توقيت القاهرة المحلي 09:33:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الزعيم والإنسان: زهرة السجن

  مصر اليوم -

الزعيم والإنسان زهرة السجن

بقلم - سمير عطا الله

لم تشذ قواعد الثورات عن بعضها بعضاً، في أي تاريخ وفي أي مكان: ما إن ينتصر الرفاق على الأعداء حتى يبدأوا بأعناق بعضهم بعضاً. أحمد بن بلة كان رمز الثورة على الاستعمار الفرنسي، وأول رئيس للجزائر المستقلة. والثورة غير الدولة. فما أراد أن يطبقه من أحلام بدا أفكاراً رومانسية معرقلة. انقلب عليه العقيد هواري بومدين ولكن بشيء، أو بكثير من الاحترام: بدل غياهب السجون وأضيق وأظلم الزنازين، منزل ضيق ناءٍ لا يسمح بالمجيء إليه إلا لأمه.

وأمه كانت أماً. أي كانت جميع الأمهات. وأحمد الذي كان بطلاً وطنياً، ثم رئيساً، أصبح الآن سجيناً. وفي وحدته أرادت أمه له شيئاً واحداً: تزوج يا بني يا أحمد.

كانت تلك أول جملة قالتها له بعدما سُمح لها بزيارته المرة الأولى بعد ثمانية أشهر من احتجازه. ظلت تكرر الجملة، وظل يكرر الجواب: كيف يمكن لسجين أن يعثر على رفيقة العمر بين هذه الجدران العالية؟ دع عنك. القدر سوف يقدم لك الحل.

ذات يوم سُمح للصحافية زهرة سلامي، من مجلة «الثورة الأفريقية»، مقابلة الرئيس السابق. وجاءت زهرة ومعها مدافع من الأسئلة. فهي تعتبر أن بن بلة متخاذل رجعي ومنحرف عن الثورة. لم يحاول أن يقنعها برؤيته، ولم تقنعه بثوريتها. لكن والدته أقنعته بالزواج من زهرة سلامي. وبعد عامين من الزواج توفيت الأم، لكن لم يُسمح لأول رؤساء الجزائر المستقلة حضور جنازتها. كأن تقول... قلوب الرفاق.

كانت زهرة سلامي تصغر زوجها بثلاثين عاماً. وقد قضت معه في السجن ثماني سنوات، توفي بعدها هواري بومدين وكان أول قرار لخلفه، الشاذلي بن جديد، العفو عن مؤسس الجمهورية. لكن السجين الطليق اختار الإقامة في سويسرا، قريباً من المنفى، بعيداً عن الحبس.

مثل بومدين، لم يرزق بن بلة بأبناء. لكنه وزهرة «تبنيا» صبياً وابنتين من الأطفال المختلفين، أو ذوي الحاجات الخاصة. ومع مجيء عبد العزيز بوتفليقة رئيساً عام 1990، عاد إلى البلاد للإقامة. سبقته زهرة إلى الحياة الأخرى، فلم يطق العيش من بعدها طويلاً. ذوت - فذوى، ولكن بعد مسيرة دامت 95 عاماً، منها 14 عاماً في السجن.

وضع بن بلة الدستور الأول للجزائر مبنياً على حكم الحزب الواحد، وبالتالي، الرجل الواحد. لكنه أمضى الأعوام الأخيرة من حياته يدعو إلى عودة الديمقراطية في الجزائر، ونادى بالعودة إلى الاعتدال في الإسلام، معتبراً أن كل تطرف خروج عليه. وانضمت إليه زهرة في هذا المسرى الحياتي، بعدما كانت قد حاولت، في البداية، مجادلته في أهمية الفكر «الماوي» وضرورة «الثورة الثقافية».

إلى اللقاء..

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزعيم والإنسان زهرة السجن الزعيم والإنسان زهرة السجن



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon