توقيت القاهرة المحلي 14:26:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العراق... اليوم التالي للاستفتاء

  مصر اليوم -

العراق اليوم التالي للاستفتاء

بقلم : مصطفى فحص

في أول تعليق له بعد انتهاء عملية التصويت على انفصال المناطق ذات الأغلبية الكردية عن العراق، حسم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي موقفه الرافض لنتائج الاستفتاء، وعلى الرغم من تمسكه بالآليات الدستورية والقانونية لرفضه، لوّح العبادي بخطوات تصعيدية، حيث أكد أنه وحكومته «غير مستعدين لمناقشة نتائج الاستفتاء ولن نتعامل معه»، كاشفاً أن الحكومة الاتحادية ستصعّد من إجراءاتها، وأن حماية كل مواطني كردستان من مسؤولياتها. فمما لا شك فيه أن الإصرار الكردي على إجراء الاستفتاء حشر حيدر العبادي في الزاوية وفرض عليه اتخاذ إجراءات صعبة ومؤلمة لا رجعة عنها، وذلك بسبب إدراكه أن أي إرباك أو تلكؤ من جهته سيتسبب بفوضى عارمة في كل أرجاء العراق، وسيصبح الوضع خارج السيطرة إذا تردد ولم يتخذ القرارات اللازمة مهما كانت أليمة وصعبة، فقد وضع التمسك الكردي بإجراء الاستفتاء العبادي في مكان لا يحسد عليه، حيث أصبح عالقاً بين ما بات يوصف من قبل المزايدين القوميين الشيعة والسنة في بغداد بانفصاليي الشمال، وميليشيات الحشد الشعبي المنتشرة في غرب العراق وشرقه إضافة إلى جنوبه، وهي الآن على تخوم إقليم كردستان مستفزة وفي أقصى درجات الاستنفار وجاهزة للتحرك في أي لحظة، حيث لم يعد احتكاكها الناري بوحدات البيشمركة أمراً مستبعداً، فقد أكد قادتها على جهوزيتها الكاملة للدخول إلى المناطق المتنازع عليها وإعادتها إلى سلطة بغداد، لكن العبادي ومعه نخب سياسية عراقية كبيرة، يتخوفون من استغلال القيادة السياسية للحشد الشعبي للأزمة، التي تنتظر بفارغ الصبر اللحظة التي ستمكنها من العمل باتجاهين؛ الأول تجاه الأكراد وفقاً للأجندة الإيرانية ومعاقبتهم بسبب دورهم في إقصاء نوري المالكي من منصب رئيس الوزراء، والثانية استغلال الفرصة من أجل إضعاف العبادي وسحب البساط من تحت قدميه، وإظهاره قائداً غير قادر على اتخاذ قرارات مصيرية، وهذا ما يفتح المجال أمام قيادة الحشد على فرض منطقها السياسي وسط البيئة الشيعية، وهذا ما سيؤهلها إلى أن تخوض الانتخابات النيابية المقبلة بقوة، الأمر الذي سيسهل عليها طرح خيار إعادة تعويم نوري المالكي وفرضه من جديد على العراقيين جميعاً. 

فطهران، التي يحاول عاملها على العراق قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني احتواء الأزمة بين بغداد وأربيل وفرض تسوية بين الطرفين تتراجع فيها أربيل عن تنفيذ الاستفتاء، وترجئ الانفصال إلى وقت لاحق، في المقابل تتنازل بغداد في كثير من الملفات العالقة بين الجهتين، وذلك من أجل حفظ ماء الوجه للقيادة الكردية أمام شعبها، ولكن بالنسبة لسليماني وعكس ما يراه بعض العرب بأن استقلال كردستان العراق مسمار في نعش الجغرافيا الإيرانية، فإن تمسك الأكراد في إجراء الاستفتاء أدى إلى شعور الجمهور الشيعي في العراق بالخوف من خسارة الدولة والدور، فسارع سليماني إلى بغداد ومن أجل طمأنة العراقيين الشيعة الذين باتوا الآن أكثر من أي وقت مضى رهائن في يد إيران، باعتبارها القوة التي تدخلت مباشرة من أجل حمايتهم، وبهذا تكون أربيل قد تسببت بضرب كل المصالح الإقليمية في العراق وسمحت لطهران بإعادة تعويم دورها المترهل في العراق، وبإعادة ضبط القيادة الشيعية التي حاولت التمرد والاعتراض على سلطتها، كما أن طهران ستستفيد من أي اشتباك بين الطرفين، لأن ذلك سيحسم الجدل حول مستقبل التحالف التاريخي بين أكراد العراق وشيعته، ما سيحولهم في حال سالت الدماء بينهما إلى أعداء محاصرين، ما سيجعلهما تلقائياً تحت التأثير الإيراني. ففي خريطة التوزيع الجيوسياسي الجديدة للعراق، قدمت أربيل خدمة مجانية لطهران، وأزاحت عنها كلفة مواجهة التوسع العربي الجديد في العراق، فبعودة القبضة الإيرانية على الأطراف السياسية الشيعية والحصار الداخلي والإقليمي للأكراد، تكون أربيل قد تسببت في عرقلة الجهود العربية تجاه تمتين العلاقة مع بغداد.

في المواجهة المقبلة بين بغداد وأربيل، ستتحول إيران من جديد إلى ضابط إيقاع يتحكم في مجريات الوقائع الميدانية ويرسم انعكاساتها السياسية، وستستغل طهران حاجة الشيعة إلى مساعدتها، ورغبة الأكراد في مراعاتها من أجل فرض تسويات تناسب مصالحها دون الحاجة إلى الغرق في وحل المواجهة، فقد أتاحت لها أربيل عودة مضفرة إلى صلب المشهد العراقي، بعد أن توقع الجميع تراجعاً نسبياً في سطوتها عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق اليوم التالي للاستفتاء العراق اليوم التالي للاستفتاء



GMT 09:13 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مبروك للأبيض.. عقبال الأحمر

GMT 09:11 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

ماذا بعد رئيسى؟

GMT 02:27 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تحشيش سياسي ..!

GMT 02:21 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

السلطة والدولة في إيران

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 02:55 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نيللي كريم تتحدث عن ظهورها في فيلم "كازابلانكا"

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

دي ليخت بين مطرقة عمالقة أوروبا وسندان برشلونة

GMT 18:43 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

خبير أرصاد يُحذّر من استخدام الكمامات في العاصفة

GMT 12:42 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

خطرٌ يُهدد حياتك بسبب النوم أكثر أو أقل من 8 ساعات يوميًا

GMT 02:16 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

بدران يؤكد أن الموز يُخفّف حموضة المعدة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

مباراة توتنهام ضد تشيلسي تخطف الأضواء في الدوري الإنكليزي

GMT 03:34 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

مميزات استخدام ديكور الجدران الخرسانية في غرف النوم

GMT 21:44 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جديدة مثيرة في واقعة "مذبحة الشروق"

GMT 23:32 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

صخرة برشلونة مهددة بالغياب عن مواجهة فياريال

GMT 15:00 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

محمد الحنفى يؤكد انتظاره إدارة القمة منذ 3 سنوات

GMT 05:38 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

انطلاق أول رحلة لطائرة في الصيف "Stratolaunch"

GMT 10:06 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

هادجنز تتألق في تقديم مجموعة "سينفول كلورز"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon