسائل التواصل الاجتماعى، والتى تنمو على حساب حياتنا الشخصية وتتركنا منهكين.. المعلومات الكثيرة والمتضاربة حول نفس الحدث لا تعطى عقلنا فرصة ليعمل بكفاءة ويقرر بمنطقية، ويصبح القرار السهل هو اتباع من يشبهك ولو ظاهريًا، لتصبح فردًا في طابور طويل من الألتراس الذي يشجع فريقه حال انتصاره أو هزيمته، لا تعطى لعقلك فرصة لتَبيُّن الصواب من الخطأ.

(3)

يظن البعض أن تضخم حجم المعلومات المتوافرة عبر محركات البحث ووسائل التواصل الحديثة يزيد فرصة وصول الفرد إلى اختيارات أفضل لحياته، والواقع أنه يزيد التشتت ويعوق التفرد، ويجعل الفرد منصاعًا كليًا للحملات الإعلامية والإعلانية والكتائب الإلكترونية التي توجهه هو وغيره نحو اختيار معين ومسار محدد.

عالمنا لا يقدم لأحد خدمات مجانية، بقليل من البحث تدرك أن تطبيقات التواصل المجانية أنت فيها السلعة والثمن، ما تقدمه من معلومات عن نفسك وتسمح باستخدامه عند قبولك شروط التطبيق يكفى ويزيد. هذه المعلومات إلى جانب مراقبة اهتماماتك ودائرة معارفك يتم تصنيفها في قاعدة بيانات، وهى أغلى سلعة في العالم الآن، يعاد بيعها بملايين الدولارات لكل قادر على الدفع: شركات تجارية، حملات انتخابية، توجيه الرأى العام في الاستفتاءات، تجنيد إرهابيين، إذكاء شرارة حركات التمرد والانقلابات والثورات حول العالم.. هناك فيلمان شاهدتهما يوضحان الأمر، وهما:

The Hater،The Great Hack

نحن لا نعيش عصر الحريات كما يتوهم البعض، بالعكس حريتك تضيق دائرتها، ولا يسمح لك إلا بنقلات قصيرة المدى ومحددة، نحن نعيش أكثر العصور الإنسانية انتهاكًا للخصوصية وتطويرًا لأدوات الرقابة والهيمنة واستلاب عقول الجماهير الغفيرة، والجماهير هنا لم تعد مقصورة على دولة بعينها كما كان الحال في الدول الشمولية، بل تتجاوزها إلى سكان العالم.. المطلوب أن يعيش الجميع وفق منظومة ثقافية رأسمالية تعيد صياغة الأخلاق والقيم والمفاهيم لتأسيس دول الماتريكس العالمية.

(4)

العلم ليس إلهًا يُعبد، بل أداة تستخدم لتحسين حياة الناس في كل المجالات، جائحة كورونا أثبتت عكس ذلك، أمريكا هي الدولة الأولى في الإنفاق على البحث العلمى، لكن للأسف النسبة الأكبر منه تذهب لتطوير السلاح، ونصيبها من إجمالى الإنفاق العسكرى العالمى بلغ 36%، لذا ظهر عجزها عن حماية مواطنيها وتوفير الرعاية الطبية لهم أثناء جائحة كورونا، وبدت كدولة من العالم الثالث، أمريكا لن تخسر ريادتها بسبب غطرستها، ولكن بسبب أنها لم تعد قدوة يحتذى بها.

(5)

السنوات العشر القادمة، لو قدر لنا الله أن نشهدها، سيتغير النظام العالمى وسنشهد صعود دول وأفول أخرى، وستزيد محاولات الاستقطاب من قبل الدول العظمى المتنافسة.. القوى الإقليمية في منطقتنا تسابق الزمن لتضع لها موطئ قدم في النظام الجديد بتحالفات جديدة مبنية على قدرتها على التأثير والفعل في المنطقة. وسنتعرض إلى أعلى مستوى من التشويش نتيجة تعدد الأقطاب. موقفنا اليوم هو الذي سيحدد مكانتنا في المستقبل القريب، وهل ندرك ما نحن فيه أم نساق إلى الهاوية؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم هي ثقيلة الحياة على أمثالنا كم هي ثقيلة الحياة على أمثالنا



GMT 09:47 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

مواسمُ الأعياد.. والقلوبُ الحلوة

GMT 09:43 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

بورصة التغيير!

GMT 09:40 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

فنى ثم فنى ثم بيتى!!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

القبطى الوحيد

GMT 09:35 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

صناعة البديل

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:23 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

تأكيد مقتل رهينة إسرائيلي محتجز في قطاع غزة
  مصر اليوم - تأكيد مقتل رهينة إسرائيلي محتجز في قطاع غزة
  مصر اليوم - نتنياهو يجدد رفض مقترح الهدنة ويتمسك بعملية رفح

GMT 17:22 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يرفض دفع مستحقات فتح الله المتأخرة

GMT 06:38 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

انجي المقدم تكشف أحداث دورها في مسلسل "سقوط حر"

GMT 09:27 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

تونس تسترد قطعا أثرية نقدية من النرويج

GMT 01:00 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

441 مليون دولار صادرات بترولية مصرية مطلع 2021

GMT 04:02 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

GMT 22:11 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل الرواني باحترافية

GMT 19:43 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس الإيطالي يقترب من أولى صفقاته الشتوية

GMT 08:56 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

أوزيل يقترب من الانضمام لـ دي سي يونايتد الأمريكي

GMT 15:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

حقيقة ظهور حالات إنفلونزا الطيور في محافظات مصر

GMT 06:57 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تشير الأوضاع الفلكية الى انشغالات عديدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon