توقيت القاهرة المحلي 19:40:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ملف الإعاقة والتمييز المضاعف

  مصر اليوم -

ملف الإعاقة والتمييز المضاعف

بقلم : نهاد أبو القمصان

 دعيت إلى لقاء نظمته مجموعة من «قصار القامة» وقد كنت مع عدد محدود للغاية من الأشخاص العاديين، لذا شعرت بمشاعر متضاربة أولها السعادة لأنى كنت ضمن عدد قليل اختارهم قصار القامة، واعتبروهم موضع ثقة، والحيرة والاضطراب لأنى اختبرت مشاعر أن أكون مختلفة فى الطول عن الجميع، مشاعر مربكة لكنهم فى الحقيقة كانوا أكثر ذكاء واحتواء فلم يمارسوا التمييز ضدى لأنى مختلفة عنهم، تقدمت سيدة تتحدث معى وعندها أسقط فى يدى لأنى لم أعرف أصول التعامل فى هذا الموقف، هل أنحنى بظهرى أم أنزل قليلاً بركبى حتى تتلاقى عيوننا فى الحديث، استشعرت السيدة الذكية إحساسى بالحرج، قالت لى: «انتى محتارة كيف تتعاملين فى موقف واحد فهل تتخيلين كم الحيرة التى أعيشها كل يوم وأنا أمارس تفاصيل الحياة، أن أطبخ لأولادى ولا يوجد بوتاجاز قصير، أن أرتب ملابس ولا يوجد دولاب مناسب، ما بالك بالشوارع والأرصفة التى يصل ارتفاعها فى بعض الأماكن إلى نصف طولى، والمعضلات الكبرى كأن أجد لأولادى وبناتى مكاناً فى مدرسة»، كانت هذه الأسئلة التى طرحتها بابتسامة وبود شديد لكنها من الذكاء لتكشف فى لحظة كم التمييز الذى نمارسه فى المجتمع عن قصد أو بدون قصد، تمييز ضد كل ما هو مختلف، المختلف فى الطول أو القدرة على الحركة أو الإبصار وغيره من أنواع كثيرة من التمييز ضد المختلف، تمييز نمارسه نتيجة غفلة عن حق كل ما هو مختلف أن يحيا حياة جيدة، وأن يحسب له حساب من أول تخطيط شوارعنا إلى تنظيم مدارسنا إلى فرص العمل المتاحة، قضية الإعاقة ليست قضية مجموعة تحتاج الشفقة، أو القول «الحمد لله الذى عافانا»، فالإعاقة ليست ابتلاء وإنما اختلاف يستحق منا أن نحسب حسابه ونستثمره، لأن المختلف فى أمر ما متميز فى أمر آخر، وقد يكون أكثر تفوقاً فى مجالات عدة، لكن للأسف يعانى الكثير من قلة فرص الالتحاق بالتعليم، وتزيد النسب بين الفتيات، فتشير بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أنه بالرغم من أن عام 2017 شهد ارتفاعاً فى الالتحاق بالتعليم بالنسبة للفتيات المكفوفات وذوى الإعاقة الذهنية عن عام 2016، إلا أن كل أنواع الإعاقة شهدت تفوق التحاق البنين فى التعليم عن الفتيات، سواء فى عام 2017 أو عام 2016، ليس هذا فحسب وإنما تعانى الفتاة والمرأة معاناة مضاعفة بدءاً من النظرة النمطية للمعاقين عامة وللمرأة ذات الإعاقة خاصة، من أنها شخص غير كامل الأهلية وغير قادر على تحمل المسئولية، وليس من حقها الزواج والإنجاب، ولا أستطيع أن أنكر أن مصر خطت خطوات مهمة فى هذا الملف، تمتعنا بقطف ثمارها فى مجالات عدة أبرزها المجال الرياضى والتفوق فى «البارلومبيات»، فقد رفع علم مصر كثيراً بما لا يقارن بحصاد الأولمبيات، ولكن ما يتمتع بهذه الفرض أعداد محدودة للغاية، وراءهم أسر داعمة وهو فى حد ذاته تمييز طبقى، لذا من المهم أن يكون ملف الإعاقة موضع اهتمام، ليتمتع الجميع بحقوقهم وأن نستثمر ما بيننا من اختلاف وليس إعاقة.

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملف الإعاقة والتمييز المضاعف ملف الإعاقة والتمييز المضاعف



GMT 02:10 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ثلاثة أحداث فارقة ومستقبل الدولة الفلسطينية

GMT 02:05 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ماذا بعد «نورة»؟

GMT 01:35 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

دولة لا غنى عنها

GMT 10:20 2024 الجمعة ,24 أيار / مايو

«شرق 12»... تعددت الحكايات والحقيقة واحدة!

GMT 19:22 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

أزياء "هيرميس" الشتوية للرجل العصري والجرئ

GMT 15:48 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

خالد لطيف يؤكد أن كوبر قادرًا على تحقيق طموحات الفراعنة

GMT 15:50 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

اتيكيت الكلام في مكان عام

GMT 09:50 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

فيورنتينا يفسد فرحة فيرونا في الدوري الإيطالي

GMT 12:40 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

خواطر التدريب والمدربين

GMT 01:47 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

"دورتموند" ينافس روما على مهاجم إشبيلية الإسباني

GMT 17:55 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

مصطفى الفقي يؤكد أن مكتبة الإسكندرية تعمل علي نشر الاستنارة

GMT 19:07 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

الفضة المشغولة يدويًا حرفة لا تموت في إيران

GMT 10:34 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

جمال القصاص ويسري عبد الله يناقشان ديوان "أنا في عزلته"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon