توقيت القاهرة المحلي 00:01:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إثبات النسب بين الفتوى والرحمة

  مصر اليوم -

إثبات النسب بين الفتوى والرحمة

بقلم : نهاد أبو القمصان

تعج المحاكم المصرية بأعداد كبيرة من دعاوى إثبات النسب، وأول ما يتبادر إلى ذهن العامة حين الاستماع إلى دعوى النسب أنها ناتجة عن علاقات آثمة، فى الحقيقة الواقع مغاير تماماً، لأن أغلب حالات النسب هى مبنية على علاقات شرعية تحمل الكثير من الغدر والخيانة والتدليس، فكثير منها ناتج عن زواج غير موثق مثل زواج تحت السن خارج القانون بمسميات متعددة ما بين زواج شرعى أو زواج سنة، وجريمة الزواج خارج القانون جريمة تشترك فيها العائلة مع المأذون الذين يكتبون عقداً عرفياً على استمارة تشبه استمارة الزواج ويستكتب المأذون العريس إيصال أمانة حتى لا يتم التبليغ عنه لحين وصول الطفلة السن القانونية وعندها يتم توثيق الزواج فى «دفتر إثبات الزواج»، وهنا لا بد أن نشير إلى تواطؤ الدولة أيضاً، حيث ما زال بيد المأذونين دفتر يسمى «دفتر إثبات الزواج» هو الباب الأساسى للزواج العرفى، وما إن يدب الخلاف بين عائلة الزوجة الصغيرة والزوج حتى يتم إنكار الزيجة وتبدأ رحلة إثبات النسب.

أيضاً كثير من حالات إثبات النسب تأتى نتيجة زواج مبنى على «ظروف خاصة» يتم إيهام الزوجة بعمل زواج سرى لحين حل هذه الظروف، وما إن تتطور العلاقة وينتج عنها طفل حتى يدب الخلاف وتبدأ رحلة إثبات النسب، وتتمثل إجراءات إثبات نسب أطفال ناتجين عن زواج عرفى، فى إثبات عقد الزواج العرفى من خلال العقد إن وجد وشهادة الشهود لتأكيد علاقة الزواج، أو من خلال إثبات الإقامة مع الزوج فى منزل زوجية، وهنا ربما لا تحتاج المحكمة إلى تحليل الحمض النووى DNA، لأن إثبات الزواج يؤكد ادعاء الأم بنسب الأطفال، والقضاء يستند إلى الراجح فى الفقه بأن (الابن للفراش)، ويكون إثبات علاقة الزواج من خلال الشهود أو عقد عرفى أو عقد رسمى ضرورى لإثبات النسب، وهو ما يستغرق سنين.

أما فى حالة إثبات نسب أطفال ناتجين دون زواج، فلا يوجد أمام الأم سوى إثبات الزواج الشفوى من خلال الشهود، أو أن يتم إجراء تحليل الـDNA. وفى حالة امتناع الزوج عن إجراء التحليل باعتباره غير ملزم فلا يوجد ما يثبت نسب الطفل لأبيه وغالباً يتم رفض دعوى النسب، وذلك نتيجة غياب نص فى القانون المصرى يلزم المتنازعين بإجراء تحليل الحمض النووى للأب، حيث لا تجرى هذه الفحوصات إلا إذا وافق الأب على إجرائها، لكن المحكمة لا تلزم الأب بإجراء التحاليل لأن القضاء غالباً ما يرفض دعوى إثبات النسب لاستناده إلى الراجح فى الفقه بأن (الابن للفراش).

هنا يظهر دور القاضى الأب والإنسان الذى ينظر إلى مصلحة الطفل الذى لا ذنب له فيما فعله الكبار، ولا يجب أن يدفع ثمن أخطائهم، عندها يعتبر القاضى امتناع المدعى عليه «الأب» عن إجراء التحليل قرينة على إثبات نسب الطفل استناداً على المادة (5) من اللائحة التنفيذية لقانون الطفل «للطفل الحق فى نسبه إلى والديه الشرعيين والتمتع برعايتهما وله الحق فى إثبات نسبه الشرعى إليهما بكل وسائل الإثبات بما فيها الوسائل العلمية».

وهنا يقع القاضى تحت ضغط الفتوى بأن «الولد للفراش» ومسئوليته كإنسان من واجبه أن يحمى إنساناً بريئاً، لأن الحكم برفض النسب يعنى الحكم بالإعدام الإنسانى على طفل، وهو أمر لا بد أن يتم حسمه قانوناً حتى لا يقع القضاة فى هذه الحيرة. أيضاً لا بد من جعل دعاوى إثبات النسب فى أقصر وقت ممكن، فبدلاً من استمرارها فى المحاكم لسنين يمكن أن تكون ضمن الدعاوى المستعجلة أو بطلب بأمر على عريضة لرئيس المحكمة ويكون تحليل الحمض النووى إلزامياً، بهذا يكون نظر الدعوى والحكم فيها فى أقل من شهر حتى يمكن للطفل بدء حياته والتمتع بتطعيماته بعيداً عن مكايدة الكبار وممرات المحاكم وخلافات الفتوى.

نقلًا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إثبات النسب بين الفتوى والرحمة إثبات النسب بين الفتوى والرحمة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

إسرائيل تتوغل في رفح ومعارك تحتدم في شمال غزة
  مصر اليوم - إسرائيل تتوغل في رفح ومعارك تحتدم في شمال غزة

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon