توقيت القاهرة المحلي 10:41:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يوم الدين.. دعوة للإنسانية

  مصر اليوم -

يوم الدين دعوة للإنسانية

بقلم - زياد بهاء الدين

لقمامة من الساحة المجاورة، ومع أنه شفى من الجذام بعد حين، إلا أن المرض ترك آثاره الواضحة على جسمه وعلى وجهه، فلما توفيت زوجته وضاقت به الدنيا، قرر أن يسافر إلى قريته التى سمع أنها تقع بمحافظة قنا ليبحث عن أصله وعن أهله ويسألهم لم نبذوه صغيرا ولم يسألوا عنه من يومها، والفيلم هو هذه الرحلة الشاقة والكاشفة التى يصاحب «بشاى» فيها الفتى الأسمر محمد «أوباما» ذو الأصل السوهاجى والهارب من دار الأيتام، ومعهما حمار «بشاى» الوفى. وخلال الرحلة يكشف لنا الفيلم عن حجم الانحياز فى المجتمع ضد المرضى والضعفاء، والنفور ممن أصابتهم عاهات أو تشوهات، والقسوة التى يتعامل بها الناس مع المنبوذين لأى سبب.

موضوع الفيلم قاس، ومشاهد مستعمرة الجذام، وجبال القمامة، والمستوصف الحكومى، ودار الأيتام، والشوارع المزدحمة، والمصارف الطافحة، وعالم اللصوص والبلطجية والمتسولين، تذكرنا بواقع عادة ما يتجاهله الاعلام كى لا يتهم بتشويه صورة البلد أو تعطيل السياحة فيها.

ومع ذلك فإن ما يجعل الفيلم مختلفا ومستحقا فى تقديرى للتقدير والثناء اللذين نالهما أن مخرجه ــ وسأعود إليه بعد قليل ــ لم يتوقف عند التناقضات الاجتماعية الصارخة والبديهية التى كان يمكن بسهولة أن يجعل منها موضوعا محوريا، كما أنه لم يتوقف كثيرا عند المشهد الطائفى البديهى بدوره والذى كان يمكن أن يمثل مادة خصبة وجذابة، بل تجاوز الرسائل السياسية والاجتماعية التى كان يمكن أن يحفل بها الفيلم ليأخذنا إلى مستوى آخر أرفع شأنا، وهو الدعوة للإنسانية، قضية «بشاى» التى اختار الفيلم أن يبرزها ليست أنه فقير فى مجتمع طبقى، ولا أنه مسيحى فى مجتمع طائفى، بل أنه منبوذ بين الناس لأنهم جاهلون بمرضه، وخائفون مما لا يعلمونه، وكارهون للاختلاف، وهذا أبلغ تعبير عن الأزمة الإنسانية فى المجتمع.

ويزيد من إنسانية الفيلم وقوة رسالته أن «بشاى» ليس ممثلا محترفا، بل هو فى الحقيقة «راضى جمال» الرجل الاربعينى من احدى قرى محافظة المنيا والذى أصيب بالجذام فى طفولته وقضى حياته فى مستعمرة أبى زعبل وتعرف على المخرج حينما كان يقوم منذ سنوات بعمل فيلم وثائقى عن المستعمرة. فلما قرر أن يشرع فى عمل فيلم روائى اختار «راضى» للقيام بدور البطولة فجاء حضوره طاغيا ومؤثرا وحقيقيا ومليئا بالحكمة.

بعد الفيلم بقليل التقيت مصادفة بمخرج الفيلم الشاب، «أبو بكر شوقى»، فى الشارع مع أصدقائه وزملائه. وسعدت بلقائه وتحيته بالكلمات المعتادة التى تليق بالموقف. ولكن الحقيقة أن كلمات المجاملة التقليدية لا تكفى للتعبير عما يستحقه المخرج وزملاؤه من تقدير واحترام لإقدامهم على تقديم هذا العمل الشجاع والمؤثر والباعث فى النهاية على التفاؤل لانتصاره لقيم نبيلة.

تحية للمخرج أبو بكر شوقى، ولأبطال الفيلم، ولمن جازفوا بإنتاج هذه المغامرة غير محسوبة العواقب، وتحية لمنظمى مهرجان «الجونة» الذين منحوا الفيلم المكانة التى يستحقها.

نقلا عن الشروق  القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم الدين دعوة للإنسانية يوم الدين دعوة للإنسانية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon