توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان وحكومته الجديدة تحت المجهر الأميركي

  مصر اليوم -

لبنان وحكومته الجديدة تحت المجهر الأميركي

بقلم : هدى الحسيني

بعد تسعة أشهر من شد الأعصاب وشد الحبال، أعطى «حزب الله» والرئيس اللبناني ميشال عون، الضوء الأخضر لتشكيل الحكومة التي يرأسها سعد الحريري. يجدر بالملاحظة أن هذا التشكيل يعكس جهود إيران لوضع «حزب الله» واحدةً من أهم القوى في النظام السياسي اللبناني، ويمكن الآن للحزب بعدما أخذت الحكومة الثقة، أن يتنفس الصعداء بعد مفاوضات عنيدة بلغت ذروتها في نجاح الحزب في تلبية كل مطالبه.
نجحت طهران في تحسين وضع الحزب بحصوله على وزارات إضافية بما فيها وزارة الصحة المهمة جداً للخدمات التي تقدمها. إذ على الرغم من الضغط الدولي لعدم منحه هذه الحقيبة أصر الحزب عليها لأنها ستمكّنه من تحسين خدماته لمجتمعه وتعزيز صورته العامة. والأسبوع الماضي قال عضو المجلس المركزي للحزب الشيخ نبيل قاووق إن الحزب حصل على وزارة الصحة على الرغم من «الفيتو» الأميركي، كما أظهر، برأيه، حجم تراجع دور الولايات المتحدة ونفوذها في لبنان! (الأسلحة الأميركية ما زالت تتدفق على الجيش اللبناني).
لكن بدلاً من كبح نشاط الحزب في لبنان، زاد من تأثيره وراء الكواليس، واستطاع أن يجد طريقة سهلة لاستخدام موارد الدولة لاحتياجاته الاقتصادية والمدنية في وقت يعاني فيه من صعوبات مالية بالغة. وبالإضافة إلى حصول الحزب على وزارة الصحة، ظلت حقائب رئيسية أخرى في أيدي حلفائه المقربين مثل وزارة المالية التي تديرها «حركة أمل»، ووزارة الأشغال العامة والنقل التي يديرها «المردة».
ربما كان أهم إنجاز حققته طهران والأمين العام للحزب هو الضغط على الرئيس عون لإعطاء مناصب لمؤيدي أنصار السنة الموالين للحزب والنظام السوري، على حساب الثلث المعطل، وهو كان قد أكد في لقاء صحافي أن دخول الوزارة ليس من حقهم. على مدى الأشهر الماضية عمل علي المملوك رجل الاستخبارات السوري وراء الكواليس بالضغط على «حزب الله» ليطالب بتمثيل سنّي مؤيد لسوريا في الحكومة اللبنانية. وهكذا جاء تعيين صالح غريب من الموالين للنائب طلال أرسلان الصديق الشخصي للرئيس السوري، وزيراً لشؤون النازحين، والهدف من هذا صار معروفاً؛ إجبار الحكومة اللبنانية على فتح «خط شرعي شامل» مع النظام السوري، وجرى تعيين حسن مراد وزير دولة للتجارة الخارجية، وهذه كلها من بين علامات استئناف النفوذ السوري في لبنان.
أدى الجدل الذي أحاط بتعيين السنة الموالين للنظام السوري إلى تأخير تشكيل الحكومة، وخسر التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل (وزير الخارجية) هذه الحملة. لقد ضغط الأسد و«حزب الله» على كلٍّ من عون وباسيل من أجل التنازل عن مطلبهما الرئيسي طوال أشهر المفاوضات، أي السيطرة المباشرة على 11 وزيراً، وكان من شأنها أن توفر للتيار الوطني ورئيسه الثلث المعطل. بدلاً من ذلك اضطرت كتلة الرئيس «لبنان القوي» أن تدرج لديها وزراء مستقلين عنها إنما متأثرون بطهران والنظام السوري و«حزب الله»، اللافت بين هؤلاء حسن مراد الذي أزال تعيينه العقبة الأخيرة التي وضعها نصر الله في طريق إخراج الحكومة.
تم اختيار مراد على يد الأسد ونصر الله بالتحديد، لأنه موالٍ لهما ويحرّكانه، ومن المتوقع أن يعمل وفقاً لإملاءاتهما، على الرغم من الانطباع الذي حاول باسيل خلقه عندما أعلن أن مراد ينتمي إلى كتلة «لبنان القوي» التي يقودها. وينبع ولاء مراد لـ«حزب الله» وسوريا من العلاقات الطويلة بين والده وعائلة الأسد.
وهكذا أعاد النظام اللبناني عقارب الساعة عقوداً إلى الوراء، إلى الوقت الذي كانت تعيّن دمشق فيه اللاعبين السياسيين، وتملي عليهم تحركاتهم. هي الآن تسيطر على لبنان من خلال «حزب الله»، وتستغل ضعف بعض السياسيين تجاه الكراسي.
يتباهى «حزب الله» بوضعه الخاص الذي يعتقد أنه سيحسن من تأثيره وشرعيته وحريته. وقد تجلى ذلك في جلسات مناقشة منح الثقة للحكومة. فخلال مناقشات برلمانية ساخنة بين نائب «حزب الله» نواف الموسوي، ونائب الكتائب نديم الجميل ابن الرئيس الشهيد بشير الجميل، قال الموسوي: «إنه شرف لكل لبناني أن ميشال عون قد انتُخب من خلال بندقية المقاومة». بدل الشعور بالشرف شعر اللبنانيون بالإهانة الموجّهة إلى رئيس الجمهورية وأيضاً بنكران «حزب الله» للغطاء المسيحي الذي أعطاه عون للحزب منذ حرب 2006، وكادت فتنة طائفية تشتعل، حتى تدخل النائب محمد رعد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» المتحالفة مع «حزب الله»، وقدم اعتذاراً في مجلس النواب عن تصرف الموسوي، فكلماته أحرجت وكشفت المخفيّ عند الحزب.
بعد ذلك تباهى أحد أعضاء «حزب الله» بأن على اللبنانيين أن يقدّروا «أن أكبر حزب اعتذر لأصغر حزب»! لكن كل لبناني سيتذكر فقط ما كشف عنه الموسوي، وأن الحزب لا يرى أحداً غيره على الساحة اللبنانية. على الرغم من شعور الحزب أنه بفضل وضعه الجديد في الحكومة لا يمكن لأحد أن يضع عقبات في طريقه، فإن الواقع يختلف. إذ على الرغم من إضعاف لاعبي المعسكر الرئيسيين في «جبهة 14 آذار» فإنهم أصبحوا أكثر اتحاداً، وهذا سيمكّنهم من التمسك بقدرتهم على حق النقض. وعلى الرغم من أن «التيار الوطني الحر» فشل في تحقيق الثلث المعطل فإنه لا يزال يحتفظ بحقائب الدفاع والخارجية والعدل والطاقة والاقتصاد، وحافظ الحريري على وزارتي الداخلية والاتصالات.
تشير الردود الإيجابية من المجتمع الدولي على تشكيل الحكومة بعد مفاوضات حادة، إلى أكثر من شيء، والأهم الحاجة إلى رؤية لبنان يحافظ على الاستقرار الاقتصادي والسياسي. وقد أرسلت الولايات المتحدة رسالة إنذار إلى الحزب بأنه إذا تم استخدام وزارة الصحة لتمويل الحزب وعائلات مقاتليه فسيكون الرد قوياً. إن لبنان تحت المجهر.
سيكون هذا هو الاختبار الحقيقي لقدرة الحكومة اللبنانية على إدارة الدولة. ومع مشاركة علي المملوك وقاسم سليماني في محاولة السيطرة على لبنان سيكون من المثير للاهتمام أن نرى أن لبنان لن يبتعد عن الحضن العربي.
لم تكن ضرورية زيارة محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني للبنان إلا لدعم العروض السخية التي عرضها الأمين العام لـ«حزب الله» على اللبنانيين من طائرات عسكرية إيرانية للجيش اللبناني حتى حبة الأسبرين. لكن كل هذه العروض ستبقى على الطاولة لأن لبنان لن يسمح لإيران بتغيير هويته. ثم، أيُّ دولة تستبدل إيران بالولايات المتحدة؟
في المقابل، كانت زيارة المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا للبنان، خطوة جد إيجابية، ووعده برفع الحظر عن عودة السعوديين إلى لبنان دليل على أن المملكة قررت من الآن وصاعداً عدم ترك أي فراغ في لبنان، وهذا في حد ذاته أكبر إزعاج لإيران، فالساحة اللبنانية لم ولن تكون لها.

 

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وحكومته الجديدة تحت المجهر الأميركي لبنان وحكومته الجديدة تحت المجهر الأميركي



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 16:39 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف على أفضل انواع "الأرضيات الصلبة" في الديكور المنزلي

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

نادين نجيم تتألق في حفلة Bulgari Festa في دبي

GMT 14:32 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

الآثار تصدر الجزء الأول من سلسلة الكتب عن مقابر وادي الملكات

GMT 10:34 2017 الأحد ,23 إبريل / نيسان

نيرمين الفقي تنشر صورة جريئة تكشف عن مفاتنها

GMT 15:16 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يرتدي الزي الجديد في تصفيات أمم أفريقيا

GMT 08:14 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تغزو عالم التزلج على الجليد بمجموعة فريدة

GMT 10:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قائمة نيويورك تايمز لأعلى مبيعات الكتب في الأسبوع الأخير

GMT 07:52 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة إعداد فطيرة التين باللوز المحمص

GMT 13:47 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

دار MARVINI للمجوهرات تطرح المجموعة الجديدة للمرأة الجذّابة

GMT 13:42 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

"عودة إلى الزمن الجميل" تقذف بقارئها بين أمواج الذاكرة

GMT 07:15 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

الدعاء مستجاب بعد صلاة الفجر يوم الجمعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon