توقيت القاهرة المحلي 05:16:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ساحة كولا دي رينزي

  مصر اليوم -

ساحة كولا دي رينزي

بقلم : سمير عطا الله

كان بنيتو موسوليني قد انتقل من صحافي شعبوي ناجح إلى زعيم غوغائي ناجح. وانتقل من عضو في الحزب الاشتراكي إلى زعيم للحزب الفاشي. وذهب إليه ذات يوم رفيق من قدامى الاشتراكيين، ألدو باريتي، وقال له: يا بنيتو، أنا خائف عليك من الغرور. عليك ألا تنسى رفاقنا القدامى. بعضهم بلا عمل، وبعضهم بلا أي معاش تقاعدي. يجب أن نبحث لهم عن شيء، أي شيء. فأجابه الدوتشي: أنت مسكين يا ألدو، لا تفهم المتغيرات. لماذا لا تنضم إلينا، وتنسى الفقر، أنت وهؤلاء السذج؟

قال باريتي: يا بنيتو، أنا خائف عليك أكثر من خوفي على رفاقنا. إنك تشعل الجماهير في خطب طنانة وفارغة، وسوف يرتد هؤلاء عليك ذات يوم، كما ارتدوا على كولا دي رينزي! وكان هذا إيطالي شهير عاش في القرن الرابع عشر، حشد خلفه الجماهير ضد السلطة، وذات يوم غضبت هذه الجماهير المساقة بغرائزها، وانقضت عليه حتى الموت.

طمر موسوليني الإيطاليين بالخطب الحماسية، وأخفق في كل شيء آخر. تعلم من تجربته في الصحافة أن أكثر الناس تلحق الإثارة، لا العقل. ومثل كل ديكتاتور، كان مقتنعاً بأن ما حدث لكولا دي رينزي لا يمكن أن يحدث له. وهذا تماماً ما حدث له عندما حاول الفرار، وقبضت عليه جماهير غاضبة ومتوحشة، فعلقته من ساقيه، هو وعشيقته.

يرفض الديكتاتور فكرة المصير المشابه. يعتقد دائماً أنه مختلف. ثم يصدق كذبه بعد أن يصدق كذب الآخرين. يستمرئ لعبة الغش والتكاذب المتبادل بينه وبين الناس. ثم ينسى تماماً أن الانقلاب الذي سهل عليه، من السهل على غيره أيضاً. تكرر مشهد كولا دي رينزي في أماكن كثيرة. القذافي كان أيضاً هارباً عندما قبضت عليه مجموعة لم تتعلم القانون في جماهيريته. صدام حسين رفض أن يفكر في أن حبل المشنقة يمتد إلى كل الأعناق المستبدة. عمر البشير ظن أن رقصة العصا سوف تخدر مواطنيه ثلاثين عاماً أخرى قابلة للتجديد. لم يقرأ حكاية كولا دي رينزي. وكان مقتنعاً بأن ما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن لا يمكن أن يحدث له أيضاً. وفي يومه الأخير، قرر أن يفعل ما فعله علي عبد الله صالح من قبل: دعا مؤيديه إلى التظاهر في وجه المتظاهرين الآخرين. هكذا فعل القذافي أيضاً. ما من ديكتاتور يصدق دروس التاريخ. عندما تتكدس سنوات الخواء والبطر والغرور إلى هذا الحد، تشكل سوراً بين الرجل والحقيقة. في روما اليوم ساحة شهيرة باسم كولا دي رينزي. اسم موسوليني ممنوع من الذكر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساحة كولا دي رينزي ساحة كولا دي رينزي



GMT 08:09 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وسام الامتنان «٣١»

GMT 08:48 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

«السوشيال ميديا» السامة

GMT 10:38 2020 الخميس ,14 أيار / مايو

نص العمى..

GMT 08:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

رسالة الأهلي

GMT 09:47 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

100 مليون فضيلة
  مصر اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 15:28 2019 الجمعة ,15 شباط / فبراير

حرس الحدود يخشى انتفاضة بتروجت على ستاد المكس

GMT 03:36 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

صيَّاد في كوبا يعثر على سلحفاة غريبة برأسين وجسمين متصلين

GMT 23:01 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الشاعِرة سندس القيسي تُصدِر كتابها الشعري الثاني

GMT 02:43 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

شريهان تخطف الأنظار في حفل زفاف شيماء سيف

GMT 01:33 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

هايدي موسى تطرح " دي حياتي" عبر "اليوتيوب"

GMT 02:28 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

مصر تشارك في مهرجان بغداد الدولي لمسرح الشارع

GMT 00:23 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

قصر ثقافة الأقصر يعرض فيلم رسوم متحركة للأطفال

GMT 20:32 2018 الجمعة ,16 شباط / فبراير

غابرييل غيسوس يعود إلى الملاعب بعد أسبوعين

GMT 00:30 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

الخطيب يجتمع مع سيد عبد الحفيظ لمناقشة العروض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon