توقيت القاهرة المحلي 19:50:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حقيقة ما قاله البنك الدولى عن الفقر

  مصر اليوم -

حقيقة ما قاله البنك الدولى عن الفقر

بقلم: زياد بهاء الدين

أثار تصريح منسوب إلى البنك الدولى الأسبوع الماضى، بأن نسبة الفقر بين المصريين قد ارتفعت من ٢٤% عام ٢٠١٠ إلى ٣٠% عام ٢٠١٥ ثم قفزت إلى ٦٠% عام ٢٠١٩، عاصفة من الذهول والانتقاد على صفحات التواصل الاجتماعى. والمذهل طبعا فى التصريح أن تحدث هذه القفزة الأخيرة التى تضاعفت فيها نسبة الفقراء فى مصر حتى قاربت ثلثى السكان خلال السنوات الأربع التى جرى فيها تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى برعاية صندوق النقد والبنك الدوليين، وأن تثور هذه العاصفة قبل زيارة رئيس البنك الدولى لمصر بأيام قليلة.

لولا أن الرقم المشار اليه ليس صحيحا، وأن البنك الدولى لم يصرح بذلك على وجه الدقة.

والواقع أن البنك الدولى أصدر يوم الثلاثاء الماضى بيانا أعلن فيه عن مد اتفاق التعاون مع مصر لمدة سنتين إضافيتين تأتيان بعد نهاية برنامج الإصلاح الاقتصادى المنفذ خلال السنوات الأربع الماضية. وقد أشار البيان إلى التحسن الذى طرأ فى المؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى نتيجة لتطبيق البرنامج وعلى رأسها زيادة معدل النمو، وزيادة الصادرات، وبدء انخفاض معدل التضخم، وارتفاع الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى.

ولكن ما أثار الخلط أن البيان تضمن أنه برغم النتائج المهمة التى تحققت إلا أنه ــ والترجمة التالية من عندى ــ «المزيد من الجهود لا تزال مطلوبة من أجل الإسراع بعملية الدمج الاقتصادى واستيعاب قوة العمل الآخذة فى النمو، اذ حوالى ٦٠% من شعب مصر يعانى إما من الفقر أو مهدد به (either poor or vulnerable) وعدم المساواة يتزايد، وقد كان معدل الفقر قريبا من ٣٠٪؜ عام ٢٠١٥ بعد أن ارتفع من ٢٤٪؜ عام ٢٠١٠... بالإضافة إلى الاختلافات الجغرافية الصارخة والتى تتراوح من ٧٪؜ فى محافظة بورسعيد إلى ٦٦٪؜ فى بعض محافظات الصعيد».
نسبة الفقر إذن لم ترتفع من ٣٠ إلى ٦٠ ٪؜ على نحو ما شاع على صفحات التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية، وهذا يستحق التوضيح لكى يكون فى الحوار جدية ومصداقية. والغريب أن إعلامنا الرسمى حينما يجد مدحا فى الحكومة وأدائها يبرزه ويحتفى به أحيانا بمبالغة وتضخيم، ولكن حينما ينتشر خبر غير دقيق على هذا النحو فإنه لا يجد فى جعبته إلا التجاهل بدلا من البحث فى أصل الموضوع والتدقيق والرد عليه بما يحترم ذكاء الناس.

ومع ذلك فإن كان ما نُقل عن البنك الدولى ليس صحيحا، فإن ما جاء فيه بالفعل يستحق التوقف والتفكير، وألخصه فى النقاط الأربع التالية:

أولا) أن تطبيق برنامج الإصلاح ‏الاقتصادى ‏قد حقق بالفعل نتائج إيجابية على مستوى المؤشرات الاقتصادية الكلية، وهذا فى حد ذاته جيد للغاية ولا داعى للاستهانة به.

ثانيا) أن البرنامج مع ذلك لم يحقق تحسنا فى معيشة المواطنين بل عرضهم لغلاء شديد وتدهور فى الخدمات العامة على نحو اثر على المجتمع كله وبخاصة طبقته الوسطى، وذلك بسبب عدم نمو الاستثمار فى المجالات الإنتاجية، وبالتالى عدم استحداث فرص عمل مستدامة ولا زيادة كافية فى الدخول.
ثالثا) أن عدم تغيير المسار الحالى لكى يكون اكثر شمولا وعدالة وتحقيقا لاحتياجات الناس لا يعنى فقط استمرار معدل الفقر الحالى، بل يهدد أيضا نسبة لا يستهان بها من المواطنين لا يعتبرون اليوم فقراء ولكن لا يعتبرون أيضا متجاوزين لخطر الوقوع فى دائرة الفقر لأن ظروفهم الحالية لا تمنحهم الحماية والطمأنينة الكافيين.
رابعا) أن الفجوة الاجتماعية الأكبر لا تزال بين المناطق المختلفة فى مصر. وللأسف فإن الصعيد، برغم كل الهيئات التى تشكلت واللجان التى انعقدت والقروض التى أبرمت، لا يزال فى مكان مختلف تماما ليس فقط من حيث الدخول ولكن أيضا فى كل مؤشرات التنمية البشرية وفى مستوى الخدمات العامة، وهذه يجب أن الأولوية المطلقة لأى برامج اقتصادية تالية.

البنك الدولى ليس مالكا للحقيقة ولا محتكرا لها، ولكن التعليق على ما جاء ببياناته وتصريحاته يحتاج قدرا من الدقة والتمحيص لكى لا نندفع وراء كل ما يبدو إيجابيا وننفر من كل ما نعتقده مسيئا. والأهم من ذلك أن نحدد أولوياتنا القومية بأنفسنا وبما يحقق صالح غالبية المواطنين. وفى الوقت الحالى فإن الأولوية هى إطلاق طاقات الاستثمار الانتاجى المعطلة، وزيادة فرص العمل المستدام، ووضع العدالة الاجتماعية فى الصدارة.
•••
مع تمنياتى برمضان كريم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقيقة ما قاله البنك الدولى عن الفقر حقيقة ما قاله البنك الدولى عن الفقر



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 00:17 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

الزمالك بطلاً لكأس الاتحاد الإفريقي
  مصر اليوم - الزمالك بطلاً لكأس الاتحاد الإفريقي

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 10:57 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مفاجآت كبيرة في فيلم "الست" لمنى زكي
  مصر اليوم - مفاجآت كبيرة في فيلم الست لمنى زكي

GMT 09:24 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 08:46 2024 السبت ,11 أيار / مايو

أجمل الوجهات السياحية للعرسان في مالطا

GMT 16:46 2023 الخميس ,20 تموز / يوليو

كلماتك الإيجابية أعظم أدواتك

GMT 07:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

طريقة سهلة لتحضير كعكة الشوكولاته الخفيفة

GMT 19:58 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

الماء يساعد في نقية وتطهير الجسم

GMT 22:35 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

مورينيو يستغل مارسيال لخطف نجم دورتموند

GMT 13:56 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

«الزراعة» تنفذ حملة مكافحة القوارض لحماية محصول القمح

GMT 00:42 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل فطائر البطاطس المحشية خطوة بخطوة

GMT 12:10 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة المصري يصدم الأهلي بشأن عدلي القيعي

GMT 09:30 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 02:05 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

تخلص من آلام الأسنان بوصفات طبيعية وفعالة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon