توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخديعة الترامبية: من التطبيع إلى سد النهضة

  مصر اليوم -

الخديعة الترامبية من التطبيع إلى سد النهضة

بقلم : مي عزام

(1)

وصف ترامب اتفاق السلام بين السودان وإسرائيل بأنه تم من دون «قطرة دم فى الرمال»، وهو تعبير يليق بترامب، فهو يبدو فخيمًا لكنه عديم المعنى. وأضاف أن هناك خمس دول عربية أخرى ترغب فى التطبيع مع إسرائيل بينها السعودية، لكن الانتخابات الأمريكية ستتم فى غضون أيام معدودة مما يجعل من المستحيل إبرام اتفاقيات أخرى حاليًا.

اتفاقيات التطبيع جاءت فى توقيت غير مناسب، فعادة الاتفاقيات التى تسبق الانتخابات الرئاسية بشهور قليلة تكون محل خلاف فى حال رحيل الرئيس الذى أشرف على إبرامها، كما حدث فى الاتفاق النووى الإيرانى الذى تم توقيعه فى يوليو 2015 بعد مفاوضات وخلافات استمرت أكثر من عشر سنوات ووقّعت عليه أمريكا والدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا، قبل شهور قليلة من انتهاء ولاية «أوباما» الثانية، ثم جاء «ترامب» وأعلن انسحاب بلاده منه عام 2018. السودان تم الضغط عليه للتطبيع مقابل رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب بشكل رسمى، بعد تحويل الخرطوم مبلغ 335 مليون دولار إلى واشنطن كتعويضات متفق عليها، والتى تخص ضحايا الاعتداءات على السفارتين الأمريكيتين فى كينيا وتنزانيا. وزير الخارجية الأمريكى «مايك بومبيو» حث الكونجرس على تمرير اتفاق رفع السودان من قوائم الإرهاب بسرعة قبل منتصف أكتوبر، بحجة سرعة تعويض الضحايا، لكن التعجل كان سببه التحضير لتوقيع اتفاق التطبيع بين السودان وإسرائيل فى نفس الشهر والمشروط برفع العقوبات. «جاريد كوشنر»، عراب التطبيع، سعى جاهدًا لإتمام هذه الاتفاقيات قبل نهاية ولاية حماه، مقدمًا لإسرائيل هدايا مجانية لم تكن تحلم بها وتزيد عما خططه فيما يسمى «صفقة القرن». دفعت الخرطوم مبلغا ضخما لأمريكا، ووافقت على عودة عدد ضخم من المهاجرين السودانيين الذين دخلوا إسرائيل بشكل غير شرعى خلال السنوات الماضية، وبذلك حلت لإسرائيل إحدى مشاكلها الداخلية المُلحة!.

(2)

ترامب ليس رجل سياسة، فهو لا يعير القانون الدولى اهتمامًا، لم يدرس التاريخ ولا يفهم فى الجغرافيا، اهتمامه منحصر فى إرضاء اللوبى الصهيونى الذى يسانده بقوة وإصرار صهره «كوشنر»، ولم يفكر فى صورة أمريكا كدولة عظمى عليها أن ترعى اتفاق سلام حقيقيًا يؤدى إلى استقرار المنطقة، حيث يتم تعويض الفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. مخاوف الخليج من إيران لن يهدئها التطبيع مع إسرائيل بل سيزيد الوضع تعقيدًا.. وآمال السودان فى الخروج من عثرتها وعودتها للمجتمع الدولى وإمكانية حصولها على قروض لتحسين الأوضاع المعيشية بها والبدء فى تعافى اقتصادها الخرب لن تتحقق كما تأمل، بل ستزيد أعباء القروض والتدخلات الناتجة عنها، وستزيد الأمر صعوبة فى الداخل السودانى المنقسم حول التطبيع.

(3)

يوم الجمعة الماضى وبعد إعلان ترامب اتفاق تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، انتقد موقف إثيوبيا المتشدد من مفاوضات سد النهضة، قائلا إن مصر قد تعمد إلى «تفجيره» لأنها لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة.. تصريح أثار ردود فعل متباينة، واعتبره البعض موافقة أمريكية ضمنية على قيام مصر بعمل عسكرى ضد السد الذى يمنع عنها شريان الحياة، ولا أدرى لماذا ذكّرنى الأمر بالموقف الغامض للسفيرة الأمريكية فى العراق «أبريل جلاسبي» والتى قيل إنها أعطت «الضوء الأخضر» لصدام حسين لغزو الكويت أثناء لقائها به قبيل اجتياح الجيش العراقى للكويت بأيام معدودة، وكان بداية نكبة العراق وتدميره.

أمريكا، بحكم مكانتها، لديها كروت ضغط كثيرة ومؤثرة.. فلماذا لم تستخدمها مع إثيوبيا، خاصة أنها استضافت محادثات سد النهضة فى نوفمبر من العام الماضى وانتهت بخيبة أمل كبيرة لمصر، فلم توقع إثيوبيا على الاتفاق رغم توقيع مصر عليه؟!، لماذا صمت ترامب شهورًا ليفاجئ العالم بهذا التصريح المثير قبل أيام قليلة من بدء انتخابات ستحدد مصيره فى البيت الأبيض؟!.

الرئيس الأمريكى طوال فترة رئاسته لم يقدم حلولًا لأزمات كوكبنا المتراكمة، بل على العكس، شخصيته النرجسية جعلته يريد فرض رؤيته الأحادية على العالم، أزاح فيها الحلفاء قبل المنافسين، لم يقدم للعالم أو للمنطقة العربية أى عون أو حلول بحكم موقعه كرئيس أقوى دولة فى العام عسكريًا واقتصاديًا، ولكنه سعى جاهدًا لهدم قواعد النظام العالمى القائم دون أن يقدم بديلًا أفضل لنظام عالمى جديد.. الفراغ الذى أحدثه بمواقفه ستملأه قوى عالمية صاعدة عن قريب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخديعة الترامبية من التطبيع إلى سد النهضة الخديعة الترامبية من التطبيع إلى سد النهضة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt