توقيت القاهرة المحلي 01:42:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عفرين: على أنقاض سوريّة

  مصر اليوم -

عفرين على أنقاض سوريّة

بقلم - حازم صاغية

حين يغزو الجيش والطيران شمال سوريّة الغربيّ، يقال إنّ الأكراد وعفرين استُهدفوا بالغزو. وحين تضرب إسرائيل جنوب سوريّة، يقال إنّ إيران و «حزب الله» استُهدفا بالضرب. وحين تتمدّد إيران في سوريّة، يجري الحديث عن نقاط ومواقع وبلدات مبعثرة كما لو أنّها نفرتْ من خريطة وطنيّة جامعة.

وهذه الأوصاف، للأسف، صحيحة. آخر علامات صحّتها أنّ آلاف المقاتلين من «الجيش السوريّ الحرّ» التحقوا بالغزاة الأتراك الزاحفين من الشمال. ذاك أنّ الحرب الأهليّة بانعقادها على المطامع الإقليميّة لا تترك شيئاً من الثورة، لكنّها أيضاً لا تترك شيئاً من البلد ذاته.

والحال أنّ سوريّة لم تعد سوريّة. لقد غدت جواراً، وربّما أطرافاً، لإيران وتركيّا وإسرائيل. والدول النافذة وذات المنزع التوسّعيّ هذه تشترك في «تنظيف» نطاقها الجغرافيّ المباشر. هذا ما قد يغدو إحدى أبرز سمات المرحلة المقبلة. إنّه، بالأحرى، من أبرز سمات اليوم، يومنا هذا.

تركيّا تخوض حملتها على «جوارها»، أي الأكراد السوريّين في عفرين. إسرائيل لا تريد وجوداً عسكريّاً لإيران في جوارها الذي هو الجنوب السوريّ. لقد أرفقت رغبتها بضربات عسكريّة موجعة. إيران لا تقبل بأقلّ من نفوذ وطيد وراسخ في سوريّة، يكون امتداداً لنفوذها الوطيد والراسخ في الجوار العراقيّ المباشر.

وهذه الدول «تتفهّم» واحدتها الأخرى وتتفاهم في ما بينها. ومعها تتفاهم الدول الكبرى مثلما فعلت إبّان الهجوم على كركوك في العراق. وفي اللحظة الراهنة يبدو التعويل على الرأي العام شبيهاً بالتعويل على دوله. الخدر القوميّ يفتك بجسم المنطقة: القوى الوازنة في تركيّا مجمعة على سياسة أردوغان، والانتقادات تنحصر في التفاصيل. في 90 ألف مسجد تركيّ تُليت «سورة الفتح» وارتفع الدعاء بالنصر للجيش. عن إسرائيل، وفي صحيفة «هاآرتز»، يكتب المؤرّخ وأحد أبرز دارسي الفاشيّة، زيف سترنهِل، عن «فاشيّة نامية وعنصريّة شبيهة بـ [طور] النازيّة المبكرة»، لكنّه ينهي مقالته بأنّ «معظم الإسرائيليّين لا يبدو أنّهم قلقون». في إيران، رفعت «الثورة الخضراء» في 2009، ومن بعدها احتجاجات الأسابيع الأخيرة، مطلب الانسحاب من سوريّة وبقية المشرق. هذا الموقف، على إيجابيّاته المباشرة، يقلّ كثيراً عن المطالبة بالعدالة والحقّ لسوريّة وبقية المشرق.

والأكراد، هنا وهناك، أبرز المذنبين لأنّهم أضعف الضعفاء. في الإقليم، أجروا استفتاء فخنقهم الحصار. في سوريّة، أخطأوا بأن علّقوا صورة لعبدالله أوجلان، فهاجمتهم طائرات رجب طيّب أردوغان ودبّاباته، وانفجرت في وجوههم أشباح صدّام حسين. للتذكير، فإنّ أوجلان الإرهابيّ أسير، بل أسير مزمن.

وإذا كان انعدام الإجماعات السوريّة المصدر الأوّل لهذا البؤس الذي تنتهي إليه البلاد، فإنّ هذه التدخّلات، وآخرها التدخّل التركيّ الراهن، لا تفعل سوى إضعاف الإجماعات الضعيفة أصلاً.

لقد راهن الأسدان، حافظ وبشّار، على دور إمبراطوريّ، فحوّلا البلد ساحة للأدوار الإمبراطوريّة الأخرى. مُزّق ولم يتبقّ منه إلاّ الأنقاض والأشلاء التي يقتسمها الآخرون. وقصّة سوريّة اليوم مثل رواية ذات ألف نهاية، كلّ واحدة من تلك النهايات بداية أخرى، وكلّ بداية من تلك البدايات مأساة أخرى. وهكذا دواليك...

نقلا عن الحياة اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عفرين على أنقاض سوريّة عفرين على أنقاض سوريّة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon