توقيت القاهرة المحلي 08:19:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفندم

  مصر اليوم -

أفندم

بقلم - سمير عطا الله

جاء محمد حسني مبارك إلى المحكمة مستقيم القامة والنفس. في السابق، كان يمثل أمامها محمولاً على محفة، وعندما ينادى عليه بالاسم، مجرداً من المرتبة السياسية والرتبة العسكرية، كان يجيب: أفندم! وأفندم هذه تعبير من تعابير مصر وآدابها ومدنياتها، يستخدمه الكبار في لحظات المحنة.
في الحالتين، على محفة ومستقيماً، دخل حسني مبارك المحكمة وخرج منها، كرجل دولة. لا ثورة 25 يناير استطاعت أن تجرده من آداب الرئاسة، ولا السجن، ولا مستشفى السجن، ولا التشفي الصامت من قبل بعض رفاق الأمس، عسكراً ومدنيين. الرجل الذي لم يدخل السجن في عهده سياسي أو صحافي أو عسكري أعطى الجميع درساً في الأدب والشجاعة: رفض أن يترك مصر إلى أي مكان، وقرر أن يتخلى عن الحكم ويحقن الدماء، ومثل مُتهماً عادياً بعد ثلاثين عاماً من كرسي الرئاسة.
حضر حسني مبارك وحضرت معه آدابه، وحضرت معه ذاكرة رئاسية سياسية تليق برجل دولة من هذا الطراز. تحدث كرئيس سابق يحفظ جميع أصول الحكم والقانون، ولا يقبل تجاوزها. الفارق بين الشاهد حسني مبارك والمتهم محمد مرسي أن الأول جاء من مدرسة علنية في المواطنة والسلاح الجوي ورئاسة الجمهورية. الثاني وصل إلى الرئاسة ولم يدرك بعد أن الدولة ليست سراً ولا شِفرات ولا حزباً ضيقاً له مرشد. مصر هرم بشري، لا جمعية.
هامت مصر بسعد زغلول لأنه أعطاها قلبه أولاً. كان يساررها، ويشعرها أنه كبير بها وحدها. وكبرت هي به، وطفقت في الشوارع تهتف له. وروى الطفل نجيب محفوظ أن والده حمله على كتفيه لكي يمكنه من أن يلمح زعيم الأمة الخارجة إلى استقباله. ورافقت عمره غصة بأنه لم يستطع أن يدوِّن، فيما دوّن، أن اللمحة تسنت له!
لا يُرضي أحداً مشهد رئيس مصري في السجن، ولو حَكَمَ ليوم واحد، أو حُكِمَ ليوم واحد. مشهد غير مريح، سواء كان السجين رجل دولة فائقاً، أو رجلاً كان أول ما فعله فتح أبواب السجون في وجه الدولة والقانون. سوف نظل نأمل بأن تنهي مصر ثقافة السجن السياسي. وسوف يسرّع في هذا الأمر أن تعود مصر إلى روحها المدنية، وتتخلى عن جمعيات السر والعنف. تخيل حزباً يقوم على سرية القرون الوسطى في هذا العصر.
حسني مبارك كان أقرب النماذج إلى الدولة الحقانية، لولا إضافات السنوات الأخيرة، وما رافقها من ضعف بشري أخفى صورة سنوات العمل والخلاص. ظل مبارك أقرب إلى القانون، إلى أن زيّن له تجاوزه. وقد ثأر لنفسه ولمأساته وإخفاقاته عندما عاد إلى المحكمة رجل قانون من الطراز الرفيع، مرفوع الرأس، وإن كانت الكتفان انحنيتا قليلاً.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفندم أفندم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح

GMT 02:55 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نيللي كريم تتحدث عن ظهورها في فيلم "كازابلانكا"

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

دي ليخت بين مطرقة عمالقة أوروبا وسندان برشلونة

GMT 18:43 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

خبير أرصاد يُحذّر من استخدام الكمامات في العاصفة

GMT 12:42 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

خطرٌ يُهدد حياتك بسبب النوم أكثر أو أقل من 8 ساعات يوميًا

GMT 02:16 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

بدران يؤكد أن الموز يُخفّف حموضة المعدة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

مباراة توتنهام ضد تشيلسي تخطف الأضواء في الدوري الإنكليزي

GMT 03:34 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

مميزات استخدام ديكور الجدران الخرسانية في غرف النوم

GMT 21:44 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جديدة مثيرة في واقعة "مذبحة الشروق"

GMT 23:32 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

صخرة برشلونة مهددة بالغياب عن مواجهة فياريال

GMT 15:00 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

محمد الحنفى يؤكد انتظاره إدارة القمة منذ 3 سنوات

GMT 05:38 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

انطلاق أول رحلة لطائرة في الصيف "Stratolaunch"

GMT 10:06 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

هادجنز تتألق في تقديم مجموعة "سينفول كلورز"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon