توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خط فى رمال متحركة

  مصر اليوم -

خط فى رمال متحركة

بقلم - خولة مطر

ماذا يحدث فى الخليج؟ وماذا يحدث لأهله؟ أين رحلت تلك المشاعر القومية أو الإنسانية؟.. ما الذى حدث للتعاطف والتلاحم والمحبة؟.. 
مثل هذه الأسئلة كثير ما تتردد ليس فقط خلال اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات، بل وعلى شبكات التواصل كلها.. الأسئلة الكثيرة هى انعكاس لمجموعة من التصريحات والرسائل المختصرة والمواقف التى يرسلها بعض الخليجيين والخليجيات على مواقعهم فى التويتر أو الفيسبوك أو الانستغرام.. 
***
عند تلقى الأسئلة لا يستطيع الخليجى أيضا إلا أن يردد أن هؤلاء لا يمثلون الأغلبية العظمى بل على العكس هناك أغلبية قد لا يكون صوتها بنفس نبرة العلو ولكنها موجودة وهى لا تستطيع أن ترى نفسها سوى ضمن محيطها الأكبر والدوائر المتسعة من التلاقى مع البشر فى كل مكان.. وهذا رغما عن الجهود الكبيرة التى تقوم بها بعض الأجهزة أو الشخصيات أو الجهات أو أو! لرسم خط فى الرمال المتحركة يفصل بين أبناء الخليج وأهلهم الأقرب لهم فى المحيط العربى الواسع الذى هو كقوس القزح بتلاوين وتنوعات وأحلام وتطلعات قد تبدو متعددة ولكنها ليست مختلفة كثيرا عن أحلام الخليجى والخليجية البسطاء جدا.. أولئك الذين لم يدخلوا حلبة المنافسة لإثبات أنهم حضاريون «متمدنون» ومتماشون مع الموضة العالمية فى تقبل الآخر، والجميع يعرف دون مجهود كبير أن هذه العبارة الفضفاضة تستخدم للتعبير عن تقبل الصهاينة والإسرائيليين أكثر من تقبل المواطن الخليجى والعربى المختلف فى الطائفة أو الدين أو العقيدة أو الفكر أو حتى توجهاته وتوجهاتها الجسدية! نعم إننا متسامحون جدا فى مدن الضباب ولكننا منغلقون بنفس الحماس فى مدن «الطوز» والأبراج العالية والتسابق فيما بيننا ومنذ سنين طوال على الأكبر والأوسع والأعمق.. مثل هذا كمثل انعكاسات الغيم على زجاج ناطحات السحب الكبيرة فى صحراء الخليج والجزيرة.. أكثر هشاشة من الرسم فوق الماء.
***
بعض الخليجيين ومنهم من يطلق عليهم «مفكرين» أو أساتذة جامعات ومن حاملى الشهادات المطرزة بحرف الدال التى أصبحت أكثر انتشارا من عدد المركبات فى شوارع ضواحينا.. بعضهم يردد «لماذا يكرهوننا؟» فى محاولة لطرح نفس ذاك السؤال الذى طرحه بعض الأمريكيين بعد أحداث 11 سبتمبر أو حتى بعد التفجيرات المتكررة هنا وهناك أو الانتقادات والملاحظات على سياسة الإدارة الأمريكية.. وهنا سقط الخليجى أو يعمل بعضهم على إخضاعه لغسيل للدماغ يصور له أن أى انتقاد للسياسة الخارجية لحكومته تعنى كرها وحقدا وحسدا من العرب تجاه الخليجيين الذين ينعمون بالخير والنعمة! منطق لا يمكن وصفه إلا بالمنطق المريض والناقص وغير القادر على التمييز. ويتزامن مع هذا الخطاب محاولة من البعض لتصوير الخليجى على أنه المواطن السعيد المحظوظ أو «السوبر إنسان»! أو أنه المواطن «المدلل» وهذه نظرة فيها شيء من السطحية إن لم يكن قلة الفهم بالواقع الخليجى. 
***
ومثل هذه النظرة والفكر لا بد وأن تأتى بانعكاسات لا يمكن أن تكون إيجابية على عالم يعمل على التقارب وتقليص الفجوات بين الثقافات والشعوب وإلغاء الحدود المصطنعة أصلا وتحويلها إلى جسور للحضارة والثقافة التى تقرب لا تفرق.. توحد لا تمزق، خاصة إذا كان ما سيتم تمزيقه هو مهلهل أصلا ولم يعرف الوحدة إلا فى نفحات متقطعة من تاريخه الحديث منذ الاستقلال عن الاستعمار رغم أن كلمة استقلال لا تبدو هى الأدق فى وصف حال بعضنا أو ربما كلنا!
***
عندما يفكر أحد الحاملين للألقاب و«الأختام» بتكرار الجمل المنمقة المستقاة من كتب علم الاجتماع وعلم الإنسان، حيث يوجه خطابا للعرب بأن الخليجيين قادمون وأنكم قد سيطرتم على المنطقة بما فيه الكفاية حتى دمرتم ومزقتم هذه المنطقة أكثر. وعندما يعيد آخر أو أخرى «المعايير» بأننا دفعنا لهم هكذا مبلغا ولم تتحرر الأرض لأنهم صرفوها على بذخ قيادتهم بدلا من الشعب المحتل، وعندما تردد سيدة بأنهم جاءوا للرزق فماذا ينتظرون الآن؟ دون أن تتحلى بصفات الخليجى الأصيل الذى يذكر معروف العرب، كل العرب الذين ساهموا فى التعليم والثقافة وبناء الدولة الحديثة فى معظم إن لم يكن كل دول الخليج.. 
***
عندما تتكرر مثل هذه الخطابات التى تخلق الانشقاقات فليتأكد الجميع أنها لن تقف عند الحدود الفاصلة بين الـ «نحن» والـ «هم» بل ستصل إلى تقسيم الـ «نحن» أيضا إلى جزئيات صغيرة من الطفيليات التى قد تطفو لبعض الوقت على السطح ولكنها عاجزة عن أن تخلق وطنا. 

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خط فى رمال متحركة خط فى رمال متحركة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon