توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زيادة نسل.. أم مشكلة سكانية؟

  مصر اليوم -

زيادة نسل أم مشكلة سكانية

بقلم : مي عزام

(1)

على مدى عقود، تحدث رؤساء مصر المتعاقبون عن زيادة النسل كعائق أمام التنمية وتوفير حياة كريمة للمصريين، فحتى يشعر المواطن بالتحسن المعيشى لابد أن تكون معدلات التنمية أعلى من الزيادة السكانية، وهو ما لم يحدث أبدًا. ولأن أغلب دخل مصر ريعى وليس إنتاجيًا، فالزيادة السكانية تتحول إلى عبء، المواليد الجدد يلتهمون ثمار التنمية ويذهب نتاجها إلى توفير الخدمات الأساسية بدلًا من استثمارها فى قطاعات تولد إنتاجًا وتوفر المبالغ اللازمة لتحديث التعليم وتحسين الرعاية الصحية والبنية التحتية.

(2)

ما العمل إذًا؟!

عقود طويلة اختزلت الحكومات المصرية قضية السكان فى «زيادة النسل»، رغم أن القضية لها أبعاد متعددة، منها زيادة النسل بالتأكيد، أضف إليها سوء توزيع السكان وتركزهم فى مساحة محدودة من مساحة البلد، والفروق الكبيرة بين محافظات مصر حيث تتراجع الخدمات المقدمة فى الريف وبخاصة الصعيد مقارنة بالعاصمة والمحافظات الكبرى، وهو ما يؤدى إلى الهجرة إلى المدينة والبناء العشوائى.. خصائص السكان، لأن هذا الأمر له أهمية كبرى لوضع خطة ناجحة لحل المشكلة السكانية.

مشكلة السكان حلها ليس عند المواطن وحده، لكن العبء الأكبر يقع على عاتق الحكومة التى تدير أموره بقوانين وقرارات ملزمة يقرّها البرلمان ممثل الشعب والمنوطة به مراقبة الحكومة لصالح المواطن.

كل مجتمع له هويته وثقافته، وهو ما يلقى بظلاله على المشكلة السكانية، فيجب أن تتواءم الخطة الحكومية مع هذه الهوية، ويمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى هذا المجال، لكن لا يمكن نقلها حرفيا فى مصر.. حل المشكلة السكانية فى اعتقادى يجب أن يسير فى عدة مسارات.. وأطرح هنا أفكارًا لعلها تكون مفيدة:

■ الأم هى حجر الأساس فى الأسرة، لو تم التركيز على توعية الإناث فى الريف بأهمية التعليم وتحفيزهن بشتى الطرق فسيكون لهذا تأثير كبير على تنظيم النسل وتحسين خصائص الأسرة، الأم المتعلمة ستحرص على تعليم أولادها وتوفير حياة أفضل لأولادها.

■ وضع خطة خمسية لإعادة توزيع الكثافة السكانية فى مصر، والتى تتسبب فى انهيار المرافق وسوء الخدمات المقدمة.. نحن نتمركز فى مساحة لا تتجاوز 9% من إجمالى مساحة مصر، وبحسب الإحصائيات فإنّ أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان هى القاهرة الكبرى، حيث تتجاوز الكثافة السكانية 40 ألف شخص/كم² وهى من أعلى نسب الكثافة فى العالم. توزيع السكان لا يعتمد فقط على إنشاء مدن جديدة، لكن وجود خدمات متوفرة فيها، وأبواب رزق لساكنيها حتى لا يهجروها ويستقروا فيها.

■ وضع استراتيجية متكاملة للتعليم العالى والفنى تربط التعليم بسوق العمل، ورفع كفاءة الشباب المصرى وتأهيله وتدريبه بصفة مستمرة حتى يواكب التطور المذهل فى التكنولوجيا.. أقترح تحويل مراكز الشباب إلى مراكز تأهيل وتدريب مستمر، لأنها تغطى كل محافظات مصر، ريفًا وحضرًا. هذه الخطوة تساهم فى تحسين خصائص السكان وتقلل من نسبة البطالة بين الشباب، وهم الشريحة الأكبر من السكان.

■ تطوير القرى وتحويلها إلى وحدات إنتاجية حتى تتوقف الهجرة من الريف للمدينة. خطة الدولة لتطوير 1800 قرية خطوة مهمة، لكن يجب أن يرافقها تصور لتحسين دخل أهل الريف بمشاريع إنتاجية إلى جانب الزراعة.

■ محاربة الفساد بشتى أنواعه.. هناك اتهام مستمر على مدى عقود لزيادة النسل بأنها سبب إفقار مصر وتخلُّفها عن التنمية، لكن طبقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية، فإن الفساد هو أساس مشكلة الفقر التى يعانى منها العالم، وهو أقوى عامل يحول دون محاربته.

«دافيد نوسبوم»، المدير التنفيذى للمنظمة، صرح منذ سنوات: بـ«أن الفساد عملية منظمة تهدف إلى سلب الفرص من الرجال والنساء والأطفال العاجزين عن حماية أنفسهم».

الفساد يعوق التنمية الاقتصادية، ويعرقل العدالة الاجتماعية، ويجهض أحلام المواطنين، ويغلق أمامهم أفق الحياة الجيدة ذات المعايير الإنسانية الكريمة المنصوص عليها فى مواثيق حقوق الإنسان الدولية.. الفساد يجعل المواطن ييأس من إمكانية تغيير أوضاعه إلى الأفضل، فتصبح كل الأمور عنده سواء، فلا فرق أن ينجب طفلا أو عشرة مادامت حياته ستظل على ما هى عليه، بل ربما ساعدته كثرة العيال فى التخفيف من أعبائها.

(3)

قُل المشكلة السكانية والفساد سبب عرقلة التنمية والتحديث، ولا تقل زيادة النسل.. الأخيرة جزء من كلّ، والأولى مشكلة المصريين جميعًا، مَن يقتنع منهم بتحديد النسل ومَن يكفر بالفكرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيادة نسل أم مشكلة سكانية زيادة نسل أم مشكلة سكانية



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt