توقيت القاهرة المحلي 18:06:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البيك والأمين العام

  مصر اليوم -

البيك والأمين العام

بقلم : حازم صاغية

يومٌ فصل بين حدثين: إطلالة الأمين العام لـ «حزب الله» مُبدياً رأيه بزواج صغار (صغيرات) السنّ وبالمثليّة الجنسيّة، واحتفال المختارة حيث باشر رئيس الحزب التقدّميّ الاشتراكيّ مهمّة توريث نجله زعامة الطائفة.

الحدث الثاني الذي صنعه البيك الدرزيّ، رجعيّ بما فيه الكفاية: التوريث الحزبيّ، الكوفيّة، المقارنات الصحافيّة بين معنى الكوفيّة ومعنى العباءة، مخاطبة روح الأسلاف ومناجاتها، وسائر الطقوس والإشارات التي حفّت بالمناسبة. الحدث الثاني الذي كان نجمه كان أكثر رجعيّة.

نعرف أنّ النظام اللبنانيّ يتألّف من أنظمة فرعيّة للطوائف، وأنّ العائلات وسيط العلاقة بين الأفراد ونظامهم الطائفيّ، فيما التوريث يجدّد العائلات من ضمن استمراريّتها. التوريث، في هذا المعنى، شامل عامّ للطوائف، وقد ازداد شمولاً منذ حرب السنتين لأنّ تلك الطوائف صارت أكثر انكباباً على نفسها وأقلّ حفولاً بخارجها، أكان رأياً عامّاً أو خاصّاً. الوافدون الجدد إلى السياسة طبّقوا هذا المبدأ القديم: سعد الحريري ورث أباه رفيق. ميشال عون ورّث صهره جبران باسيل. قبلهما، ورث وليد جنبلاط أباه كمال، وسليمان فرنجيّة أباه توني وجدّه سليمان، وتمّام سلام أباه صائب، وسامي الجميّل أباه أمين وجدّه بيار، وطلال أرسلان أباه مجيد، وميشال معوّض أباه رينيه... حتّى كامل الأسعد وكميل شمعون وريمون إدّه، الذين لم يتركوا الكثير للتوريث، ورثهم الابنان أحمد ودوري، وابن الأخ كارلوس.
السياسيّون الآباء ماضون في تجهيز المزيد من الأحزمة الناسفة لتفجيرها فينا: سليمان فرنجيّة سيورّث نجله توني، ونبيه برّي سيورّث نجله عبدالله...

هنا يغيب الفارق بين زعامات قديمة وزعامات جديدة. فالنظام الذي أسّسه القدامى يبتلع الجدد ويكيّفهم على أساسه. إنّه يخرطهم خرطاً ما دام الجدد لم ينتجوا نظاماً جديداً. لكنْ هناك قاسم آخر مشترك بين هؤلاء: إنّهم لا يفرضون على أتباعهم ومحازبيهم نظرتهم إلى الحياة والكون والفنّ والأخلاقيّات. إنّهم لا يملكون هذه النظرة أصلاً. شعارهم في الحياة «عش ودعه يعش». الاستئثار بالسلطة والمال، وهو مهول، لا يتعدّاهما إلى المجتمع ولا يؤمّم العقل. هكذا بقي لبنان، على رغم بشاعة سياسته وفسادها، مجتمعاً ديناميّاً.

مقابل التهافت في هذه الرجعيّة هناك التماسك في الرجعيّة الأخرى التي يرعاها الأمين العامّ... والتماسك عادة شهيرة في الأمناء العامّين. التهافت غير التدخّليّ عند البيك أفضل مليون مرّة من التماسك التدخّليّ عند الأمين العامّ. لكنّ شرط هذا الإقرار أن يكون البشر أحراراً وأن ينظروا إلى أنفسهم هكذا وأن يطلبوا من الآخرين معاملتهم كأحرار. إذا نظروا إلى أنفسهم كوقود لحرب ما، برّروا للأمين العامّ أن يحتقرهم.

فالرجعيّة النضاليّة تتيح لصاحبها أن يعامل المجتمع كمدرسة قرويّة تعجّ بطلاّب قاصرين. الأستاذ يقول لهم أن يقصّوا أظافرهم ويغسلوا وجوههم وينظّفوا آذانهم، قبل أن يحوّلهم علفاً للمدافع. وهو يتدخّل في كلّ كبيرة وصغيرة بالرأي القاطع والمُلزم الذي لا يقوم عليه أيّ دليل ما خلا قناعات الأستاذ-الأمين العامّ. الرجعيّة الأولى، التقليديّة، ليست مُلزِمة، ويمكن الفرار منها وعدم التصويت لرموزها. الرجعيّة الثانية، النضاليّة، مُلزِمة، خصوصاً أنّها مصفّحة بمقدّس مزدوج: العقيدة والمقاومة. فعاليّة هذا المقدّس كمثل فعاليّة اللايزر.

الرجعيّة التقليديّة، فوق هذا، لا تدافع عن التوريث الذي ترتكبه. إنّها، بمعنى ما، تخجل به. إذا سئلت تهرّبت من الجواب أو قدّمت إجابة مموّهة أو سينيكيّة، أو ردّت بكلام تافه من نوع «كلّهم يفعلونها» أو «هل وقفتْ عليّ؟». أمّا رجعيّة الأمين العامّ، فيما تدافع عن موقفها من الزواج المبكر ومن المثليّة ومن كلّ مسألة أخرى، فتبدو صلبة وغير هيّابة، لا يستوقفها أنّها تهبّ في وجه الحرّيّة وحقّ الخيار، فضلاً عن تعارضها مع مكتبة بكاملها من المعارف والتجارب. دليلها خرافة أخرى: دمار الغرب! الذي لا تشتهي ملايين مجتمعاتنا سواه، لاجئةً إلى ذاك الغرب المدمّر هرباً من حركاتنا المقاومة وأنظمتنا المقاومة. من لا يقنعه هذا، ويطلب المزيد منه، عليه برأي علي خامنئي من أنّ المساواة بين الجنسين «خطّة صهيونيّة». لكنْ اصمتوا رجاءً، واقبلوا صاغرين ما يقوله السيّدان. إنّهما يقاتلان إسرائيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البيك والأمين العام البيك والأمين العام



GMT 01:14 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

صفعة عمرو والدرع الواقي

GMT 01:00 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

حرب غزة إلى أين؟

GMT 00:57 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

إسرائيل: «تجسد الوهم»

GMT 23:57 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

وأين القراءة؟!

GMT 23:55 2024 الأحد ,09 حزيران / يونيو

المصرى اليوم

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:20 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرف على قصة الفتاة صاحبة "استغاثة الفيسبوك"

GMT 05:06 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان حكيم يكشف أنّه لا يمانع دخول ابنه مجال التمثيل

GMT 09:21 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي وكورتني كارداشيان في فستانين أنيقين

GMT 19:02 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

مباحث الآداب تفحص ٥٥ شقة مفروشة في الغردقة

GMT 15:32 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

قشر البيض أهم مصادر معادن الكالسيوم والفسفور والزنك

GMT 00:02 2015 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

كيف يكون شكل الجنين في الشهر التاسع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon