توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التعديل الدستورى المرتقب

  مصر اليوم -

التعديل الدستورى المرتقب

بقلم : زياد بهاء الدين

بعد أسابيع من الترقب والاستعداد و«جس النبض»، انطلق قطار التعديلات الدستورية من مجلس النواب مقترحا التغيير فى مدة رئاسة الجمهورية، ومعه اعادة العمل بمجلس الشورى، وزيادة التمثيل النيابى للمرأة، وتنظيم اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وجواز تعيين نائب للرئيس، وهذا كله بحسب المنشور اعلاميا وإن كانت الصورة لن تتضح إلا بعد إقرار التعديلات من البرلمان بشكل نهائى. 
الانطباع السائد فى البلد أن قطار التعديلات سيصل محطته المنشودة ولن يؤثر فى مساره اعتراض بعض الأحزاب قليلة الحيلة، أو تحفظ عدد من الكتاب والمعلقين، أو انشغال صفحات التواصل الاجتماعى بـ«هاشتاج» أو أكثر. مع ذلك فإن أهمية الموضوع تجعل من الواجب على كل من لديه مساحة للتعبير عن الرأى أن يشارك فى الحوار الحالى لأن السكوت أو الغموض ليسا مقبولين. ومن هذا المنطلق فأعرض هنا أسباب اعتراضى على التعديل المقترح. 
بداية فإننى لست ضد مبدأ تعديل الدستور ولو بعد سنوات قليلة من إقراره لأنه ليس نصا مقدسا بل يجب أن يتطور مع تغير الواقع والاحتياجات. كذلك فإننى غير مقتنع بحظر تعديل مواد معينة منه، ولو كانت تنص على عدم جواز المساس بها مثلما هى الحال مع المادة التى تحدد مدة الرئاسة، لأن إرادة الشعب فى لحظة بعينها لا يجوز تقييدها بتعبير سابق عن هذه الإرادة والا كان لجيل معين من المصريين القدرة على فرض وصايته على الأجيال اللاحقة وهذا أمر غير طبيعى ولا منطقى.
ولكن من جهة أخرى فان الدستور ليس نصا تشريعيا عاديا يمكن الاكتفاء بإخضاعه للمعايير القانونية الفنية، بل هو النص الأسمى فى البناء المؤسسى للدولة، وفِى حماية حقوق المواطنين، وفى إقامة التوازن بين سلطاتها الرئيسية، وبالتالى فإن تعديله يجب أن يخضع لاعتبارى المشروعية القانونية والسياسية معا، وأن يعبر عن توافق واسع فى المجتمع، وأن يستجيب لضرورة ملحة، وهى اعتبارات لا أراها متوافرة فى مصر فى الوقت الحالى للأسباب الآتية. 
السبب الأول أنه مهما اقترح البرلمان من مواد وتعديلات تتعلق بتمثيل المرأة والمسيحيين أو بإعادة العمل بمجلس الشورى أو بغير ذلك من المقترحات الإيجابية فإن الرأى العام لن يرى وراء كل هذا سوى موضوع واحد مقصود بالتعديل وهو زيادة مدة رئاسة الجمهورية. 
السبب الثانى أنه بعد كل ما مر به البلد من ثورات وفتن وعنف خلال السنوات الماضية، ومع كل الخلافات العميقة والانقسامات التى تعرض لها المجتمع، فإن فكرة التداول السلمى والمؤسسى للسلطة لا تزال تمثل لدى الناس المكسب الأكبر الذى تحقق مع نهاية الحقبة المباركية التى امتدت ثلاثين عاما وكان يمكن أن تمتد أكثر لولا نزول الشعب للشوارع والميادين. ولهذا فإن قطاعا واسعا فى المجتمع وخاصة بين الشباب يرى تعديل القيد الدستورى على فترة الرئاسة تراجعا عن هذا المكسب.
أما السبب الثالث فإن ما يستند إليه أعضاء البرلمان المطالبون بتعديل مدة الرئاسة هو بالأساس ضرورة استكمال السياسات الراهنة حتى يجنى الشعب ثمارها. وبغض النظر عن تقييم تلك السياسات فإن الرسالة الضمنية لهذا الطرح أنه لا الحكومة ولا أجهزة الدولة التنفيذية ولا مؤسساتها لديها الإرادة أو القدرة على استكمال هذه السياسات بل تنفذها لمجرد صدور تعليمات عليا بها. وهذه رسالة ادانة شديدة تنتقص من إنجازات المرحلة أكثر مما تفيد. 
وأخيرا فإن السبب الرابع هو أن تعديل الدستور، لو كان مطروحا فى ظل مناخ يسوده العدل والحرية، لربما كان اعتُبر تطورا طبيعيا واستجابة مقبولة لتغيرات المرحلة. ولكن أكثر ما يثير تحفظ الشارع وخاصة الشباب على التعديل المطروح فى الوقت الحالى هو أن يأتى فى ظل التضييق على النشاط السياسى والاعلامى والاهلى وعلى حرية التعبير بينما الدستور فى النهاية عقد اجتماعى يستهدف تنظيم الدولة وحماية حقوق المواطنين وضمان حرياتهم. 
قطار التعديلات الدستورية انطلق بالفعل، ولكن ما أخشاه أن يكون الاهتمام ببلوغه محطته النهائية بسرعة وكفاءة متجاهلا لما يتفاعل فى الشارع المصرى من ردود فعل حقيقية وتساؤلات مشروعة ومخاوف قد لا تجد طريقها إلى الاعلام الرسمى والقنوات المملوكة للدولة ولكنها موجودة ولن تختفى بالتجاهل.

 

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعديل الدستورى المرتقب التعديل الدستورى المرتقب



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon