توقيت القاهرة المحلي 07:26:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زوروا رواندا

  مصر اليوم -

زوروا رواندا

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

طبعاً، كنت أشاهد المباراة، لا إعلاناتها، عرفت من الشاشة أن المباراة بين فريق آرسنال وفريق بالوتيلي. الأخير لم أسمع به من قبل، والأول أعرف اسمه لكثرة ما يتردد بين الناس والهواة. وعندما شاهدت الأداء، ظننت أنها حفلة رقص باليه روسية. أقدام ساحرة تلاعب الكرة، والملعب، والفريق الآخر، وعندما تصل الكرة إلى حارس آرسنال مثل معزوفة صاروخية، يرتفع نحوها ويقبض عليها، ويخيّب آمال الفريق المنافس المسكين، مرة بعد مرة.

ثم انتبهت إلى شيء أكثر أهمية. جدران الملعب مليئة بدعايات تقول: زوروا رواندا. كما لو أنك تقول، زوروا سويسرا أو إيطاليا. ولكن رواندا، بلد المليون قتيل بالمناجل والفؤوس. بلد التوتسي والهوتو؟ أجل. ورواندا اليوم بلد أكبر وأعمق المصالحات التاريخية. لا جثث تملأ الطرقات، بل الحدائق والزهور والمتنزهون. ولا مذابح بين الجيران من بيت إلى بيت. ولا مدارس مكتظة بجثث التلاميذ الذين لم يتمكنوا من الفرار من بعضهم البعض.

زوروا رواندا في سعادة وأمان. لم تعد هناك جروح وانتقامات وذبح قبلي، إذ يُعرف الرجل من طول قامته أو قصرها. قبيلتان في كل البلاد، اكتشفتا بعد مليون قتيل أن الحياة أجمل من الموت، وأن ثمة مكاناً للجميع. هذا ما اكتشفته سويسرا من قبل، وآيرلندا. ولكن الطريق لا يزال طويلاً جداً أمام هذا العالم الموبوء بالتقسيم والأحقاد والمكاره. تكتشف معنى فشل الوحدة في الدراسة التاريخية الشاملة التي وضعها الدكتور غسان رعد تحت عنوان «النزاعات الإثنية في الدول التعددية»، يعيش الدكتور رعد في واشنطن منذ أربعة عقود. ومنها يعايش النزاعات التي تتوزع على مناطق العالم. ويرسم رعد خريطة مفصّلة لنقاط الأمل بالحل. وتلك التي يصعب الأمل بها. والتمعن في خرائطه يوحي أن التقسيم لن يستمر آفة تخرِّب حياة البشر، وإنما هناك مناطق كثيرة أصبحت على مشارف الحل مثل قبرص وسريلانكا.

تقوم حرب ضروس بين أهل الوطن الواحد، بسبب اختلاف في لون البشرة، أو الطائفة، أو الحزب، أو الحدود، أو لعبة الكرة. يلبي الإنسان نداء الصراع بعقل أقل من عقل الديك. يذهل فريق آرسنال الناس في تحويل الملعب إلى فرقة موسيقية، والساق إلى يد تعزف الكمان مثل نسائم الربيع. أما الجمهور، جمهور آرسنال، فيغضب ويهتاج ويتشاتم، ويهدد. وفي لحظة قد يتحول كل شيء إلى عراك وسلوك بشع وأخلاق بشعة.

زوروا رواندا. بلد السلام والأمن، واتركوا جمهور آرسنال، صاحب أجمل وأرقى الفرق الرياضية، يعبر عن أبشع وأحط السلوك الغرائزي.

كتاب الدكتور غسان رعد عرض لفشل الدول التعددية مثل بلده، لبنان. يوم أرقى شعوب العالم، ويوم قتل على الهوية. يوم رئيس مثل فؤاد شهاب ويوم ممنوع عليه الرئاسة إلا إذا كان صنواً للغراب والخراب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوروا رواندا زوروا رواندا



GMT 03:16 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مفجرة ثورة الطلبة

GMT 03:15 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مجدى يعقوب.. الإنسان أولًا

GMT 03:12 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (10)

GMT 03:08 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:25 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
  مصر اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 03:31 2015 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

منظمة "الصحة العالمية" تحذر من تناول اللحم المقدد

GMT 00:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو عبد الحق يفوز برئاسة النصر وقائمته تكتسح الانتخابات

GMT 18:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يجب أن تستبدل هذه التجهيزات الأساسية في المطبخ

GMT 07:55 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الثلاثاء 7-9-2021 في مصر

GMT 09:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

وائل جسار يؤجل حفله في بغداد بسبب كورونا

GMT 14:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : علي خليل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon