توقيت القاهرة المحلي 06:20:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ملف الإعاقة والتمييز المضاعف

  مصر اليوم -

ملف الإعاقة والتمييز المضاعف

بقلم : نهاد أبو القمصان

 دعيت إلى لقاء نظمته مجموعة من «قصار القامة» وقد كنت مع عدد محدود للغاية من الأشخاص العاديين، لذا شعرت بمشاعر متضاربة أولها السعادة لأنى كنت ضمن عدد قليل اختارهم قصار القامة، واعتبروهم موضع ثقة، والحيرة والاضطراب لأنى اختبرت مشاعر أن أكون مختلفة فى الطول عن الجميع، مشاعر مربكة لكنهم فى الحقيقة كانوا أكثر ذكاء واحتواء فلم يمارسوا التمييز ضدى لأنى مختلفة عنهم، تقدمت سيدة تتحدث معى وعندها أسقط فى يدى لأنى لم أعرف أصول التعامل فى هذا الموقف، هل أنحنى بظهرى أم أنزل قليلاً بركبى حتى تتلاقى عيوننا فى الحديث، استشعرت السيدة الذكية إحساسى بالحرج، قالت لى: «انتى محتارة كيف تتعاملين فى موقف واحد فهل تتخيلين كم الحيرة التى أعيشها كل يوم وأنا أمارس تفاصيل الحياة، أن أطبخ لأولادى ولا يوجد بوتاجاز قصير، أن أرتب ملابس ولا يوجد دولاب مناسب، ما بالك بالشوارع والأرصفة التى يصل ارتفاعها فى بعض الأماكن إلى نصف طولى، والمعضلات الكبرى كأن أجد لأولادى وبناتى مكاناً فى مدرسة»، كانت هذه الأسئلة التى طرحتها بابتسامة وبود شديد لكنها من الذكاء لتكشف فى لحظة كم التمييز الذى نمارسه فى المجتمع عن قصد أو بدون قصد، تمييز ضد كل ما هو مختلف، المختلف فى الطول أو القدرة على الحركة أو الإبصار وغيره من أنواع كثيرة من التمييز ضد المختلف، تمييز نمارسه نتيجة غفلة عن حق كل ما هو مختلف أن يحيا حياة جيدة، وأن يحسب له حساب من أول تخطيط شوارعنا إلى تنظيم مدارسنا إلى فرص العمل المتاحة، قضية الإعاقة ليست قضية مجموعة تحتاج الشفقة، أو القول «الحمد لله الذى عافانا»، فالإعاقة ليست ابتلاء وإنما اختلاف يستحق منا أن نحسب حسابه ونستثمره، لأن المختلف فى أمر ما متميز فى أمر آخر، وقد يكون أكثر تفوقاً فى مجالات عدة، لكن للأسف يعانى الكثير من قلة فرص الالتحاق بالتعليم، وتزيد النسب بين الفتيات، فتشير بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أنه بالرغم من أن عام 2017 شهد ارتفاعاً فى الالتحاق بالتعليم بالنسبة للفتيات المكفوفات وذوى الإعاقة الذهنية عن عام 2016، إلا أن كل أنواع الإعاقة شهدت تفوق التحاق البنين فى التعليم عن الفتيات، سواء فى عام 2017 أو عام 2016، ليس هذا فحسب وإنما تعانى الفتاة والمرأة معاناة مضاعفة بدءاً من النظرة النمطية للمعاقين عامة وللمرأة ذات الإعاقة خاصة، من أنها شخص غير كامل الأهلية وغير قادر على تحمل المسئولية، وليس من حقها الزواج والإنجاب، ولا أستطيع أن أنكر أن مصر خطت خطوات مهمة فى هذا الملف، تمتعنا بقطف ثمارها فى مجالات عدة أبرزها المجال الرياضى والتفوق فى «البارلومبيات»، فقد رفع علم مصر كثيراً بما لا يقارن بحصاد الأولمبيات، ولكن ما يتمتع بهذه الفرض أعداد محدودة للغاية، وراءهم أسر داعمة وهو فى حد ذاته تمييز طبقى، لذا من المهم أن يكون ملف الإعاقة موضع اهتمام، ليتمتع الجميع بحقوقهم وأن نستثمر ما بيننا من اختلاف وليس إعاقة.

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملف الإعاقة والتمييز المضاعف ملف الإعاقة والتمييز المضاعف



GMT 03:22 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

متى وكيف يحاسب المسؤول؟ وكيف نواجه الفساد؟

GMT 03:20 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

رسائل الحصاد

GMT 03:07 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

علم يرفرف على ركام البيوت

GMT 03:05 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 10:34 2021 الأحد ,04 تموز / يوليو

إصابة بيريسيتش نجم منتخب كرواتيا بكورونا

GMT 04:40 2021 الأربعاء ,31 آذار/ مارس

طريقة عمل جلاش ملفوف بالمكسرات

GMT 09:35 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

تصاميم فساتين جريئة من وحي لين أبو شعر

GMT 03:19 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

العلماء يحلون لغزا عمره 100 عام بشأن مرض "السرطان"

GMT 11:05 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يتحدى نابولي على كأس السوبر الإيطالي

GMT 15:58 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

شوبير يكشف سر استبعاد الشناوي من مواجهة الاهلي وبطل النيجر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon