توقيت القاهرة المحلي 02:21:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بدوي لبنان

  مصر اليوم -

بدوي لبنان

بقلم - سمير عطا الله

كان أمين الريحاني نادراً بين الرحّالة العرب. وفي عصر البواخر البطيئة، والذلول وانعدام الطرقات، أمضى حياته القصيرة متنقلاً من جبل لبنان إلى نيويورك، ومن نيويورك إلى الولايات الأخرى، ومنها إلى الجزيرة العربية، داعياً «العربان» إلى الوحدة، متمتعاً برعاية أمراء المنطقة وبصداقة خاصة مع الموَحِّد الملك عبد العزيز. وتميّز الريحاني أيضاً بأسلوبٍ أدبي جذّاب، ومثل الرحّالة الأجانب لم يهمل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، بحيث ترك لقرّائه في مؤلفه الشهير «ملوك العرب» صوراً ولوحاتٍ اعتمدَت فيما بعد في كتابة تاريخ الجزيرة ووضعِ جغرافيتها.
تبذل الكويت في السنوات الأخيرة، ربما أكثر من أي دولة أخرى، الكثير في البحث عن معالم تاريخها. ولا بدَّ إذاً أن يطالعك الريحاني وقلمه. ها هو في مجلس الحاكم الشيخ أحمد الجابر الصباح الذي: «هنّأني بوصولي وأعرب عن دهشته لسفري في البلاد العربية هذه السفرة الطويلة، ثم قال: العرب أنفسهم يُكبِرون هذه الطريق ويخافونها، ومنهم من لا يقوى على تحمّل مشقاتها، وكيف تحمّلتم ركوب الذلول كل هذه الأيام؟ نهنّئكم يا أستاذ ونرحّب بكم. ولم يشأ أن يطيل الجلسة الأولى رغبة في راحتي، فبعد أن تناولنا القهوة أمر من لاقوني أن يرافقوني إلى القصر».
ثم يكمل الريحاني ناثراً التفاصيل بعينه الدقيقة «... الله ما تفعل البيداء وخشونة العيش. دخلت القصر في الكويت كأني بدوي لم يرَ في حياته قصراً جميلاً، تزينه الأعمدة والقناطر، ولم يجلس مرة في قاعة مفروشة بالفاخر من الرياش. وعندما جاء الخدم الواحد بعد الآخر يحملون الأطباق، فوضعوها على السجادة وجلست أنا ورفيقي إليها، فُتنت بما أحاط صحفة الأرز من الألوان المطبوخة بالبقولات.
البقولات! بعد الأرز والرمل واللحم والتراب التي كان يطبخها لنا مسفر ومعاوناته الرياح، إنها من النعم التي يغتفر فيها الابتهاج والإسراف. نحرت الألوان نحر العاشق المشتاق، وخصصت بالإسراف بندورة الكويت التي يشحنون منها إلى البصرة، وهي صغيرة مدملكة، يطبخونها بقشرها دون أن تمسها السكين، ثم سمك الكويت المشهور الذي يشبه سمك المشط في طبرية، ولكنه أرق وأدسم. ثم أصناف الحلوى، وما أشد حلوها وأكثر سمنها وأسرارها».
لا يكتفي الريحاني بالمشاهدات والانطباعات، بل يعرض لنا الحياة التجارية كما كانت أوائل العشرينات وكأنّه أحد خبراء الاقتصاد. ويصف صعوبة ضبط الرسوم الجمركية بين بلدان المنطقة، ويشدد بصورة خاصة على مهارة الكويتيين في المبادلات التجارية ودورهم في صناعة اللؤلؤ والمبادلة مع الهند. ويقول إن العقد الوحيد بين التجّار كان كلمتهم، فلا أوراق ولا تواقيع ولا تواريخ. وإنّما قروضٌ من عامٍ إلى عام تُسدَّدُ وفق الذمة والضمير، وأيضاً وفق ذاكرة طيبة لدى البائع والشاري على السواء.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بدوي لبنان بدوي لبنان



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 02:55 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نيللي كريم تتحدث عن ظهورها في فيلم "كازابلانكا"

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

دي ليخت بين مطرقة عمالقة أوروبا وسندان برشلونة

GMT 18:43 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

خبير أرصاد يُحذّر من استخدام الكمامات في العاصفة

GMT 12:42 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

خطرٌ يُهدد حياتك بسبب النوم أكثر أو أقل من 8 ساعات يوميًا

GMT 02:16 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

بدران يؤكد أن الموز يُخفّف حموضة المعدة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

مباراة توتنهام ضد تشيلسي تخطف الأضواء في الدوري الإنكليزي

GMT 03:34 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

مميزات استخدام ديكور الجدران الخرسانية في غرف النوم

GMT 21:44 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جديدة مثيرة في واقعة "مذبحة الشروق"

GMT 23:32 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

صخرة برشلونة مهددة بالغياب عن مواجهة فياريال

GMT 15:00 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

محمد الحنفى يؤكد انتظاره إدارة القمة منذ 3 سنوات

GMT 05:38 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

انطلاق أول رحلة لطائرة في الصيف "Stratolaunch"

GMT 10:06 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

هادجنز تتألق في تقديم مجموعة "سينفول كلورز"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon