توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العقوبات الأمريكية على إيران

  مصر اليوم -

العقوبات الأمريكية على إيران

بقلم - نيفين مسعد

فى الثامن من هذا الشهر أعلن الرئيس الأمريكى عن نيته إدراج الحرس الثورى الإيرانى على قائمة المنظمات الإرهابية بسبب مشاركته فى الأنشطة الإرهابية وتمويلها وتمريرها، ودخل هذا الإعلان حيّز التنفيذ بعد أيام قليلة. وفى يوم الاثنين الماضى أعلن وزير الخارجية الأمريكية عن عدم تجديد الإعفاءات الممنوحة لبعض الدول من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. وبعد ذلك بيوم واحد فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على كيانات وأشخاص متهمين بتمويل حزب الله، ومن المعلوم أن الأمين العام لحزب الله نفسه ونائبه مدرجان بواسطة الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب. هكذا نصير إزاء تسارع فى وتيرة العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران حتى إننا نشهد فى غضون شهر واحد حزمة من الإجراءات المتتالية، ليس هذا فقط بل نحن نشهد أيضا اتساع نطاق هذه العقوبات لتشمل لأول مرة جزءا من القوات المسلحة الإيرانية. فإلى أين سوف تنتهى هذه المواجهة الأمريكية -الإيرانية؟ هل إلى طاولة المفاوضات كما حدث من قبل وكانت نتيجته إبرام الاتفاق النووي؟ أم إلى تصعيد متبادل كما هو حادث الآن حيث ترد إيران على إدراج الحرس الثورى على قائمة التنظيمات الإرهابية بإدراج القيادة المركزية الأمريكية والقوات التابعة لها فى غرب آسيا على قائمة الإرهاب، كما تواجه إلغاء الإعفاءات من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بالتهديد بغلق مضيق هرمز؟ لا توجد إجابة واحدة على هذين السؤالين، ففى تاريخ التفاعل بين القوى الإقليمية والدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ما يقدم لنا مروحة واسعة من الاحتمالات والنماذج 

هناك أولا النموذج الذى تتمكن فيه القوى الدولية من إيلام القوى الإقليمية كما حدث من خلال إلحاق الهزيمة العسكرية بنظام الرئيس عبد الناصر، لكن الموضوعية تقتضى القول إننا قبل أن نصل إلى هذه النتيجة كان عبد الناصر قد نجح فى تغيير وجه المنطقة بدعمه حركات التحرر الوطنى فى الجزائر وفى اليمن الجنوبي، ومثّل استقلال هاتين الدولتين عن كلِ من بريطانيا وفرنسا انتصارين جزئيين مهمين فى نطاقنا العربي، بل إن هذا الدور الداعم لحركات التحرر الوطنى انتقل من النطاق العربى إلى النطاق الإفريقى وهو مازال يمثل رصيدا تاريخيا كبيرا لمصر فى إفريقيا. أضف إلى ذلك أن مصر بعد هزيمة 1967 لم تلبث أن أطلقت حرب الاستنزاف وسطّر جيشها من خلالها أروع البطولات العسكرية ضد قوات الاحتلال .

وهناك ثانيا النموذج الذى وصلت فيه علاقة القوى الدولية بالقوى الإقليمية إلى مرحلة الجمود بمعنى عدم قدرة كل طرف على التأثير فى الطرف الآخر، ونستطيع أن نمثل لذلك بالعلاقة بين الولايات المتحدة وكوبا . تصدت كوبا لمحاولات فرض الهيمنة الأمريكية عليها بشتى الوسائل بدءا من العقوبات الاقتصادية وانتهاء بمحاولة الغزو، لكنها فى المقابل لم تستطع تصدير نموذجها ولا هى غيّرت وجه الحياة فى أمريكا اللاتينية. وعندما قُدّر للعلاقات الأمريكية - الكوبية أن تنفرج فى ظل إدارة الرئيس أوباما وتبادلت الدولتان التمثيل الدبلوماسي، سرعان ما تدهورت تلك العلاقات بوصول الرئيس ترامب إلى السلطة

وهناك ثالثا النموذج الثالث الذى تتوافق فيه القوى الدولية والإقليمية على تقديم تنازلات متبادلة لإنهاء حالة العداء فيما بينها. هنا يمكن استدعاء حالة العلاقات الأمريكية -الكورية الشمالية. وأهمية هذه الحالة أنها تحمل بعض أوجه الشبه مع حالة العلاقات الأمريكية -الإيرانية، فقبل اللقاء الأول الذى جمع الرئيسين ترامب وكيم جونج أون فى مايو 2018، كان هناك تصعيد شديد بين الطرفين ما بين تكرار التجارب الصاروخية الكورية الشمالية فى عام 2017 وتوسيع وزارة الخزانة الأمريكية عقوباتها الاقتصادية على نظام جونج أون. وهذا معناه أن التصعيد الأمريكى -الإيرانى الحاصل حاليا يمكن أن ينتهى نهاية مماثلة، مع الوعى بأنه حتى هذه اللحظة لم يحدث أى تقدم فى المفاوضات الأمريكية -الكورية الشمالية لكن على الأقل فإن التصعيد المتبادل توقف.

خبرة العلاقات الدولية تفيد إذن أن القوى الكبرى ليست حرة فى إملاء إرادتها على القوى الإقليمية، وما نشاهده فى حالات ڤنزويلا و تركيا خير دليل على ذلك. وبطبيعة الحال يلعب هيكل النظام الدولى دورا فى تشكيل نمط التفاعل بين القوى الدولية والإقليمية، فقدرة القوى الإقليمية على المناورة تزيد فى حالة التعددية القطبية، والنظام الحالى ليس أحادى القطبية. وبالتالى فإن الوصول إلى تصفير صادرات إيران النفطية كما تريد الولايات المتحدة هدف صعب جدا بل إنه يكاد أن يكون مستحيلا، فطالما كان هناك من يطلب النفط فإنه سيجد من يبيعه له. لا يعنى ذلك أن إيران لن تعانى من قسوة العقوبات الأمريكية فهى تعانى بشدة وقد صرّح بذلك مسؤولوها كما ألمح لذلك أمين عام حزب الله، لكن لا أحد يعرف إلى متى تستطيع إيران احتمال الضغوط الاقتصادية. من جهة ثانية توجد عوامل أخرى مهمة تتحكم فى نمط التفاعل، ومن ذلك أن الولايات المتحدة وهى تحكم خناقها على إيران عليها أن تراعى تأثير عقوباتها الاقتصادية على حلفاء أمريكا فى المنطقة وعلى رأسهم العراق، فكما نعلم يعتمد العراق على الكهرباء الإيرانية وهو غير قادر فى الوقت الراهن على توفير البديل. وهذا يعنى أن مباراة إيران /أمريكا تحكمها متغيرات متشابكة ومعقدة، فلكل من سارع بالتنبؤ بأثر فورى للعقوبات الأمريكية المتتالية على إيران أقول مهلا .

نقلًا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقوبات الأمريكية على إيران العقوبات الأمريكية على إيران



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 16:39 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف على أفضل انواع "الأرضيات الصلبة" في الديكور المنزلي

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

نادين نجيم تتألق في حفلة Bulgari Festa في دبي

GMT 14:32 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

الآثار تصدر الجزء الأول من سلسلة الكتب عن مقابر وادي الملكات

GMT 10:34 2017 الأحد ,23 إبريل / نيسان

نيرمين الفقي تنشر صورة جريئة تكشف عن مفاتنها

GMT 15:16 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يرتدي الزي الجديد في تصفيات أمم أفريقيا

GMT 08:14 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تغزو عالم التزلج على الجليد بمجموعة فريدة

GMT 10:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قائمة نيويورك تايمز لأعلى مبيعات الكتب في الأسبوع الأخير

GMT 07:52 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة إعداد فطيرة التين باللوز المحمص

GMT 13:47 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

دار MARVINI للمجوهرات تطرح المجموعة الجديدة للمرأة الجذّابة

GMT 13:42 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

"عودة إلى الزمن الجميل" تقذف بقارئها بين أمواج الذاكرة

GMT 07:15 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

الدعاء مستجاب بعد صلاة الفجر يوم الجمعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon