توقيت القاهرة المحلي 02:35:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إثيوبيا تعترف بالقوة وليس بالمفاوضات

  مصر اليوم -

إثيوبيا تعترف بالقوة وليس بالمفاوضات

بقلم: عماد الدين حسين

هل هناك أمل أن تقتنع إثيوبيا بالحلول السلمية القانونية العادلة لأزمة سد النهضة مع مصر والسودان؟
هذا السؤال وجهته لعدد كبير من سياسيين ودبلوماسيين وخبراء مصريين خدموا فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أو فى عواصم إفريقية قريبة منها أو فى ملفات متصلة بسد النهضة؟
الإجابة بنسبة ٩٠٪ تقريبا كانت لا. بعض هؤلاء خرجوا من الخدمة الدبلوماسية، أو تركوا هذا الملف لملفات أخرى وبعضهم لا يزال فيها.
سؤالى التالى كان: وما هو السبيل لإقناع إثيوبيا بضرورة التوصل إلى حل سلمى تفاوضى قانونى ملزم؟.
الإجابة كانت فى كلمة واحدة وهى القوة.
اندهشت من اتفاق غالبية الدبلوماسيين والسياسيين على هذه الإجابة.
أحد الخبراء المتابعين للملف الإثيوبى قال لى إن الموضوع ليس وليد اليوم، ولكنه حصيلة تراكم لمئات السنين، وربما ما هو أبعد من ذلك.
هناك عقدة لدى إثيوبيا اسمها مصر، هى تتوهم أن سبب فقر الشعب الإثيوبى أن مصر تحصل على غالبية مياه النيل، وتقيم بها نهضة اقتصادية اجتماعية عمرانية، وتحرم إثيوبيا من ذلك. وان كل مصرى لديه حمام سباحة على فيلته على صفاف النيل.
بالطبع هى تكذب على شعبها، ولا تخبره أن مصر يصلها ٥٥ مليار متر مكعب من المياه سنويا فقط، وشعبها يعانى من فقر مائى، فى حين يهطل على الهضبة الإثيوبية أكثر من ٩٠٠ مليار متر مكعب سنويا، لا تعرف كيف تتعامل معها الحكومات بصورة صحيحة.
هى تخبر شعبها أيضا أننا نتعالى عليهم ونتعامل معهم بصورة فوقية، وهو أمر غير صحيح أيضا، والدليل أن الرئيس عبدالفتاح السيسى مدَّ لهم كل أيادى الخير، وذهب إلى برلمانهم، وخطب فيهم، وقال لهم أنتم إخوة لنا، ونوافق على بناء سد النهضة، من أجل عملية التنمية لكم، لكن بشرط واحد أن تحافظوا على حقنا فى الحياة ولا تحرمونا من نصيبنا لأننا لا نملك غيره.
الموقف المصرى منذ عام ٢٠١٣ راهن على أن الخطوات السلمية المصرية تجاه إثيوبيا والزيارات المتبادلة واللغة الدبلوماسية، قد تقنع إثيوبيا بتغيير موقفها، لكن بعد تجربة حوالى عشر سنوات ثبت أن إثيوبيا لم تفعل غير المراوغة والتهرب حتى تصل إلى نقطة تعتقد أنها ستجبر فيها مصر على قبول الأمر الواقع.
وزير الخارجية المصرى الأسبق والأمين العام الحالى لجامعة الدول العربية كتب فى مذكراته المهمة «شهادتى» العديد من المعلومات والبيانات التى يمكنها أن تقودنا جميعا الآن إلى فهم العقلية الإثيوبية. هو قال مثلا إن ميليس زيناوى رئيس وزراء إثيوبيا الراحل زار مصر عام ١٩٩٣، وخلال المباحثات توصلنا إلى اتفاق طارئ بشأن كل ما يتعلق بمياه النيل، وبعد عامين من هذا الاتفاق، فوجئنا بإثيوبيا تلغى الاتفاق من دون الرجوع إلينا، وحينما سألناهم لماذا فعلتم ذلك؟ قالوا بكل وضوح: كنا ضعفاء ونخاف منكم ونخشى أن تهاجمونا وتجيشوا العالم ضدنا، أما الآن فقد صرنا أقوياء ولا نخشاكم!!!!.
هذه العقلية ثابتة ولم تتغير، وإذا كانت رفضت الحلول السلمية مع جزء من شعبها فى إقليم التيجراى، وإذا كانت تشن حربا على الحدود مع السودان، الذى وقف معها معظم الوقت ضد مصر طوال السنوات الماضية، فهل تستكثر أن تفعل ذلك معنا؟ وهى تصورنا باعتبارنا العدو التاريخى للشعب؟!!.
الذين تحدثت معهم قالوا جميعا إن موقف إثيوبيا لن يتغير قيد أنملة عن تصلبه إلا إذا تلقى ضربة تجعله يفيق من الأوهام التى يعيش فيها.
طبعا توجيه ضربة ليس بالأمر السهل، وهى تخضع لحسابات شديدة التعقيد، ولا يمكن لأحد أن يتخذ القرار الصحيح إلا من لديه المعلومات الكاملة والحسابات الدقيقة.
المسألة تصبح أقرب إلى صراع سيناريوهات، وهل نستمر فى المفاوضات العبثية، أم هل ننسحب من المفاوضات تماما ونكشف إثيوبيا أمام الرأى العام العالمى، وهل نضمن أساسا وجود ضغوط عالمية على إثيوبيا، وهى التى لم تتم حتى من دول عربية شقيقة لنا.
والسيناريو المهم على الإطلاق هو: ما هى المكاسب والخسائر فى حال اتخذنا قرار الضربة، وإذا تأكدنا يقينا أنه لا أمل مع أديس إبابا بالسياسة والمفاوضات، فإن توجيه الضربة سيكون قرارا لا بديل عنه، وأتصور أنه سيحظى بتأييد ١٠٠ مليون مصرى، سوف يحتشدون جميعا خلف قيادتهم وبلدهم ويتحملون كل العواقب فى سبيل ألا نصبح رهائن فى يد إثيوبيا ومن يساعدها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إثيوبيا تعترف بالقوة وليس بالمفاوضات إثيوبيا تعترف بالقوة وليس بالمفاوضات



GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon