توقيت القاهرة المحلي 11:12:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تغيير مجرى التاريخ: من السادات إلى جورباتشوف

  مصر اليوم -

تغيير مجرى التاريخ من السادات إلى جورباتشوف

بقلم:سعد الدين ابراهيم

سبق أنور السادات فى قمة السلطة المصرية قيادات كاريزمية عملاقة مثل سعد زغلول ومصطفى النحاس، ومحمد نجيب، وجمال عبد الناصر.ولكن محمد أنور السادات، الذى لم يتمتع بأى كاريزما، هو الذى جرؤ على المساس بما كان المصريون والعرب يعتبرونه من الثوابت التاريخية، وهو المبادرة السلامية نحو العدو الصهيونى، بزيارته لإسرائيل، ثم توقيع معاهدة سلام معها. وبذلك أنهى السادات مسلسل المواجهات العسكرية المسلحة، وتحول الصراع من عربى إسرائيلى، إلى فلسطينى إسرائيلى، يصطلح به أصحاب العزيمة أنفسهم، أى الفلسطينيون من أطفالهم ونسائهم، إلى شيوخهم.

واقتصر الدور المصرى على الدعم المعنوى والإنسانى للفلسطينيين. وكانت مبادرة السادات، عام 1977، فتحا جديدا فى إدارة الصراع سلميا، والتفرغ لتحولات هيكلية فى الداخل المصرى، كان أهمها الانفتاح الاقتصادى والتعددية الحزبية.

ومع اختلاف التاريخ والأحجام والتفاصيل، فإن الزعيم السوفيتى أناتولى جورباتشوف قام بدور مماثل فى الاتحاد السوفيتى، أنهى به الصراع بين المعسكرين الشرقى والغربى، بتوقيع معاهدة للحد من الأسلحة الذرية، وتحويل الاقتصاد الروسى إلى آليات السوق والنهج الرأسمالى، بعد سبعين عاما من الثورة البلشفية، التى حملت وروجت للفكر الماركسى الشيوعى.

وكما أنهى أنور السادات حقبة ساخنة من التاريخ المصرى والعربى العداء للغرب وإسرائيل، فعل أناتولى جورباتشوف نفس الشىء، لا فقط فى السياسات والإدارة الداخلية فى الاتحاد السوفيتى، ولكن فى إنهاء قبضة موسكو على مقاليد الأمور فى جمهوريات الاتحاد السوفيتى، وفى بلدان أوروبا الشرقية، التى ظلت تدور فى الفلك الروسى سياسيا وعسكريا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، عام 1945، من خلال حلف وارسو، الذى نشأ كمقابل وظيفى موضوعى لحلف شمال الأطلنطى، الذى قادته أمريكا، وضم حلفاءها الأوروبيين الغربيين.

أدرك أناتولى جورباتشوف أن بلاده تدفع فاتورة باهظة فى سباق التسلح والحرب الباردة، وفى قيادتها لبلدان حلف وارسو، وأنها لا يمكن أن تتحمل تلك الفاتورة الباهظة. كما أدرك بنفس الشجاعة أن تجربة الاقتصاد الاشتراكى، التى بدأت عام 1914 مع نيقولا لينين، ومن بعده جوزيف ستالين، قد استنفدت قوة دفعها، وعوائدها الاقتصادية والاستراتيجية، وأن استمرارها ينطوى على مزيد من إفقار روسيا نفسها، وتبديد ما ظلت تملكه من قوة ذاتية، ومن تأثير خارجى. ولم يكن جورباتشوف وحده فى ذلك الإدراك، ولكن سبق ورافقه آخرون من زعماء الحزب الشيوعى والقادة السوفييت.

ووجد جورباتشوف ترحيبا وتشجيعا من الرئيس الأمريكى رونالد ريجان، ومن المرأة الحديدية البريطانية مارجريت تاتشر، ومن الرئيس الفرنسى تشارلز ديجول. كما وجد ترحيبا وابتهاجا لنفس تلك السياسات الجديدة من المواطنين الروس أنفسهم.

وحين افتتحت بعض شركات الوجبات السريعة، مثل ماكدونالد، وبيتزاهات، فروعا لها فى موسكو، وفى مناطق روسية أخرى أقبل عليها الروس إقبالا منقطع النظير، حيث كانت الطوابير تصل إلى عدة كيلومترات لشراء إحدى تلك الوجبات السريعة. وتكرر نفس الشىء فى سلاسل محلات الملابس والأحذية والسلع الأخرى. باختصار كان هناك نهم استهلاكى سوفيتى لكل ما هو أمريكى، أو بريطانى، أو فرنسى، أو إيطالى.

ومن أوجه الشبه الأخرى بين المصرى أنور السادات، والروسى أناتولى جورباتشوف، أن كلا منهما أسهم بشكل كبير فى تبديد الصراعات الإقليمية والدولية، وفى تجنيب بلادهما وجيرانهما أخطار صراعات مسلحة.

ولذلك، وجدت الأكاديمية السويدية للعلوم والفنون أن كلا من أنور السادات وأناتولى جورباتشوف يستحقان الحصول على الجائزة السنوية الشهيرة باسم جائزة نوبل.

ومن مفارقات التاريخ والأقدار، أن كلا من أنور السادات وأناتولى جورباتشوف، لم يحظيا فى داخل بلديهما بنفس القدر الهائل من التقدير الذى حظيا به عالميا.

رحم الله السادات وجورباتشوف، وأدخلهما فسيح جناته.

وعلى الله قصد السبيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغيير مجرى التاريخ من السادات إلى جورباتشوف تغيير مجرى التاريخ من السادات إلى جورباتشوف



GMT 20:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 20:53 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 20:49 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 20:45 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 08:59 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

تركي آل الشيخ ينفي علاقة "موسم الرياض" بإنتاج فيلم "الست"
  مصر اليوم - تركي آل الشيخ ينفي علاقة موسم الرياض بإنتاج فيلم الست

GMT 00:24 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

دراسة علمية تكشف أن الزمن على المريخ أسرع من الأرض
  مصر اليوم - دراسة علمية تكشف أن الزمن على المريخ أسرع من الأرض

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني

GMT 09:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

تسلا تخطط للكشف عن نسخة أرخص من "موديل واي"

GMT 00:42 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

مقلب كوميدي لوفاء عامر من نجلها

GMT 02:04 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تقرر ارتداء الحجاب وتتمنى الزواج لهذا السبب

GMT 09:45 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

أصالة نصري تكشف حقيقة تهكمها على فستان رانيا يوسف

GMT 11:00 2021 الخميس ,25 شباط / فبراير

يورجن كلوب يقترب من قيادة منتخب ألمانيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt