توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشهامة والإجرام والأمن

  مصر اليوم -

الشهامة والإجرام والأمن

بقلم : نهاد أبو القمصان

لفت انتباهى واقعتان تفاعل معهما المواطنون بصورة إيجابية؛ الأولى واقعة تحرش بفتاة من سائق ميكروباص واستنجدت الشابة بالمارة الذين أوقفوا الميكروباص وحاصروه وتعدوا على السائق وجردوه من ملابسه، واحتجزوه على ظهر الميكروباص شبه عارٍ حتى تأتى الشرطة.

والواقعة الثانية محاصرة شاب خرج من شنطة يحملها على ظهره دخان فاشتبه المارة فيه، خوفاً من أن يكون حاملاً مواد متفجرة، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا أيضاً بالتعدى عليه وتجريده من بنطلونه لحين تسليمه للشرطة، وتلازم مع هذا الأمر بالطبع تصوير ونشر على الـ«فيس بوك».

وقد أطلق سراحه بعد أن قيل إن «الداخلية» تبينت أن مصدر الانفجار كان بطارية اللاب توب الذى كان يحمله. وهو مهندس شاء سوء حظه أن تنفجر البطارية فى ميدان سيمون بوليفار بجاردن سيتى وبالقرب من السفارة الأمريكية.

هاتان الحادثتان فيهما مؤشر جيد فى استجابة الناس وشهامتها، وهو أمر افتقدناه منذ زمن، فقد عانينا لفترة طويلة من عدم اكتراث الناس فى الشارع سواء لأمر خاص مثل تعرض أحد للسرقة أو التحرش، أو الاستجابة لأمر عام مثل سرقة ملكية عامة فى الشارع أو عمل إرهابى.

الجميع انكوى من نار الجريمة سواء الفردية أو العامة، لكن يظل جانب مقلق يحتاج التنبيه لضبط الإيقاع، وهو التدخل الزائد إلى حد ارتكاب جريمة فى حق المشتبه فيهم، ففى الحالة الأولى الخاصة بالتحرش، أو الحالة الثانية الخاصة باشتباه الإرهاب، تدخل الناس وأطلقوا لأنفسهم العنان فى التنكيل بالشخص، الاعتداء بالإهانة والضرب، التجريد من الملابس (ولا أفهم لماذا يتم تجريد الناس من ملابسهم!!).

فى القانون (المتهم برىء حتى تثبت إدانته)، ونقول عليه فى مراحل التحقيق الأولى (المشتبه فيه).

وهنا يكمن الخطر والحد الفاصل بين الإيجابية والشهامة أو الجريمة، فالشهامة هى الوقوف لرد من يرتكب جريمة، التحفظ عليه، تسليمه للشرطة وتقديم شهادة بما رأى ليساعد الشرطة والنيابة فى التحقيق، لكن توقيف المشتبه فيه والقيام بالممارسات التى تمت فهى جرائم مركبة وإن كانت بحسن نية، وهى منذر خطر، فماذا لو فى الواقعة الأولى كانت الشابة مدعية كذباً؟ من يعوض هذا السائق أمام نفسه وأسرته ومجتمعه عن ما تم من إيذاء؟

وفى الحالة الثانية، التى تأكد فيها أن من تم التنكيل به هو مهندس شاب لخطأ تقنى، حدثت هذه الواقعة، كيف سيواجه المهندس الشاب هذا الموقف الصعب؟ وكيف سيؤثر على تفكيره وحياته؟ هذه المواقف قد يتعرض لها أى إنسان يضعه حظه العثر فى موضع اشتباه، أو شخص ما تعمد وضعه فى هذا الموقف، وفى حالة الهرج والمرج الجماعى لا يسمع أحد ولا مساحة للحوار العاقل.

لذا لا بد من توضيح هذا الخيط الرفيع بين تدخل الناس بشهامة أو زيادة الحماس لتتحول إلى جريمة، ومن المهم أن تلعب الدوريات المتحركة للأمن دوراً فى الاستجابة السريعة للبلاغات حتى لا نترك المشتبه فيه ضحية للإبداعات الشخصية فى التنكيل أو تفريغ الشحنات السلبية لديهم.

ولأكرر مرة أخرى دور الناس والشهامة تستلزم التحفظ على المشتبه فيه، تسليمه للشرطة، والأهم هو الانتظار لتقديم بعض الوقت للشهادة بما رأى ليساعد الشرطة والنيابة فى التحقيق وإحقاق الحق، وليس «تلطيش قلمين» كـ«تنفيث» عن غضب شخصى لحين وصول الشرطة وبعدها ينسحب سريعاً فلا يبقى أدلة ولا شهود.

نقلًا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشهامة والإجرام والأمن الشهامة والإجرام والأمن



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon