توقيت القاهرة المحلي 03:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من يحتاج التسريبات؟!

  مصر اليوم -

من يحتاج التسريبات

القاهرة - مصر اليوم

قبل أن تقرأ عن تسريبات نيويورك تايمز والجدل حولها لابد أن تعرف حقيقة واحدة.

المسألة مثل غيرها خاضعة لاستقطاب حاد جدا يبتعد بأى قضية عن نقاش موضوعى يمكن أن يؤدى للوصول لأى نتيجة تكتسب مصداقيتها من عدم تلونها بلون أحد جناحى الاستقطاب وتعبيرها عن الحقيقة.

هذان الجناحان لا أحد يمكن أن يغير، وبسهولة، قناعاتهما أو كبرهما المتمادى، مهما جرى.

بين الفريقين كر وفر، وعلى أساسه يتموضع الواحد فيهم دفاعا وهجوما، ففى واقعة التسريبات الأخيرة انبرى المدافعون ومنذ اللحظة الأولى لاعتبار ما جرى مؤامرة، بعضهم ذهب إلى ضلوع نيويورك تايمز فيها، ودلل على عدائها لمصر، والبعض الآخر دافع عن النظام والصحيفة الأمريكية معا، بالقول إن الصحيفة تعرضت للنصب من عناصر إخوانية.

فى المقابل، ذهب المهاجمون فورا إلى اعتبار أن صوتا مجهولا لشخص مجهول الهوية يمكن أن يكون ممثلا لمصر وسياساتها الرسمية ويمكن أن تفهم منه حقيقة مواقفها الرسمية واتجاهاتها، غير اعتبار أن إعلاميين لهم كل الاحترام لكنهم ليسوا فى منطقة التأثير والانتشار الكافية، يمكن أن يوجهوا رأيا عاما ويدفعوه للانحراف عن فطرته الأخلاقية قبل السياسية والدينية والتاريخية، بتأييد عروبة القدس وحقوق الفلسطينيين فى وطنهم ودولتهم.

دعك من قبولك بسياسات هذا النظام أو رفضك لها، وانظر بطريقة الحساب (واحد زائد واحد).

لديك مواقف معلنة تعبر عن الدولة المصرية ومؤسساتها، عبر شخوص معتبرة ذات حيثية واضحة ومعلنة فى شأن القدس، منها رئيس الدولة الذى عبر عن رفض البيان الأمريكى والدبلوماسية المصرية التى انخرطت قطعا برضا الرئاسة فى كل الفعاليات الدولية والإقليمية والعربية حول القدس، بدءا من مجلس الأمن وحتى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى، غير موقف الأزهر الشريف القوى، بدءا من بيانه الرافض وإلغاء مقابلة نائب الرئيس الأمريكى والمؤتمر المزمع عقده فى رحاب الأزهر خلال أيام لدعم القدس، وموقف الكنيسة القبطية المشارك فى التضامن بذات القوة، والجامعات والفعاليات والشارع.

ولديك حديث لشخص مجهول يقال إنه ضابط فى جهة سيادية يلمح لإمكانية القبول بذهاب القدس مقابل حل نهائى للفلسطينيين حسب المنشور عن التسريبات.

كيف يمكن إذاً لصحيفة محترفة ومهنية وكبرى، وكيف يمكن لعقل أن ينسب للدولة المصرية موقفا من قضية أساسية، من تسريب غامض، وليس من عشرات المواقف المعلنة من ذوى الحيثية؟

هذا جانب مهم من الصورة غير جوانب مهنية أخرى جعلت الصحيفة الأمريكية تستسهل نشر التسريب كما هو دون أن تضيف عليه أى جهد تحرٍّ أو تحقق، وتتبنى مضمونه كما لو كان موقفا رسميا ووحيدا للدولة المصرية.

على جانب آخر، لا يمكن اعتبار التسريب بلا قيمة على الأقل فى فهم آلية إدارة الإعلام فى هذه الفترة، واتساق مضمونه مع مواقف أخرى سابقة، ومع المعلن من دخول أجهزة سيادية مجال الاستثمار فى الإعلام وبنائها أذرعا استثمارية للاستحواذ على المساحة الأكبر من الإعلام المحلى، لأن كلا الاحتمالين يدعم هذا الفهم، فلو كان لهذا الضابط المزعوم وجود أو كان منتحلا لصفة فالتجاوب معه ربما يثبت اعتياد بعض الإعلاميين على تلقى توجيهات كان يمكن فهمها لو كانت فى إطار عملية نقاش وجمع معلومات واستبصار مواقف يديرها الإعلامى وليس مجرد إملاءات من رئيس لمرؤوسيه. والتفكير فى أن نصف الإعلام الآخر الذى يهتم بمصر وأغلبه خارج مصر تستحوذ عليه أيضا جماعات، ويتلقى أيضا تمويلا ورعاية واضحة من دول بعينها بما يعنى أنه لا فوارق حقيقية فى إدارة هذا الإعلام وذاك.

النقاش الجاد يغيب وسط مناخ الاستقطاب والاصطياد والتسخين، ويؤثر حتى على الجادين فى الخروج من هذا الهرى بطرح قضايا جادة تخص الإعلام والسياسة معا.

لا أحد يحتاج للتسريبات.. فلا أحد يسعى فى هذا البلد ليعرف الحقيقة، وكل طرف يريد فقط دعم مواقفه الثابتة، وخطورة هذا الاستقطاب الحاد أنك لو افترضت أن السيسى على سبيل المثال فى باحة المسجد الأقصى يقاتل بسيفه دفاعا عن حق العرب فى القدس، فلن يقنع ذلك خصومه أنه لم يفرط فى القضية، وسيبدعون فى ادعاء أن قتاله تمثيل وتضحياته متفق عليها مسبقا!.

ولو افترضت أنه فى القدس يرفع العلم المصرى على مقر السفارة المصرية لدى إسرائيل، فلن يقنع ذلك مؤيديه بأنه فرط فى القضية، وسيجتهدون فى التبرير وإقناعك أنها خطة لوضع الأقدام المصرية فى القدس تمهيدا لتحريرها!.

بالله عليك كيف لأصحاب العقول أن يجدوا فرصة للتفكير أو طرح وجهة نظر منطقية فى مثل هذا المناخ؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يحتاج التسريبات من يحتاج التسريبات



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon