توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين الرواية البوليسية؟!

  مصر اليوم -

أين الرواية البوليسية

بقلم - يوسف القعيد

 ذَكَّرتنى هذه الرواية بتجربة مدهشة قام بها التليفزيون المصرى فى ستينيات القرن الماضي. لم يبق منها سوى العنوان الكبير. لكن ضاع من الذاكرة صاحب الفكرة والمخرج والممثلون والكُتَّاب. باستثناء الكاتب الذى تولى كتابة الحلقة الأولى من المسلسل، وهو نجيب محفوظ.

كان العنوان: قصة وعشرة مؤلفين. كتب نجيب محفوظ الحلقة الأولى منها. ومن الطبيعى أن يتجه إلى مسلسل: الجريمة. ليضمن تتابع الأحداث وينتقل من مؤلف إلى آخر حتى نصل إلى النهاية. وعادة فى روايات أو مسلسلات الجريمة لا تكون هناك نهاية بالمعنى المعروف الذى نجده فى الرواية العادية أو المسلسل العادي.

وهكذا بقيت تجربة الستينيات يتيمة. هل نجحت؟ لا أدري. هل فشلت؟ لا أتذكر. لكن عدم تكرارها يثير تساؤلات كثيرة. ثم إنها لم تنتقل إلى فكرة السرد والحكى والقص بعيداً عن الدراما التليفزيونية. فلم نجد عملاً روائياً واحداً منشوراً فى كتاب يشارك فى كتابته أكثر من مؤلف. ولا مسلسلاً إذاعياً ولا عرضاً مسرحياً.

تصورت مع مرور الوقت أن المناخ الثقافى والإعلامى والفكرى العام الذى كان سائداً فى ستينيات القرن الماضي. ربما كان السبب فى هذا العمل الذى بقى متفرداً ولم يتكرر مرة أخرى. لكن ما لم أستطع تصوره أن نفس الفكرة لم تطرأ لناشر كتب ولا مؤسسة ثقافية مثل نادى القصة أو لجنة القصة والرواية فى المجلس الأعلى للثقافة لمعاودة الاهتمام بها. هل هو تغير الزمان؟ أم تبدل الذائقة؟ أم أن المجتمع الذى أفرز تلك المحاولة فى الستينيات لم يعد له وجود؟. إلى أن وجدتنى أمام رواية عنوانها: البرىء وعدالة الموت. يسبق العنوان عبارة: ستة وعشرون كاتباً ولغز واحد. والعمل منشور سنة 2012 من الدار العربية للعلوم ناشرون. وغلافه الخارجى لا يحمل اسم مؤلف. ولا حتى مترجم. لكن بالداخل وبعد كلمة تأليف نقرأ: نخبة من كُتَّاب الرواية البوليسية المشاهير. وترجمه: حسان البستاني. وراجعه وحرره: مركز التعريب والبرمجة فى دار النشر.

أعترف بأن الـ 26 كاتباً الذين شاركوا فى تأليف العمل لم أسمع عن اسم واحد منهم. رغم وهم المتابعة الذى أتصور أننى حريص عليه وأقوم به باستمرار دون كلل ومن غير ملل. وعموماً فإن الرواية البوليسية تزدهر كثيراً جداً فى هذه الأيام. نجد العشرات من الروائيين ـ خصوصاً الشباب منهم ـ يكتبون الرواية البوليسية. هذا الوضع موجود فى العالم. ربما كان موجوداً عندنا.

لكن الإقبال على كتابة الرواية البوليسية ونشرها وقراءتها. هل تبعه جهد نقدي؟ يؤصل لهذا النوع من الروايات. أم أن الأمر نشر فقط؟ ثم لماذا لم يفرز هذا الكم من كتابة النص الروائى البوليسى أسماء كبيرة مثل كُتَّاب الرواية البوليسية المشاهير الذين عرفناهم فى الغرب بعد ترجمتهم.

ويُعتبر الروائى الأمريكى المؤسس إدغار آلان بو 19 يناير 1809 - 7 أكتوبر 1849. مؤسس القصة البوليسية وذلك بقصّته «جرائم شارع مورغ المنشورة عام 1841». ثم جاء بعده من كتاب الرواية البوليسية التى تشكل إضافة لما قام به الرائد الأول السير آرثر كونان دويل وأجاثا كريستى وجورج سيمنون الذين شكلوا. رموز كتابة الرواية البوليسية فى الغرب.

تبقى لديَّ معلومتان عن الرواية البوليسية قبل الكتابة عن العمل الذى أثار كل هذه المشاعر والخواطر فى نفسي. الأولى عندما زرت الاتحاد السوفيتى بعد أن أصبح اسمه روسيا. وذلك بعد انهيار التجربة الاشتراكية الأولى فى العالم. قال لى مترجمى الشاب إنه يحاول ما لم يحاوله أحد من قبل فى بلاده. إنه يجرب كتابة الرواية البوليسية.

استغربت كلامه ودُهشت منه. وتساءلت: هل كانت كتابة الرواية البوليسية ممنوعة فى الاتحاد السوفيتى السابق؟ قال لى الشاب: لم تكن ممنوعة بالمعنى الحرفى للمنع. ولكن كانت ثمة نظرة لها على أنها من فنون البرجوازية الرثة التى تلهى الشعوب عن مصائرها الحقيقية. وأن ازدهارها يعنى أن ثمة خطأ ما فى الواقع الاجتماعي. لذلك لم يحاول أحد تجريب كتابة مثل هذه الرواية. وقتها لم أكن أعرف الدكتور أنور إبراهيم عُمدة مترجمى الآداب السوفيتية سابقاً، الروسية الآن حتى أسأله عن دقة الكلام. وأيضاً خلال وجودى فى موسكو وليننجراد التى أصبحت بطرسبرج بعد ما جري. لم أجد الوقت الكافى لأسأل صديقتى ومترجمتى إلى اللغة الروسية: فاليريا كيربتشينكو عن هذه الظاهرة. وللأسف أيضاً تاه منى اسم هذا المترجم الشاب من العربية إلى الروسية لأتابع الأمر: هل احترف كتابة القصة البوليسية أم لا؟ وبالمناسبة فإن فاليريا كيربتشينكو هى والدة سفير روسيا فى مصر الآن: سيرجى كيربتشينكو.

الواقعة الثانية أن فتحى غانم ـ وهو من هو ـ قال لى إنه كان يريد أن يجرب كتابة الرواية البوليسية. ولم لا؟ سأل نفسه قبل أن يسألني. وأنه كتب روايته: من أين؟ كنوع من ممارسة حقه الذى لا يناقشه أحد فى أن يجرب شكلاً أدبياً يخشى الكثيرون من الاقتراب منه.

قرأت الرواية أيامها. والذاكرة بقدر ما تحفظ لنا تجارب العمر وذكريات الحياة. فهى قد تكون خَوَّانة. وقد قرأت أن أقوى ذاكرة عرفتها البشرية هى ذاكرة الأفيال. وأن أضعف ذاكرة وجدت هى ذاكرة الأسماك. ولا أريد الاستطراد فى أمور أرددها وإن لم تُتح لى فرصة التأكد منها.

رواية من أين تدور أحداثها قرار سياسى اتخذ فى أواخر خمسينيات القرن الماضى أو أوائل الستينيات. بتغيير العملة المصرية. شكلها وطباعتها واعتبار أن الموجود منها فى الأسواق كأنه لم يكن. وطرح عملات جديدة ربما كانت هى الموجودة والسارية حتى الآن.

قيل وقتها إن الجنيه المصرى كان يتعرض لمؤامرة غربية. أو أنه جرى تزويره بكميات مهولة للتأثير على الاقتصاد المصرى كجزء من حروب الغرب مع تجربة عبد الناصر فى بناء مصر الحديثة. وفتحى غانم تدور روايته حول مجموعة تُهَرِّب أموالاً خارج مصر. ثم تفاجأ بمثل هذا القرار السياسى الذى ربما كانت له مبرراته الوطنية التى لا بد من الاستجابة لها. لكن أيضاً قد تكون له آثار جانبية فى أسواق المال وأمام صُناع الجريمة من المهربين.


نقلا عن الاهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين الرواية البوليسية أين الرواية البوليسية



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt