توقيت القاهرة المحلي 03:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران... رياح السموم

  مصر اليوم -

إيران رياح السموم

بقلم: مصطفى فحص

ليست رياح التغيير، ولكنها إن حصلت فستترك هذه المرة آثارها على بنية النظام وهيكليته، فالخارج المتربص والداخل المتوتر لا بد لهما من أن يحشرا النظام في زاوية صعبة، ويدفعاه إلى مواجهة دامية لن تقل شراسة عن سابقاتها، إلا إنها ستكون مكشوفة هذه المرة ومفضوحة. ففي الأفق تلوح موجة مظاهرات جديدة، لن يقيدها حذر الناس من جائحة «كورونا»، ولكن هذه المرة لن يكون سهلاً على النظام إخفاؤها أو عزلها، فقد أصبح بإمكان المحتجين الإيرانيين إيصال أخبارهم عبر تقنية أميركية تعمل بالأقمار الصناعية ستوفر الإنترنت في حال قُطع من قبل السلطات الإيرانية؛ وفقاً لما أكده موقع «صوت أميركا». وأوضح الموقع أن «طهران تصنف المتظاهرين أولاً على أنهم مجرمون، وبعد ذلك تغلق الإنترنت لمنع دخول المعلومات أو خروجها، حتى يتم إسكات الانتفاضة، ويتم اعتقال المتظاهرين بوحشية وتعذيبهم وقتلهم».
ففي آخر موجة مواجهات حصلت بين النظام والشعب سنة 2019 سقط نحو 1500 إيراني جرّاء عنف النظام وقمعه، وتمكن النظام حينها من إخفاء فعلته بعدما قطع شبكة الإنترنت وعزل إيران عن العالم الخارجي، وفي الآونة الأخيرة تزداد الحركات المطلبية، خصوصاً حركة المتقاعدين التي باتت ككرة الثلج، وتشكل حافزاً لكثير من النقابات على التحرك للمطالبة بحقوقهم، إضافة إلى العاملين في قطاع التعليم الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ شهور. وبسبب تخوف النظام من تصاعد حدة المظاهرات الاحتجاجية واحتمال أن تصطدم بالقوى الأمنية، أُعلن عن تأسيس لجنة أمنية لمراقبة الاحتجاجات، فقد أعلنت وزارة الداخلية عن تشكيل «لجنة مراقبة» بمشاركة أجهزة مخابراتية وأمنية، مدّعية أنها لـ«(ضمان الأمن) في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة تداعيات (كورونا) والعقوبات الدولية المفروضة».
مما لا شك فيه أن توصيات مجلس الأمن القومي بتشكيل لجنة كهذه سببها الاستعداد المسبق لقمع الاحتجاجات النقابية والعمالية التي تزداد وتيرتها وتشتد في الآونة الأخيرة في مختلف المحافظات الإيرانية، والتي من الممكن أن يرتفع عدد المشاركين فيها مع تخفيف القيود المتعلقة بجائحة «كورونا». وكانت مجلة خاصة تابعة لـ«الحرس الثوري» حذرت في تقرير سرّي كُشف عنه في 5 مارس (آذار) الحالي، من أن تشهد إيران احتجاجات شعبية يمكن أن تطيح النظام.
يعترف التقرير بأن الاحتجاجات التي عمّت إيران في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2017 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019، كانت نقاط تحول في تاريخ احتجاجات الشوارع في الجمهورية الإسلامية، فالتحول الفعلي حصل حينها في طبيعة المظاهرات التي بدأت مطلبية ومعيشية وسرعان ما تحولت إلى سياسية، وكسرت محرمات كبيرة لم يحدث أن تعرضت لها احتجاجات سابقة، حتى أثناء «الحركة الخضراء»، ففي الاحتجاجات الأخيرة كانت أغلب الشعارات موجهة ضد شخص المرشد الإيراني مباشرة، وقد جرت تسميته بالاسم والمطالبة بإسقاطه، واتهام «الحرس» بالوقوف وراء أعمال العنف والقمع، بينما كان المتظاهرون في الاحتجاجات السابقة يكتفون برفع شعارهم المبهم: «الموت للديكتاتور»، لذلك هناك خشية كبيرة لدى التيار الأصولي الحاكم من تكرار مشهد 2019 بشكل أشد وأوسع.
سابقاً استخدمت أجهزة الأمن الإيرانية أدواتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية كافة لإنهاء حركة الاحتجاجات، ولم تتردد في استخدام العنف القاتل لوقفها، وعلى ما يبدو أن أطرافاً أكثر تشدداً على استعداد لمنع تكرارها مجدداً، لن تتردد في خنق أي حركة شعبية أو مطلبية أو اجتماعية يمكن أن يؤدي تصاعدها إلى زعزعة استقرار النظام في هذه المرحلة الانتقالية المرتبطة بأمرين: الانتخابات الرئاسية، والمفاوضات النووية مع واشنطن، رغم بعض الأصوات التي خرجت من داخل التيار الحاكم في النظام وأوصت بضرورة النظر في «السياق والمساحة المناسبة لتحقيق خطابات جديدة في المجتمع» من قبل المسؤولين في إيران، والترويج بأن السلطات «جادة للغاية في مكافحة الفساد».
في السابق هبت على النظام رياح تغيير أقرب لرياح الخماسين، ولكن بعد تغير المناخ السياسي والشعبي، بات النظام بمواجهة رياح السموم التي تأتي عادة أكثر قوة وأشد حرارة من الخماسين، وتترك أثرها سريعاً على الطبيعة والأجواء والمناخ، وهي أقرب إلى الاستنتاج الذي وصل إليه تقرير «الحرس» السرّي بأنه «إذا انتشرت الاحتجاجات في الشوارع، فإن هيكل النظام وسلوكه سيتغيران، ويصبح تفكك البلاد خطيراً».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران رياح السموم إيران رياح السموم



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon