توقيت القاهرة المحلي 04:56:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوزان مبارك

  مصر اليوم -

سوزان مبارك

بقلم : زاهي حواس

عندما أقوم بزيارة متحف الطفل بمصر الجديدة والذى يعتبر أهم وأجمل متحف حضارى للطفل فى الشرق الأوسط، أتذكر السيدة سوزان مبارك وما قامت به من جهد فى سبيل بناء هذا المتحف وبه سيناريو عظيم يظهر عظمة مصر فى الماضى والحاضر والمستقبل، وقد استطاعت أن تعطى كل وقتها لإقامة هذا المتحف من أجل الطفل المصرى.

وقد عرفت هذه السيدة العظيمة عندما دعتنى كى أشارك فى إعادة إحياء متحف الطفل بمصر الجديدة. وخلال السنوات القليلة التى عملت معها وجدت أنها إنسانة جادة محترمة تدرس كل ما تقوم به بدقة، وفى نفس الوقت، وجدت أنها تنصت إلى كل الآراء وبتواضع يجعل كل من حولها يعمل بنفس الجهد. وقد قبلت أن أعمل معها فى إقامة هذا المتحف ولم يكن لدى أى رغبة فى أن أتقلد أى منصب؛ لأن عملى الأثرى كان كل حياتى ولذلك كنت أدلى لها برأيى الشخصى فى أى موضوع. وقد قلت لها: «إن وضع تمثال لحضرتك داخل المتحف، ليس بالمستحب ولكن توضع لوحة تسجل المجهود الجبار الذى قمتِ به». وعلى الفور، وبدون تفكير، وافقت على عدم وضع تمثال لها بالمتحف ويوجد حاليا بالمتحف لوحة تؤكد أن هذا المتحف هو مجهود هذه السيدة العظيمة.

وقمنا بالعمل مع المهندس الإنجليزى مايكل مالسون لتطوير المتحف، ولكن فى النهاية اتفقنا أن نبنى متحفًا جديدًا وهدم القديم. وتعاملنا مع خبراء من أهم متحف للطفل بأمريكا وهو متحف إنديانابوليس. وكنا ندرس الأفكار التى يقدمونها. وكانت السيدة سوزان تحاول أن تأخذ من هذه الأفكار ما يناسب الطفل المصرى. وكنا نجلس معًا ونتناقش. وكانت تأخذ السيناريو للمنزل وتأتى بأفكار جديدة، فكنا نناقشها بحرية حتى استطعنا أن نقدم للطفل المصرى متحفًا فريدًا، ليس له مثيل فى الشرق الأوسط، يظهر للطفل ماضيه وحاضره ومستقبله. وأنا شخصيا أتحدث عن هذا المتحف وعن السيدة سوزان مبارك فى كل لقاءاتى العامة. وفى نفس الوقت، أحضرت تبرعات لهذا المتحف من أمريكا واليابان، بل ومن مصر، فقد تبرع الصديق سميح ساويرس بمبلغ مليون دولار دون أن ينظر إلى مقابل أو حتى يطلب أن يقدم الشيك للسيدة سوزان. وقد كانت السيدة سوزان مبارك تتأكد من أن هذه التبرعات قد عرضت على وزارة الشؤون الاجتماعية للموافقة. وبعد ذلك كانت الشؤون الهندسية بالجيش هى التى تقوم بالبناء والإشراف على المتحف بتوجيهات من المشير حسين طنطاوى شخصيًا.

وإذا حاولنا أن نقرأ ما قامت به هذه السيدة العظيمة خلال تولى الرئيس حسنى مبارك رئاسة مصر، فسوف نجد أنها قد فكرت فى العديد من المشروعات التى أفادت المجتمع مثل قضية ختان البنات وشلل الأطفال وكذلك اهتمامها الكبير بالشباب. وكونت مجلسا أعلى للمرأة؛ وذلك لدعم المرأة اجتماعيًا وفكريًا وسياسيًا، بالإضافة إلى أنها أول من فكر فى إقامة مكتبات، وكذلك وقوفها خلف بناء مكتبة الإسكندرية، وهى صاحبة فكرة «القراءة للجميع». ودعمت مكتبة الأسرة والترجمة من حوالى 30 لغة إلى العربية. وكانت تفتح كل المشروعات الثقافية، ولم تتخط العمل الاجتماعى إلى أى عمل سياسى آخر؛ ولذلك فقد أصبحت رائدة من رائدات مصر. وأقول إن السيدة سوزان مبارك قد قامت بالعمل الاجتماعى الذى يتطلبه الموقف السياسى فى القيام بدور فعال فى الثقافة والتعليم والصحة.

وأذكر أن أول لقاء لى مع السيدة سوزان مبارك قد بدأ عندما اتصلت بى الصديقة العزيزة المحترمة الدكتورة فرخندة حسن وقالت: «إن هناك مؤتمرًا دوليًا عالميًا للمرأة فى الصين، وأنهم يفكروا بأن يكون لمصر هدية فى هذا المؤتمر؛ لذلك فقد فكرنا مع السيدة سوزان مبارك أن نقدم للمرأة عالميًا دور المرأة المصرية فى العصر الفرعونى». وفعلا بدأت فى كتابة أهم كتاب لى عن المرأة الفرعونية وأطلقت عليه اسم «رموز صامتة»؛ لأننا عرفنا عن المرأة من خلال المناظر والصور والتماثيل وأن المرة الوحيدة الذى تحدثت فيها المرأة: قالت الأم لابنتها لكى يحبك زوجك، املئى بطنه. وعندما ذهبت لمقابلة السيدة سوزان مبارك بالمنزل، وجدت إعجابها بدور المرأة وأناشيد الحب عند الفراعنة وقالت إنها قرأت للرئيس بعض قصص عن المرأة الفرعونية والتى تشير إلى عظمتها وجمالها على مر العصور وكانت هذه هى البداية.

وهنا أود أن أقص حكاية قد نفهم منها بساطة هذه السيدة وتواضعها، فقد اتصلت بى لمناقشة موضوع عن سيناريو المتحف، وهذا سشير إلى أنها كانت تفكر فى الطفل حتى وهى فى المنزل. وفى نهاية المكالمة قالت: «إننا سوف نجتمع فى يوم كذا». فقلت لها: «يا فندم ده يوم ماتش الأهلى والزمالك، وإذا حضرت الاجتماع، لن تحصلى على كامل انتباهى». فضحكت وقالت: «سوف نؤجل الاجتماع». وقد ذهبت منذ فترة لزيارة المتحف مع أحفادها واستقبلها أسامة عبد الوارث مدير المتحف وكان سعيدا أنها جاءت تزور أحد إنجازاتها العظيمة.

وعرفت أن السيدة سوزان قد مرت مؤخرا بوعكة صحية. وأرجو أن تقرأ كلماتى لتعرف أنها فى قلوبنا ونرجو لها الشفاء العاجل. ألف تحية للسيدة سوزان مبارك وسوف يسجل التاريخ حبها لمصر وأنها أعطت من وقتها وجهدها الكثير للمرأة والشباب والثقافة والصحة والتعليم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوزان مبارك سوزان مبارك



GMT 13:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 12:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 06:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 02:58 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
  مصر اليوم - فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon