توقيت القاهرة المحلي 16:07:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العلاقة مع المسيحيين.. القاعدة والاستثناء

  مصر اليوم -

العلاقة مع المسيحيين القاعدة والاستثناء

بقلم - عماد الدين حسين

هل التضامن بين المسلمين والمسيحيين فى الحوادث الكبرى يعتبر خبرا مهما ينبغى إبرازه، أم أنه أمر عادى ويحدث فى مصر منذ آلاف السنين؟!
أطرح هذا السؤال تعليقا على ما قاله بعض المعلقين والمحللين عقب الحادث المفجع والمحزن بالحريق الذى وقع فى كنيسة «أبوسيفين» فى المنيرة الغربية بإمبابة صباح الأحد الماضى، وأدى إلى وفاة ٤١ شخصا وإصابة ١٤ آخرين.
الأصل فى الأمور والأشياء هو الجيرة والسلام والأخوة والعيش المشترك، وما دون ذلك هو الاستثناء الذى يفترض أن يؤكد القاعدة.
شخصيا ولدت فى قرية التمساحية بالقوصية بأسيوط وعشت فى هذه القرية حتى سن الثامنة عشرة، فى هذه القرية كانت البيوت متلاصقة ومتداخلة وكذلك الحقول، صحيح أنه كان هناك ما يطلق عليه درب النصارى أو عزبة النصارى، لكن عددا كبيرا من الإخوة المسيحيين كانوا يعيشون فى بيوت متداخلة مع المسلمين.
فى هذا الوقت كان كل الكبار فى القرية أعمامنا محمد وأحمد ومحمود، وجرجس وحنا وألفريد.
بعض زملائى وأصدقائى وأساتذتى فى القرية وما يجاورها من قرى كانوا وما يزالون من المسيحيين. نعيم وجوهر بسكاس وناشد موسى، وميلاد نعيم وعادل موسى وجمال جاد ود. فرنسيس عبدالملاك الذى صار الآن واحدا من ألمع أطباء الأعصاب فى السويد وما تزال علاقتنا قوية. كنا نلتقى فى المدرسة صباحا وفى الحقل ظهرا وفى ملاعب القرية الترابية عصرا، وعلى القنطرة ليلا.
فى الإعدادية قضيت السنوات الثلاث فى مدرسة الدير المحرق، بجوار هذا الدير الأثرى المهم جدا، حيث قضت السيدة مريم والسيد المسيح عليهما السلام أطول فترة وهى ستة شهور فى رحلة الهروب من الرومان. وهى آخر نقطة بلغتها رحلة العائلة المقدسة جنوبا، وليس مؤكدا أنهما ذهبا إلى درنكة جنوب أسيوط.
فى الإجازات الصيفية فإن أحد الطقوس الثابتة لشباب ورجال القرى المجاورة للدير هو حضور «مولد العدرا» أو «أم النور» فى الأسبوع الثالث من شهر يونيو من كل عام. نذهب لشراء الحمص والفول السودانى والألعاب المختلفة، ونعود ليلا مشيا على الأقدام لمسافة تزيد على خمسة كيلومترات.
حينما غادرت القرية وجئت إلى القاهرة خريف ١٩٨٢ للالتحاق بكلية الإعلام جامعة القاهرة فإن أول شخص كنت أذهب للمبيت عنده بعيدا عن المدينة الجامعية، هو زرعى سند فى أحد حوارى كلوت بك فى رمسيس، أو بيت عمى سيف أمين فى شبرا مصر مقابل كوبرى عبود..
الأمور والحياة المشتركة لم تكن مثالية أو سمنا على عسل، كان هناك بعض المتطرفين هنا وهناك، لكنهم كانوا هم الاستثناء وليس القاعدة. وبدأ صوتهم يعلو مع صعود تيار الإسلام السياسى وتوغله فى جامعات الصعيد، خصوصا فى جامعة أسيوط عقب التحالف الذى نشأ بينهم وبين أنور السادات لمواجهة اليسار، ثم قوى هذا التيار فى الثمانينيات وصار مسلحا ووجه رصاصاته ضد المسيحيين ومؤسسات الدولة.
فى قريتنا لم تكن هناك حوادث طائفية باستثناء اشتباك حدث أثناء إعادة ترميم كنيسة القرية، ووضع صليب نيون فوقها، وتم حل المشكلة سريعا، وكذلك حينما أعلن أحد الإخوة المسيحيين إسلامه، وقيل وقتها إن هدفه كان تفادى أداء الخدمة العسكرية.
توغل وتوحش الجماعات المتطرفة لاشك أثر إلى حد ما على علاقات المسلمين والمسيحيين فى العديد من الأماكن خصوصا فى الفترة من ١٩٩٠ وحتى ١٩٩٨، حينما استهدف المتطرفون والإرهابيون الأقباط للضغط على الدولة، لكن فى قريتنا وقرى كثيرة مجاورة ظلت علاقات الود هى الغالبة باستثناء متطرفين يعدون على أصابع اليد هنا وهناك.
أن يزور الأقباط بيوت المسلمين فى أعيادهم أو العكس فهذا ليس خبرا، لكنه الأمر الطبيعى المعتاد، مثلما يحدث فى الأفراح والأحزان. ربما حاول البعض أن يعتبرها حدثا حينما زاد تربص جهات معينة بهذا العلاقة، ومحاولة تفخيخها كما حدث فى العديد من بلدان المنطقة مثل لبنان والعراق وأحيانا ليبيا. ونتذكر أن القوات المسلحة ثأرت للأقباط الـ٢١ الذين أعدمهم داعش بدم بارد فى ليبيا قبل سنوات.
مرة أخرى الأصل فى العلاقة بين المسلمين والمسيحيين أن تكون صحيحة وسليمة وطبيعية، وعدا ذلك فهو الاستثناء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلاقة مع المسيحيين القاعدة والاستثناء العلاقة مع المسيحيين القاعدة والاستثناء



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:09 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024
  مصر اليوم - «عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024

GMT 19:30 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة إعداد ورق عنب مع كوسا وريش

GMT 08:40 2014 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التونة والدجاج تساعدان في زيادة خصوبة الزوجين

GMT 08:42 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريم البارودي تبدو أنيقة في بدلة وردية اللون

GMT 05:38 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور محمود الموجي يُبيّن أسباب رائحة الفم الكريهة

GMT 20:55 2014 الخميس ,14 آب / أغسطس

استقرار اﻷوضاع اﻷمنية في شوارع الأقصر

GMT 05:44 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مربى التفاح بالقرفة

GMT 16:29 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شركة سكودا تطلق الجيل الجديد من موديل سوبيرب

GMT 11:12 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

حمو بيكا يدعم طفلة مريضة سرطان ويقدم لها هدية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon