توقيت القاهرة المحلي 00:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

برميل بارود جاهز للانفجار

  مصر اليوم -

برميل بارود جاهز للانفجار

بقلم : عطيــة عيســوى

الاشتباكات الدموية التى شهدتها العاصمة الليبية طرابلس على مدى ثمانية أيام بين الميليشيات الموالية للحكومة والمعارضة لها وراح ضحيتها 78 قتيلا و210 جرحى وأدت إلى إغلاق المطار العامل الوحيد فى المدينة من الممكن أن تُستأنف فى أية لحظة لأن أسباب الصراع مازالت قائمة ولم ينسحب أى منها إلى خارجها، فى وقت مازالت فيه فرص التسوية السياسية فى طريق مسدود لعجز البرلمان المعترف به دوليًا مرات عديدة عن مجرد الاجتماع بسبب عدم اكتمال النصاب القانونى للجلسة لإقرار مشروع الاستفتاء على الدستور الجديد وقانون الانتخابات المقررة فى العاشر من ديسمبر مما جعل أنطونيو تايانى رئيس البرلمان الأوروبى يصف ليبيا ببرميل بارود جاهز للانفجار.

المبعوث الدولى غسان سلامة مازال يجاهد لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار والتوصل مع الميليشيات إلى آلية لمراقبة تنفيذه حيث أعلنت بعثته أنه تم فقط الاتفاق على تجميد حركة أفراد الميليشيات ووضع خطة لانسحابها من المواقع السيادية والمنشآت الحيوية فى العاصمة وإحلال قوات نظامية محلها لكن ميليشيا اللواء السابع القادمة من ترهونة «80 كم جنوب شرق طرابلس» لتخليص المدينة ممن وصفتهم بدواعش المال العام - فى إشارة إلى ما يغتنمونه من أموال - اشترطت خروج كل الميليشيات منها لكى تستمر الهدنة، وقال متحدث باسمها إن العمليات العسكرية لن تبدأ إلاَّ بعد أن تعلن بعثة سلامة عدم قدرتها على إقناع الميليشيات بتركها.

وبما أن الميليشيات غير راغبة فى ترك مواقعها والتخلى عن مكاسبها وأن حكومة السراج المعترف بها دوليا تخشى أن تسقط إذا انسحب الذين يحمونها فيبدو أن الهدنة لن تصمد طويلا، فمشكلة العاصمة قديمة ومعقدة حيث أضفت كل حكومة صفة الشرعية على هذه الميليشيا أو تلك لنيل حمايتها أو لاستغلالها فى ضرب خصومها الأمر الذى أتاح لجماعات مسلحة عديدة الفرصة للثراء فاستفحلت وصعبت السيطرة عليها واستبسلت فى الدفاع عن مكاسبها ومواقعها داخل المدينة فى الوقت الذى أثار ذلك حنق جماعات مسلحة مثل ميليشيا اللواء السابع التى وجدت نفسها محرومة من الكعكة فشنت هجومها الخاطف لانتزاع «نصيبها» بالقوة، كما أنه لم يُعرف بعد أين هى القوات النظامية المفروض - حسب الإتفاق- أن تحل محل الميليشيات فى المواقع المطلوب الانسحاب منها، فإذا كانت من التابعين للقائد العسكرى خليفة حفتر الذى تمركزت قوة موالية له فى غرب العاصمة مؤخرا فمن المرجح أن يعترض قادة الميليشيات ويستأنفوا القتال.

الآن ينتظر الناس ما سيفعله حفتر الذى قال إنه سيتم تحرير طرابلس من الميليشيات المسلحة وفقًا لخطة مدروسة وإن الأزمة يجب أن تنتهى فى أقرب وقت، وهو إجراء كان يستوجب الحرص على نيل دعم الداخل والخارج وليس إثارة غضب دولة جارة مثل الجزائر وعداءها. فقد كان أولى بحفتر أن يهدد بنقل الحرب إلى طرابلس التى تعيث فيها الميليشيات فسادًا بدلًا عن التهديد بنقلها إلى الجزائر لمجرد أن بعض جنودها وطأت أقدامهم الأرض الليبية فى إطار تمشيطهم اليومى لمنطقة الحدود لمنع تسلل إرهابيين مثلما حدث عام 2013 حين تسللوا وشنوا هجوما دمويا على مجمع غاز عين أمناس الضخم فى الجنوب الشرقى الجزائرى.

فالجزائر مثل مصر والمغرب وتونس أنفقت كثيرا من الجهد والوقت والمال لمساعدة «الإخوة الأعداء» فى ليبيا على تجاوز صراعاتهم على السلطة والثروة من أجل مصلحة الوطن، وكان الأجدر به أن يوجه لها الشكر مع أشقائها ويشجعها على مواصلة مساعيها لا أن يهددها ويضع المتاريس أمام جهودها فى وقت تمر فيه ليبيا بواحدة من أكثر فتراتها حرجاً، إما توافق وإجراء انتخابات أوجولة جديدة من حرب أهلية مهلكة لا يضمن هو نفسه أن تكسبها قواته. كما أنه لم يكن هناك مبرر لاندفاعه لأنه ليس رئيسًا لليبيا ولا حكومتها ولا عضوًا فيها ويعتبره الكثيرون بالداخل والخارج مجرد قائد فصيل من فصائل عديدة وكان يتعين عليه تسوية هذا الأمر بهدوء بعيدا عن وسائل الإعلام.

كان أيضًا على حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح اللذين يتحملان مع أعضاء فى البرلمان قسطا من المسئولية عن هذا الوضع السياسى المتردى أن يستخدما نفوذهما لدفع النواب المتخلفين عن الجلسات لحضورها للإسراع بإخراج الشعب الليبى من معاناته اليومية حيث تتحكم فى حياته الميليشيات والجماعات الإرهابية والمتطرفة ولا يتوافر الحد الأدنى من الخدمات الضرورية للمعيشة، وكانت أحدث محاولة لجمع أعضاء البرلمان يومى الإثنين والثلاثاء الماضيين ولكنها فشلت هى الأخرى لأنه لم ترد أنباء إيجابية عنها، فإن كان حفتر الذى يُحسب له تطهير شرق ليبيا تقريبا من الإرهابيين وحماية منشآت البترول من استغلال بعض الميليشيات عائداتها لحسابها قد أعلن تأييده لإجراء انتخابات وفقا لاتفاق باريس فقد قال إنه لو ثبت أنها غير نزيهة فإن الجيش سيجهضها.

وهذا يعنى أنها ستكون عديمة الجدوى، فلا يمكن إجراء انتخابات حرة ونزيهة تماما فى هذه الظروف الأمنية والسياسية غير المواتية، كما تنم تصريحاته عن أنه سيتذرع بعدم النزاهة لإفشالها إذا لم تأت نتيجتها فى مصلحته. فهل هذه أجواء يمكن أن تجرى فيها انتخابات يتوافر فيها الحد الأدنى من الحرية والنزاهة، هذا إذا قُدِّر لها أن تُجرى من الأساس؟.

نقلًا عن الآهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

برميل بارود جاهز للانفجار برميل بارود جاهز للانفجار



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 10:47 2024 السبت ,11 أيار / مايو

طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة
  مصر اليوم - طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة

GMT 00:28 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

نصائح غذائية لتقوية جهاز المناعة
  مصر اليوم - نصائح غذائية لتقوية جهاز المناعة

GMT 21:11 2024 السبت ,11 أيار / مايو

يسرا تتحدث عن دورها في فيلم شقو
  مصر اليوم - يسرا تتحدث عن دورها في فيلم شقو

GMT 00:22 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

عاصفة شمسية تلوّن السماء بأضواء قطبية
  مصر اليوم - عاصفة شمسية تلوّن السماء بأضواء قطبية

GMT 11:39 2023 الأحد ,05 شباط / فبراير

وما أدراك ما أشباه الرجال!

GMT 17:34 2021 الإثنين ,19 إبريل / نيسان

مركز الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار في أسبوع

GMT 09:07 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

مجموعة تاتو لا يناسب الا شخصية برج الميزان

GMT 09:02 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على فوائد فول الصويا الصحية لمرضى السكر من النوع 2
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon