توقيت القاهرة المحلي 02:54:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بداية جديدة

  مصر اليوم -

بداية جديدة

بقلم : زياد بهاء الدين

 مع إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضى، ارتفعت عدة أصوات مستقلة، إعلامية وسياسية وبرلمانية، تناشد السيد رئيس الجمهورية أن يستهل ولايته الثانية بمبادرة للانفراج السياسى، تفتح المجال العام، وتخفف القيود المفروضة على النشاط الحزبى والأهلى والإعلامى، وتعيد للناس وبخاصة الشباب منهم الأمل فى مستقبل يسوده العدل والحرية واحترام الدستور والشراكة فى الحكم.

ومع أن السيد الرئيس بادر فى أول حديث له إلى الشعب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالتأكيد على أن «مصر تتسع للجميع» وأن «الاختلاف فى الرأى لم يفسد للوطن قضية»، إلا أن المناخ العام السائد لا ينبئ بتغيير فى المسار أو أن الدولة متجهة نحو الإصلاح السياسى المنشود، بل الظاهر حتى الآن ــ وأتمنى أن أكون مخطئا فى ذلك ــ هو اعتبار أن نتيجة الانتخابات تدعم أرجاء الإصلاح السياسى لحين الانتهاء من تحقيق التنمية الاقتصادية والقضاء على الاٍرهاب.

مصر بلا شك بحاجة لبداية جديدة ولإصلاح سياسى حقيقى وشامل، ليس فقط احتراما للدستور وللحقوق والحريات الواردة به، وإنما أيضا لأن هذا الإصلاح هو الضمان الحقيقى على المدى الطويل لتحقيق الأمن والاستقرار لأنه يجعل الشعب شريكا وداعما للسياسات والبرامج الحكومية، ويقيم التوازن السليم بين المصالح المتصارعة فى المجتمع، ويفعل آليات الرقابة على السلطة التنفيذية، ويساهم فى مكافحة الفساد، ويضمن توجيه الموارد العامة نحو الاستخدام الأفضل والأكثر استجابة لأولويات المجتمع.

ولكى يكون الإصلاح السياسى حقيقيا وشاملا فلابد أن يشمل رفع القيود عن الإعلام المستقل وعن حرية التعبير بشكل عام، وتعديل القوانين المنظمة للنشاط الأهلى بما يعيد للمجتمع المدنى فاعليته وقدرته على خدمة الفئات الأكثر احتياجا، وتنقية النظام القانونى من التشريعات المتعارضة مع الدستور، وحماية استقلال القضاء، واخضاع السلطة التنفيذية لرقابة برلمانية فعالة، والعفو عن المسجونين فى جرائم الرأى ممن لم يرتكبوا عنفا أو ارهابا ولَم يحرضوا عليه أو يدعموه.

ولكن مع تقديرى لمن ناشدوا وطالبوا بانفراج سياسى يتواكب مع بدء الولاية الرئاسية الثانية، فلا أتصور أن الاكتفاء بهذه الدعوة وانتظار استجابة الدولة لها سوف يأتيان بالنتيجة المرجوة لأن التغيير السلمى الحقيقى والمستدام يجب أن يسانده اهتمام من الناس واقتناع بأنه يحقق مصالحهم. وإن لم تفرض المطالبة به وجودها على الساحة، فإن التغيير إن وقع يكون هشا ومرهونا برغبة الحاكم الذى يملك أن يمنحه كما يملك أن يمنعه فى أى وقت. ولهذا فإن الإصلاح السياسى المنشود لن يكون ممكنا ولا حقيقيا إن لم يستند إلى تغيير فى الرؤية السائدة فى المجتمع تجاه مفهوم العمل السياسى، وإذا لم ينجح فى إقناع الناس بأن السياسة لا تعنى البحث عن الشهرة والمصالح، ولا الانشغال بجدل عقيم فى غرف مغلقة، ولا تتبع أعداد المشاركة والإعجاب على صفحات التواصل الاجتماعى، بل الاستعداد للتضحية من أجل الوطن، وتقديم الصالح العام على المصالح الخاصة، واحترام مشاعر وأولويات الناس، والتفاعل مع الدولة ومؤسساتها من خلال القنوات المتاحة فى كل موضوع وكل مناسبة.

البداية الجديدة التى يحتاج إليها ويستحقها الوطن لن تتحقق إلا إذا بادرت بها القوى المستقلة والمعارضة قبل الحكومة. بداية تتجاوز خلافات وانقسامات السنوات المنصرمة، وتتبنى خطابا يتوجه للمستقبل لا الماضى، وتبحث عما يجمع القوى الوطنية الديمقراطية لا يفرقها. أما القول بأن هذه البداية الجديدة غير ممكنة فى ظل المناخ السياسى الراهن فليس مقبولا لأن الراغب فى احداث تغيير أو تقدم فى المجتمع لا ينتظر أن تتوافر له الظروف المثالية ولا حتى المناسبة، بل يعمل فى ظل الامكانات المتاحة والمساحات الممكنة، ويكسب كل يوم خطوة واحدة ولو متواضعة، ويثق بأن الجهد لن يضيع، وأن الوطن يستحق التضحية ولو لم تأت بعائد سريع أو مباشر.

نقلاً عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بداية جديدة بداية جديدة



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 02:04 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن قرب انطلاق المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة
  مصر اليوم - نتنياهو يعلن قرب انطلاق المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 10:53 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:04 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 10:50 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 11:18 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 02:42 2025 الجمعة ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لأجمل بدلات للرجل الأنيق في خزانته

GMT 08:28 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ونصائح لتزيين المنزل مع اقتراب موسم الهالوين

GMT 01:23 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

فيرستابن يحسم سباق كندا ويعزز صدارته للفورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt