توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد

  مصر اليوم -

لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد

علي الرز

يستشري، عربياً، مرض التسليم بالمواقف السياسية لهذه الدولة او تلك لبناء استنتاجاتٍ سريعةٍ تتجاوز الجوهر الأساس للنزاع. من ذلك الضجة التي أحدثها تصريح رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم عن بقاء بشار الأسد في السلطة لفترة وشراكته في المرحلة الانتقالية، وهو تصريحٌ تَوّج جملةَ الاستداراتِ الترميمية التي بدأتْها تركيا قبل الانقلاب الفاشل وتابَعتْها.

والمرض العربي لا يقف عند حدٍّ واحدٍ بل يتغلغل في كل الحدود، فإذا قالتْ تركيا إن لا مكان للأسد لا في السلطة ولا في المرحلة الانتقالية يتمّ التسليم ايضاً بذلك كمادةِ استنتاجٍ، لا بل تصبح تركيا رأس حربةٍ في مشروع إسقاط الأسد ويصبح الشأن التركي الداخلي تالياً جزءاً من هموم المُواطن العربي الخائف على أيّ تغييرٍ يُضعِف صلابة الأتراك تجاه قضية عادلة.

الثورة السورية ثورة شعبٍ على نظامٍ يَعتبر الأرض ومَن عليها مزرعة خاصة له يحميها داخلياً بكل أنواع القمع والتنكيل، ويحميها خارجياً بوظيفةٍ مكشوفة ومعروفة تقتضي التمدُّد لـ "كمْش" الأوراق مع الحليف الاستراتيجي إيران ثم التفاوض على الأرباح لا على رأس المال، أما إسرائيل فكانت في صلب الاستخدام القهري للسوريين أداةً لمصادرة الحياة العامة والحريات بحجة ان لا صوت يعلو فوق صوت معركةٍ ... وهمية.

قلّة قليلة في الثورة السورية قرأتْ بعينيْن واضحتيْن خطة الأسد والإيرانيين لـ "شيْطنة" الثورة وتحويلها الى "جماعاتٍ متطرفة". قلّة من مختلف المناطق والطوائف تمّ عزْلها لاحقاً بفعل المتغيّرات على الأرض، والتخبّط الخارجي في إدارة ملفٍ بهذا الحجم، ونقْص الخبرة وغياب التجربة السياسية. خرجتْ "القاعدة" و"داعش" من رحم ثلاث مناطق تسيطر عليها أنظمةٌ تسيطر عليها إيران. سجون عراق المالكي، وسجون سورية الأسد، وسجون المكلا وعدن وصنعاء تحت سيطرة الحوثيين. عشرات آلاف الكوادر عادتْ للعمل ففرّختْ وتوسّعتْ واستقبلتْ قوافل المهاجرين من كل أنحاء العالم. بقي مَن اتخذ القرار مركزياً في إيجاد أرضٍ لدويلات "المجاهدين" ثم ترَك لهم إدارتها بلا مركزية مطلقة لاستقطاب العالم ومخاوفه ... اختلطتْ الأوراق وصارتْ كل سكّينة "داعشية" تَذبح غربياً او عربياً او سورياً وكل عملية في العالم ممراً لمزيد من الانفتاح "الأمني" على الأسد.

فعلتْ ورقة المتطرّفين فعْلها. وصل الروسي من بوّابة أوكرانيا بحججٍ مختلفة مثلما فعل الإيرانيون سابقاً، ووصل الاميركي بخجلٍ من خلف الرداء الروسي وتحت سقف التدخل الدولي. بقي الأسد مشكلة في خطابات قادة العالم، لكن "الدولة الإسلامية" مشكلة أكبر. واذا لم تكن عمليات "داعش" داخل تركيا فاعلة في تغيير موقفها، فورقة الأكراد جاهزة لليوم الأسْود، وخصوصاً بعد تحضير المسرح لهم بشكل جيّد وسماح النظام السوري بتسليحهم غربياً والتنسيق الميداني معهم. هؤلاء لا ينتحرون مجاناً او بشكل شبه مجّاني كما يفعل أتباع "داعش"، بل يقاتلون من أجل دولةٍ اذا ما قامت في أيّ مكانٍ داخل المربّع الإيراني السوري التركي العراقي فإنها تخلخل أضلاعه.

أعادت تركيا تموْضعها سياسياً داخل المثلث الذي يجمعها بإيران وروسيا، وبدأتْ تحت ستار البراغماتية تطلق إشاراتٍ الى أعداء الأمس الذين التقطوها وردّوا التحية بمثلها في الحسكة. عاد الجميع الى "الحلّ السياسي"، وهو عنوانٌ مطّاط مضمونه الفعلي ترْك السوريين للمذبحة. إعجاب أنصار الأسد وحتى بعض أعدائه بقدرته على استخدام الأوراق لتحويل الثورة الى ما صارتْ عليه اليوم ولتغيير مواقف دولٍ إقليمية وعالمية، هو إعجابٌ حقير أقرب الى الشراكة منه الى إبداء رأي. إعجابٌ بقاتلٍ تَباهى أمام وسائل الإعلام بجرائمه ومجازره وبراميله وترَك للعالم "فخر" المحاولة لإخفاء ما أمكن من أدلّة ... بما فيها الكيماوية.

استدارة الأتراك سواء بقيتْ "هلالاً" او اكتمل قمرها، وخُبْث الكرملين، وهيْمنة إيران، وتواطؤ البيت الأبيض، والتجاهل العربي، ومعارك حزب الله، وعصائب أهل الحق، والحشد الشعبي، وشراذم الأفغان، وشبيحة النظام السوري، وظلم ذوي القربى ... لا تُغيِّر، ولن تُغيِّر، من كتاب الأسد الاجرامي حرفاً، ودماء شهداء سورية ستنتصر حتماً على سيْفه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد لن يغيّروا حرفًا من كتاب الأسد



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 16:27 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

سلامٌ.. من أجل القمح

GMT 14:34 2025 الأحد ,08 حزيران / يونيو

أي رسالة إسرائيلية للعهد بعد غارات الضاحية؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt