توقيت القاهرة المحلي 12:18:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النجاح الباهر.. والواقع المؤلم

  مصر اليوم -

النجاح الباهر والواقع المؤلم

بقلم: عماد الدين حسين

صباح الأحد الماضى تشرفت بالحديث فى الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، وأشدت بالتنظيم المبهر لموكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارات بالفسطاط، وقلت إننا أدهشنا العالم بالنجاح الاستثنائى.

وفى ختام كلمتى قلت: إذا كنا قادرين على النجاح بهذه الصورة الإعجازية، كما فعلنا فى تعويم السفينة البنمية الجانحة بقناة السويس، فإننى أتمنى أن نطبق نفس المنهج والنموذج لحل بقية مشاكلنا الصعبة والمستمرة منذ عقود.

بعد نهاية الجلسة قابلنى عضو فاضل بالمجلس شغل العديد من المناصب التنفيذية المهمة، قبل أن يتقاعد، وقال لى: يا أخى يعنى لازم تختم كلمتك بهذا التساؤل، لماذا لم تكتف بالإشادة، بدلا من الحديث عن المشاكل الأخرى؟!!

وجهة نظر هذا العضو المحترم، الذى أكنّ له كل تقدير واحترام منذ سنوات، أنه فى هذا الوقت لا ينبغى أن نتحدث إلا عن النجاح والاحتفال، ولا داعى للحديث عن المشاكل الأخرى التى لم نستطع حلها.

تناقشت معه كثيرا، واكتشفت أنه ليس مجرد رأى فردى، بل هناك من يشاركه نفس الرأى على مواقع التواصل الاجتماعى، والأخطر أن هذا التيار يرى أننا طالما نجحنا فى تعويم السفينة ونقل المومياوات، فإن كل مشاكلنا قد تم حلها تقريبا. ولم يعد لدينا أى شىء يؤرقنا أو يقلقنا!

أقدر تماما هذا الشعور الوطنى الجارف، الذى يتمنى أن تنتهى كل المشاكل بغمضة عين لمجرد أننا نجحنا فى قضية أو قضيتين.

لكن التمنى شىء، والواقع شىء آخر تماما. هذا الواقع يقول إننا ونتيجة تراكمات استمرت عقود كثيرة، فإننا نعانى من مشاكل كثيرة اجتماعيا واقتصاديا وتعليميا وصحيا وخدميا.

لدينا مشكلة كبرى فى الموارد اللازمة للانطلاق والرئيس السيسى يكرر دائما أننا بحاجة إلى أكثر من تريليون دولار لكى نحل مشاكلنا الأساسية.

لدينا مشكلة ضخمة جدا فى التعليم. آلاف الطلاب خصوصا فى الدبلومات الفنية، يتخرجون نظريا، ومعهم شهادة فنية، لكنهم لا يعرفون كتابة اسمهم باللغة العربية، ولا يملكون أى مهارة فنية. هناك محاولة للتطوير، لكن نتائجها تحتاج وقتا حتى نرى الثمار.

لدينا مشكلة فى المستشفيات الحكومية، التى تحتاج إلى موارد كثيرة للتطوير، ولدينا قانون التأمين الصحى الشامل، الذى سوف يستغرق ما بين ١٠ ــ ١٥ سنة ليتم تطبيقه فى كل الجمهورية بسبب قلة الموارد.

نجحنا فى تطوير شبكة الطرق والجسور، لكننا نحتاج لموارد وكفاءات لتطوير السكة الحديد.

لدينا تحدٍ كبير فى تأمين حصتنا من مياه النيل، لأنها مفتاح أساسى للحفاظ على حقنا فى الحياة والزراعة والتقدم، والأمل كبير أنه بعد الخط الأحمر الذى حدده الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أيام، أن تعود إثيوبيا إلى رشدها، وتوقع معنا اتفاقا قانونيا ملزما.

لدينا مشاكل اجتماعية، وقيم سلبية كثيرة جاءت إلينا من مواقع التواصل الاجتماعى ومصادر أخرى مثيرة، صارت تؤثر على القيم المصرية الأصيلة.

لكن الشىء الإيجابى والمهم أن النجاح فى القناة وفى موكب ملوك الفراعنة، يعطينا أملا كبيرا بأننا نملك مفتايح حل هذه المشاكل، إذا تصرفنا بنفس الطريقة.

الغرق والاستغراق فى التفاؤل لا يقل خطرا عن الغرق فى التشاؤم.

الفرح مطلوب، لكن مهم جدا أن يكون مستندا إلى رؤية واقعية، وقراءة سليمة للأوضاع.

نعم أدرك أن هذا وقت للفرح والاحتفال، لكن بشرط ألا نعتقد أن كل مشاكلنا قد تم حلها. نحتاج موارد كثيرة جدا، حتى يمكننا التعامل مع الإهمال الشديد فى مرافق كثيرة تم إهمالها لسنوات.

نحتاج إلى رؤية نتيجة تطوير التعليم، لأنه المفتاح الأساسى لحل كل المشاكل، فهو يتعامل مع تأهيل وتطوير وتدريب البشر، الذين سيكونون وقتها قادرين على حل كل المشاكل.

صار لدينا وصفة النجاح، فهل نبدأ تطبيقها على كل ما نواجهه من مشاكل كثيرة؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النجاح الباهر والواقع المؤلم النجاح الباهر والواقع المؤلم



GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon