توقيت القاهرة المحلي 18:55:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليست «بمبى» أو «كحلى غامق»

  مصر اليوم -

ليست «بمبى» أو «كحلى غامق»

بقلم : عماد الدين حسين

 مساء الأحد الماضى قابلت خبيرا اقتصاديا مرموقا بصحبة بعض الأصدقاء المتميزين. وخلافا للحديث الشائك الذى يشغل غالبية مجالس المثقفين المصريين هذه الأيام والمتعلق بالقبض على عنان وأبوالفتوح وجنينة، والحرب على الإرهاب، فإننا جميعا أنصتنا إلى كلام هذا الخبير، خصوصا أنه عمل فى الحكومة والمؤسسات المالية المختلفة، كما أنه مارس السياسة على أرض الواقع.

هو يرى بالطبع أن هناك أزمة اقتصادية حقيقية، لكنه ليس متشائما على طول الخط. هو من النوع المتوازن الذى يقول إن هناك سلبيات كثيرة، لكن هناك إيجابيات. ومن أجل كل ذلك فإنه ينال احتراما كبيرا وسط كل معارفه.

يقول إن هناك تحسنا فى معدل النمو، لكن الأهم من النمو هو التنمية. نعرف جميعا أن حكومات حسنى مبارك الأخيرة حققت نسب نمو قاربت الـ٨٪، لكن ذلك لم ينعكس على غالبية المواطنين، ولم تسقط ثمار النمو التى تحدث عنها أحمد عز وجمال مبارك والمجموعة الاقتصادية على الفقراء فى تلك الأيام. وبالتالى فالمهم دائما هو طريقة توزيع عائد هذا النمو، من أجل تنمية للمجتمع بأكمله خصوصا للفقراء والطبقة المتوسطة.

هو يقول إن بعض قرارات الإصلاح كانت حتمية، لكن للأسف فإننا دفعنا الثمن الصعب والمؤلم فيها، ولم نجن ثمار الجانب الإيجابى منها حتى الآن، ونتمنى أن يحدث هذا الأمر قريبا،هي حسب تعبيره " خلقت قاعدة جيدة للبناء..لكننا لم نبت عليها بعد".

هو يتفهم الذين يؤيدون المشروعات الكبرى خصوصا تلك المتعلقة بالمقاولات، فهى توفر العديد من فرص العمل، لكنها للأسف فرص عمل غير دائمة. وبالتالى علينا ألا نغفل المشروعات الإنتاجية، لانها توفر فرص عمل حقيقية ودائمة ومنتجة. على سبيل المثال إنشاء عاصمة جديدة قد يوفر فرص عمل لعشرين أو حتى خمسين ألف شخص، لكن بعد نهاية المشروع، لن يحتفظ بوظيفته إلا البواب والجناينى!!. فى حين أن مصنعا يعمل به خمسون شخصا فقط سوف يستمرون فى وظائفهم إلى الأبد.

أحد الجالسين سأل: ولكن المشكلة هى الانحياز الطبقى للحكومة ضد الفقراء؟!.

الخبير الاقتصادى، قال إن ذلك ليس صحيحا، هناك بالطبع انحياز لكل حكومة، لكن فى حالة المصرية الراهنة، فإن ذلك ليس دقيقا، المشكلة أن الحكومات تميل أحيانا إلى «الشغل التنفيذى السهل». مثلا إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، أمر سهل جدا بإقامة مبان ومنشآت وطرق جديدة تماما، وعلى أرض فضاء، ويستطيع الناس أن يروا إنجازاتها بسهولة، فى حين أن إصلاح القاهرة القديمة، أمر صعب ويستغرق وقتا ويحتاج إلى أموال كثيرة، والأهم أن الناس قد لا تشعر بأن هناك إنجازا قد تم.

تعويم الجنيه، كان مهما جدا وحتميا من وجهة نظر الحكومة، فهو نظريا، سيؤدى إلى زيادة الصادرات وتقليل الواردات، وجذب المزيد من الاستثمارات، الأمر الذى سيؤدى لاحقا إلى تقليل عجز الموازنة.

هذه الأمور لم تتحقق بصورة كبيرة، خصوصا أن العجز فى الموازنة لم يتراجع بصورة ملموسة. والمفترض أن ما يتم توفيره يذهب لتوفير فرص عمل أو دعم التعليم والصحة. لكن الذى رأيناه حتى الآن أن تخفيض قيمة الجنيه جعل عائدات السياحة تتراجع بصورة فادحة. على سبيل المثال فإن السائح المقيم فى الغردقة يأتى يوما كاملا إلى الأقصر يأكل ويتجول ويشاهد الآثار العظيمة مقابل ١٥ دولارا فقط!!. والمستثمر أيضا الذى كان يدفع ١٠٠ مليون دولار لإقامة مشروع فى مصر، وجد نفسه فجأة يدفع خمسين مليون دولار فقط أو أقل!!.

تلك هى أبرز الأفكار التى سمعتها من الرجل، علما أنه فاتنى جزء من كلامه، لأننى حضرت متأخرا.

أتفق معه فى الكثير من الأفكار والرؤى، وأحترم منطقه، وأجده أكثر توازنا، كما أنه يرى كامل الصورة.

نحتاج فى مصر إلى الكثير من نوعية هذا الرجل، المخلص للبلد بلا حدود من دون ادعاء أو هتاف، الذى يرى الايجابيات ويعظمها والسلبيات ولا يضخمها، لا يطبل ولا يهدم. «الحياة بالنسبة إليه ليست بمبى أو كحلى غامق بل درجات متنوعة من الرمادى». كان الله فى عون الجميع.

نقلا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليست «بمبى» أو «كحلى غامق» ليست «بمبى» أو «كحلى غامق»



GMT 09:14 2024 السبت ,04 أيار / مايو

أن تمتلك إرادتك

GMT 09:11 2024 السبت ,04 أيار / مايو

دعوة الوليّة

GMT 09:07 2024 السبت ,04 أيار / مايو

إذا شئنا حكومة مقبلة

GMT 03:16 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

الوضوء الوطني

GMT 03:14 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

مصفاة جديدة للنبوغ!

GMT 04:47 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

معرض الدوحة الدولي للكتاب ينطلق في 9 مايو

GMT 07:50 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

حادث تحطم عنيف لأغلى سيارات فيراري على الطريق

GMT 16:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق طنطا يودع الكأس بالخسارة من الحدود بثنائية

GMT 23:43 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

"الجِفْتُون" و"الزَّبرجد" أهم جُزر "البحر الأحمر" السياحية

GMT 07:31 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

10 مطاعم مميزة في الطائف للعوائل تعرف عليها

GMT 10:50 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

شيرين رضا تنتقد قطع الأشجار

GMT 04:56 2019 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"أوبرا عايدة" تبهر الجمهور في الأقصر بعد 22 عامًا من الغياب

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

علماء يعلنون عن خمس قواعد تمنحك عمرًا إضافيًا

GMT 22:40 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

البيت الأبيض يعلن تمسك ترامب بقراره بشأن القدس

GMT 22:44 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

الديوان الملكي السعودي يصدر بيانًا بشأن صحة بن عبدالعزيز

GMT 02:35 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

الفنان أحمد سعد يراهن على نجاح فيلم "على وضعك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon