توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نغضب للقرآن؟

  مصر اليوم -

كيف نغضب للقرآن

بقلم : أحمد الصاوي

 أرجوك لا تغضب كثيراً حين تقرأ أخبار ذلك البيان الذى أصدره بعض الفرنسيين مطالبين بتجميد أو حذف بعض آيات القرآن.. هل تعتقد فعلاً أن ساركوزى والذين معه يمكنهم حذف آيات من القرآن؟.

تلك نصوص مقدسة، وكما تعرف لا يستطيع فرنسى واحد أن يحذف سطراً ليس فقط من كتاب مقدس وإنما من عمل فنى أو إبداعى أو مؤلف بشرى قديماً كان أو حديثاً- فما المطلوب إذن بديلاً عن الغضب؟

مطلوب وبوضوح أن نتحاور مع العالم حول القرآن الكريم وفهمه، إذا كان لدينا الإيمان الحقيقى بأن الفهم المختطف لا يعبر عن جوهر النص، وأن آيات القتال حكمها الرئيس والوحيد والمعتمد أنها شُرعت لرد العدوان وفقط، ومنحت ولى الأمر وحده «الدولة» حق حمل السلاح، هنا يصبح من المهم استثمار هذا الجدل المتفجر حول القرآن لنعيد شرحه بهذا الفهم، ونعيد تأسيس مفهوم الجهاد والاحتكام للسلاح عموما فى حسم أى قضية.

تستطيع أن تحكى طويلاً عن الحروب المسيحية المسيحية التى دارت وضحاياها، وعن النصوص التوراتية التى أبيدت بتأويلها قرى كاملة بسكانها فى الأراضى المحتلة، أو حتى عن منفذ مذبحة فلوريدا الأخيرة الذى زعم أنه قتل نحو 20 نفسا انتصاراً لإيمان بتفوق عرقى، لأن فكرة مناظرة الآخر بأن عنده مثل الذى عندنا من مرض، لن تساعدنا على الأقل فى علاج أمراضنا وأولها أن فهم الخاطفين أوسع انتشاراً من فهم المخطوفين لأسباب متعددة، أهمها أنه فهم مستدعى سياسياً منذ سبعينيات القرن الماضى على يد رجال السياسة وليس رجال الدين ولتحقيق أهداف سياسية ومازال كذلك حتى الآن.

كيف يمكن أن نتعامل إذن مع تلك الدعاوى؟

فى نظرى بأقل قدر ممكن من الانزعاج، هذا إذا كنت بالفعل تعتقد أن بيانا كذلك يمكن أن يمثل تهديداً للقرآن ولنصوصه، لكن بأوسع قدر ممكن من الاشتباك الفكرى والحوار والتناظر واستغلال الزخم الإعلامى حول تلك الدعوة وحول القرآن الكريم كنص مقدس لتقديم الدعاية الصحيحة حول نص دينى يفهمه ملايين المسلمين حول العالم بأكبر قدر من التسامح كما يفهم سائر المؤمنين نصوصهم.

من المهم أن يفهم المسلمون حول العالم قبل غيرهم أنه لا يوجد نص دينى يمنحهم أولوية أو يصعد بهم درجة «دنيوية» داخل دولة وطنية متعددة الأديان، وهو فهم بات مستقراً تماماً على الأقل داخل الأزهر الشريف كمرجعية دينية عالمية، وموثقا فى وثيقته للمواطنة والتعايش المشترك، التى تقر بفهم شرعى ثابت أن الأوطان لكل مواطنيها دون أدنى تمييز بسبب دين أو عرق أو لون أو جنس، فإذا كان المواطنون جميعاً متساوين بالفهم الشرعى قبل المركز القانونى، فكيف يمكن استساغة أن هذا الفهم الدينى الذى استنبطت منه أحكام المساواة بين المواطنين يمكن أن يهدر دماء بعض المواطنين كونهم فقط مختلفين فى الدين؟! كما يستقر مفهوم الجهاد باعتباره مشروطاً بالدفاع ورد العدوان، ولا يجوز إعلانه أو مباشرته إلا من قبل «الدولة» باعتبارها ولى الأمر. ظنى أن أى جدل يكون القرآن الكريم محوره، فرصة لأهل القرآن للذود عنه بمنطق وهدوء وشرح ورد، وليس بغضب وتثوير ونفير، وفرصة لعرض نصوصه على العقول لإزالة الالتباسات لدى الجميع مسلمين وغير مسلمين، حول نص زاخر بدعاوى التعايش والتسامح وتجريم الاعتداء على النفس كونها نفساً وفى تكريم بنى آدم كونه بشراً، وفى مخاطبة الناس كل الناس، وفى الحض على العدل المطلق، والتأكيد على أن اعتقاد البعض بإمكانية جمع كل الناس على دين واحد، ليس فقط مستحيلا وإنما تحد لمشيئة الخالق.

ليكون غضبنا بلا غضب.. وإذا كان لدينا ما نقوله عن النص القرآنى فلنقله بمزيد من الوضوح والحسم فى وجه من يختطفونه ومن يريدون تجميده على السواء.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نغضب للقرآن كيف نغضب للقرآن



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt