توقيت القاهرة المحلي 11:56:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما الذي يفوز إذا فاز ترامب؟

  مصر اليوم -

ما الذي يفوز إذا فاز ترامب

بقلم : حازم صاغية

بعد أيّام ثلاثة قد يجد العالم نفسه أمام احتمال انفراج كبير. هذا إذا فازت هيلاري كلينتون برئاسة الولايات المتّحدة التي هي، بمعنى ما، رئاسة العالم. لكنّه قد يجد نفسه أمام محنة كبرى، في ما لو فاز منافسها دونالد ترامب.

يكفي، لتقدير حجم هذه المحنة، أن نؤصّل الترامبيّة، مستعيدين المحطّات التأسيسيّة الكبرى في ما قبل تاريخها، والتي توّجت نفسها فيها. بهذا نستطيع تبيّن ما يمثّله المرشّح الجمهوريّ للرئاسة بوصفه عصارة عداء متراكم للعقل وللحرّيّة وللمساواة وللتقدّم وللمصلحة في وقت واحد.

فالمحطّة الأولى في المسار الموصل إلى ترامب تتمثّل في مناهضة «النيوديل» والروزفلتيّة بوصفهما حلاً للأزمة الاقتصاديّة عبر توزيع المسؤوليّة عنها في شكل عادل، أي عدم الاقتصار على تحميل الفئات الأفقر وحدها أكلاف العلاج. والمحطّة هذه يرمز إليها روبرت تافت، أحد الزعماء الشعبويّين في هوامش الحزب الجمهوريّ ما بين الثلاثينات والخمسينات.

وتتجسّد المحطّة الثانية في جورج والاّس، وهو أيضاً سياسيّ هامشيّ وشعبويّ إنّما صعد في الحزب الديموقراطيّ، قبل أن يتحوّل الديموقراطيّون في الستينات إلى حزب المساواة العرقيّة فينتقل عنصريّوهم الجنوبيّون إلى الحزب الجمهوريّ. لقد ارتبط اسم والاّس بالفصل العرقيّ بين البيض والسود، وبتأسيس دعوة الارتداد إلى كونفيدراليّة الجنوب السابقة على الحرب الأهليّة في القرن التاسع عشر.

أمّا المحطّة الثالثة الكبرى فتتمثّل في جوزف مكارثي، ذاك السناتور الجمهوريّ الذي ذاع اسمه بوصفه المرادف، الكونيّ واللغويّ في آن معاً، لقمع الثقافة والفنون والسينما بحجّة مكافحة الشيوعيّة.

وترتبط المحطّة الرابعة بباري غولدووتر الذي أثار ترشُّحه عن الجمهوريّين في 1964 أوسع المخاوف من احتمال استخدامه السلاح النوويّ لحسم صراع الحرب الباردة مع الاتّحاد السوفياتيّ السابق.

ولئن صُنّف ريتشارد نيكسون ورونالد ريغان حليفين مشروطين للحركات المتطرّفة هذه، يتقاطعان معها في بعض حلقاتها، فإنّهما لم يُعتبرا أصليّين فيها، كما أصابتهما شكوك رموزها وحذرهم نتيجة صدورهما عن «التيّار العريض» وما يُمليه ذلك من «اعتدال» غير محمود. أمّا اليمين الإنجيليّ فهو الآخر اعتُبر حليفاً انتخابيّاً، إلاّ أنّه ظلّ متمايزاً بفعل ميله التدخّليّ والتوجيهيّ في الحيّز التربويّ-الأخلاقيّ، وهو ما استكثره، مُحقّاً، ذاك التيّار على الدولة ودورها.

هكذا أخّرت سنوات نيكسون وريغان، في امتصاصها الظاهرات الجمهوريّة الأكثر تطرّفاً، ظهور المحطّة الخامسة حتّى 2009، حين تشكّلت جماعة «حركة الشاي» التي تعدّت الهامش الجمهوريّ إلى المتن الحزبيّ، وكانت إشارة أخرى إلى النضاليّة اليمينيّة المتجذّرة وإلى ازديادها قوّةً وانتشاراً بين الفقراء البيض.

في هذه الغضون، أطلق عهدا جورج دبليو بوش (2000-2008) هامشاً جمهوريّاً مختلفاً هو «المحافظون الجدد»، ممّن تنعدم علاقتهم باليمين الذي نتناوله هنا: فهم نخبة من المثقّفين، لا تيّار في الحزب. وهم تدخّليّون في السياسة الخارجيّة، وليسوا انعزاليّين، تمرّدوا على «السياسات الواقعيّة» كما اتّبعتها «المؤسّسة» الجمهوريّة-الديموقراطيّة وكان هنري كسينجر أبرز رموزها. وهم متمسّكون بـ «الدور الرياديّ» لأميركا في العالم، والذي يعكس، وفقاً لهم، تلاقياً غير مسبوق بين القيم والمصالح. وهم، أخيراً، يرون في الديموقراطيّة الليبراليّة روح ذاك الدور، ضدّاً على التشكيك اليمينيّ الشعبويّ بالديموقراطيّة الليبراليّة. هكذا شمل القوميّون بأهاجيهم رموز «المحافظين الجدد» واتّهموهم الاتّهام الشائع والمبتذل: ليبراليّون نخبويّون.

في الأحوال كافّة، تغيّرت التسميات التي تصف المحطّات السابقة على الترامبيّة والممهّدة لها، من «محافظة عتيقة» إلى «ليبرتاريّة» إلى «يمين بديل»، إلاّ أنّ القوميّة العدوانيّة البيضاء لم تتغيّر، هي التي حضنت ديفيد ديوك، أحد زعماء الكوكلوكس كلان، ورعت دعوات إلى رفض المساواة بين الأبيض والأسود، وبين الرجل والمرأة.

ومُجمّع الأوساخ هذه هو ما بات يُسمّى دونالد ترامب، الذي أضاف إليه نكهته الشخصيّة المريضة والعفنة. فإذا فاز في انتخابات الثلاثاء، فاز مُجمّع أوساخ سوف يفيض على عالم تكفيه أوساخه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي يفوز إذا فاز ترامب ما الذي يفوز إذا فاز ترامب



GMT 07:46 2020 الأحد ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن وقراءة المتغيّرات في المنطقة

GMT 23:56 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

أقوال عن رونالد ريغان وهيلاري كلينتون وغيرهما

GMT 09:17 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وبايدن والنظام الأميركي المعطوب!

GMT 00:27 2020 الأحد ,10 أيار / مايو

خطورة إعادة إنتاج جماعة «الإخوان»

GMT 01:06 2019 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

بينما كانت أميركا نائمة!

نانسي عجرم بإطلالة رقيقة في حفل لـ "Tiffany and co"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:15 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

محمد إمام يتعاقد على مسلسل لـ رمضان 2025
  مصر اليوم - محمد إمام يتعاقد على مسلسل لـ رمضان 2025

GMT 02:20 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرف على قصة الفتاة صاحبة "استغاثة الفيسبوك"

GMT 05:06 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان حكيم يكشف أنّه لا يمانع دخول ابنه مجال التمثيل

GMT 09:21 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي وكورتني كارداشيان في فستانين أنيقين

GMT 19:02 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

مباحث الآداب تفحص ٥٥ شقة مفروشة في الغردقة

GMT 15:32 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

قشر البيض أهم مصادر معادن الكالسيوم والفسفور والزنك

GMT 00:02 2015 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

كيف يكون شكل الجنين في الشهر التاسع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon