توقيت القاهرة المحلي 13:17:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصين تختار الاقتصاد على الديمقراطية

  مصر اليوم -

الصين تختار الاقتصاد على الديمقراطية

بقلم - نصر محمد عارف

 فى 25 فبراير الماضى اجتمعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصيني، وقررت السير فى إجراءات تعديل المادة 79 من الدستور التى تقضى بألا يبقى الرئيس ونائبه فى الحكم لأكثر من فترتين متتاليتين، وبذلك سيكون متاحاً للرئيس الحالى (شى جين بينغ) ونائبه اللذين ستنتهى ولايتهما فى عام 2022، البقاء فى الحكم مدى الحياة، وتأتى هذه الخطوة فى ظل بوادر حرب اقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، وفى ظل ضغوط غربية متزايدة على الصين فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان والديمقراطية، وحرية تدفق المعلوماتةالخ. فلماذا اختارت القيادة الصينية السير عكس التيار العالمى الذى يعلى قيمة الديمقراطية، وتحرص دول العالم غير الغربى على التمسح بالديمقراطية، ولو بصورة شكلية أو زائفة؟ هل يمثل هذا التحرك نكوصاً من جانب القيادة الصينية عن التحول من الشيوعية الى السوق الحر، والحكم الرشيد، والديمقراطية؟ أم أن هناك حسابات أخرى للصين تفوق منظومة الديمقراطية وتفوق بالتالى كل متعلقاتها؟

نشرتُ فى عام 2006 كتيبا عنوانه (الاتجاهات المعاصرة فى السياسة المقارنة: التحول من الدولة الى المجتمع، ومن الثقافة الى السوق)، كانت الفكرة المركزية فيه؛ أن من أهم نتائج العولمة، وثورة الاتصالات والمواصلات، والثورة التكنولوجية أن نظم الحكم سوف تشهد تحولاً جذرياً سيكون فيه المجتمع أهم من الدولة ومؤسساتها؛ بصور تقود الى تهميش دور الدولة وتقوية دور المجتمع ممثلا فى القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والى تقليل الاعتماد على الدولة ومن ثم يكون لدينا نموذج لمجتمع قوى ودولة ضعيفة، وسيتم التحول من الاهتمام بالثقافة السياسية، واعتبار أنها المحرك الرئيسى لتوجهات الحكم والسلطة الى السوق بصفته هو مركز تحريك وتوجيه الحكم والسلطة، ومن ثم الدولة. هذا التحول الضخم فى طبيعة نظم الحكم حدث فى معظم دول العالم، إلا العالم العربى الذى أدت ثورات ربيعه الى العودة الى مركزية دور الدولة؛ بعد انهيار المجتمع أو تفككه وتشرذمه، ودخوله فى حالة احتراب داخلي، وحتى الدولة لم يعد الاهتمام منصباً على وظائفها وأدوارها؛ بل أصبح مركزا بصورة أساسية على إعادة بنائها، وترسيخ أركانها بعد أن أوشكت على السقوط. إذا نظرنا إلى الصين من هذه الزاوية سنجد أن هناك تحولا ضخما فى الداخل الصيني، حيث انطلق المجتمع الصينى بعنف نحو المشروع الخاص، وظهر جيل من الشباب الطموح الذى حقق ثروات هائلة فى عمر مبكر جدا، وأصبحت الصين تشبه انطلاقة الرأسمالية الأوروبية فى بواكيرها، أو الولايات المتحدة فى بداية نهضتهاةكنت فى زيارة للصين منذ أسبوعين، ورأيت وسمعت ما يؤكد القناعة بأن النخبة الاقتصادية الصاعدة تتوثب للانطلاق الى جميع بقاع العالم؛ سعياً وراء الثراء السريع بصورة تعتمد على معطيات الثورة التكنولوجية، أو الثورة الصناعية الرابعة، والابتكار، والتجارة واقتناص الفرص بصورة مشروعة وعادلة، وبدون نزعة استعمارية. واقع الصين الحالى يقول لنا أن المجتمع الصينى يعى بصورة جيدة أنه فى لحظة تاريخية فاصلة، لم تتكرر منذ 1421 ميلادية حين استطاع الأسطول الصينى بقيادة الأدميرال المسلم (زينج هي) الذى كان يطوف حول العالم بأسطول مكون من 300 سفينة، واكتشف أمريكا قبل كولومبوس بسبعين عاما، وهناك كتاب يؤرخ لقصته صدر بالإنجليزية عنوانه (1421 )، هذه اللحظة التاريخية الحاضرة تتأهب فيها الصين لقيادة الاقتصاد العالمي، فمن المقرر أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة فى التجارة الدولية, وتكون هى الدولة الأولى فى العالم بحلول عام 2025، وبحلول عام 2035 ستكون الصين الدول الأولى فى العالم من حيث حجم الدخل القومى الإجمالي، وبحلول عام 2050 سيكون الدخل القومى الصينى تقريبا ضعف الدخل القومى الأمريكي، حيث سوف يبلغ إجمالى الناتج المحلى الصينى 58 تريليون دولار، يليه الهندى 44 تريليون دولار، ثم أمريكا 34 تريليون دولار، فإندونيسيا 10 تريليونات دولار، وبعد ذلك تأتى كل من البرازيل ثم روسيا 7 تريليونات دولار، ثم المكسيك واليابان والمانيا 6 تريليونات دولار، وبريطانيا 5 تريليونات دولار. فى ظل هذا التحول الكبير فى الاقتصاد الدولي، وتأهب الصين لحالة التدافع العنيف لتكون الرقم الأول عالمياً؛ من المؤكد سيكون المجتمع الصينى فى حالة استنفار اقتصادى شديد، لا مجال فيها لرفاهية الديمقراطية، وألاعيب الانتخابات التى تربك المجتمعات، وفى ظل حالة الصراع العنيف مع الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة لم تعد الصين تكترث بالتهم التى يوجهها الغرب، ولم تعد تهتم بإرضائه، او الحصول على صكوك الغفران الديمقراطى من معابده السياسية، فالصين والولايات المتحدة فى لعبة شد الحبل منذ مدة، وقد تحولت الى تكسير عظام فى الفترة الأخيرة، ففى عام 2017 يميل الميزان التجارى بين الصين والولايات المتحدة بمقدار 100 مليار دولار عجزا أمريكيا لصالح الصين، وفى نفس العام وصل الاحتياطى الصينى من الدولار فقط 3 تريليونات دولار تستطيع الصين بطرحها فى السوق أن تسقط الاقتصاد الأمريكي، لذلك لم تعد تكترث بتهم مخالفة الديمقراطية.

نقلا عن الاهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصين تختار الاقتصاد على الديمقراطية الصين تختار الاقتصاد على الديمقراطية



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt