توقيت القاهرة المحلي 12:35:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما تريد الدولة

  مصر اليوم -

عندما تريد الدولة

نهاد أبوالقمصان

كان من أهم السمات لأى مناسبات دينية أو اجتماعية هو التحرش الجنسى بالفتيات، وكانت تزداد معاناتهن فى المناسبات التى من المفترض أنها مناسبات سعيدة جراء التحرش بهن، حتى تحولت هذه المشكلة إلى انتهاكات حقيقية لأبسط الحقوق الإنسانية كالحق فى الحركة، حيث تضع كثير من الأسر قيوداً على الفتيات والسيدات فى الخروج للدراسة أو العمل أو التنزه، ما يؤثر على فرصهن فى الحياة، سواء العملية أو الاجتماعية، ووصل الأمر إلى تعبير كثير من الفتيات والسيدات عن حالات من القلق والخوف والإحساس بأنهن يعشن فى سجن كبير اسمه للأسف «وطن».

لذا دأبت المنظمات الحقوقية النسائية على المطالبة بضرورة وجود وتكثيف الوجود الأمنى فى الشارع والرغبة الحقيقية فى إنهاء معاناة النساء، بالإضافة للمطالبة بتعديل قانون العقوبات ليشمل الجرائم المستحدثة، نظراً لعدم وجود قانون للتحرش الجنسى، مما يزيد معاناة النساء اللاتى يلجأن لتحرير محاضر بأقسام الشرطة، الأمر الذى كان يستغله المتحرشون لمعرفتهم جيداً أنه لا عقاب لهم، مع وجود ثقافة تدعم أعمالهم الإجرامية بإلقاء اللوم دائماً على المرأة حال تعرضها للتحرش تحت ادعاء مبررات عدة ما بين أن ملابسها غير محتشمة أو أنها تسير بمفردها. ولم يقتصر الأمر على التحرش الفردى بل امتد ليصل إلى التحرش الجماعى الممنهج ضد السيدات فى الميادين العامة، خاصة فى ذكرى احتفالات ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ولم يكن هناك أى رد فعل رسمى بل كان هناك استخدام لبعض المسئولين للثقافة التى تلوم الضحية، وذلك للهروب من مسئوليتهم فى مواجهة جريمة تحولت إلى ظاهرة، حتى وقعت حادثة التحرش بفتاة التحرير أثناء احتفال المصريات والمصريين بفوز الرئيس عبدالفتاح السيسى فى انتخابات الرئاسة، وكأنها كانت جرس إنذار بضرورة وجود إرادة سياسية للقضاء على العنف ضد المرأة خاصة التحرش الجنسى،

ومع تحرك الدولة وتحملها المسئولية لم يعد هناك استخدام للمبررات التافهة أو لوم الضحية، فقد جد الجد وتوافرت الإرادة السياسية للمواجهة، لذلك تقدم الصفوف الجادون وظهرت الخطوات الحازمة، غير القانون فساعد القضاة على المواجهة وصدرت أحكام القضاء لأول مرة فى يوليو الماضى بأحكام المؤبد والسجن 20 عاماً بحق التسعة رجال المتهمين فى قضية التحرش الجنسى بفتاة التحرير، وتعد هذه الأحكام الأشد فى تاريخ قضايا التحرش الجنسى.

وكانت هذه الأحكام بمثابة البداية الحقيقية لإعلاء دولة القانون ورسالة قوية لكل من يفكر فى التحرش بالنساء بأن هناك يداً من حديد فى انتظاره هى يد القانون.

عندما توافرت الإرادة السياسية تمت الاستعانة بالخبراء الدارسين فى وزارة الداخلية لعمل وحدات لمواجهة العنف ضد المرأة تعمل مكتبياً وميدانياً، لذا ظهرت النتائج المباشرة بمرور عيد الفطر بنسبة أقل من التحرش الجنسى عن الأعوام السابقة، حيث رصدت هذا العام 3 حركات مناهضة للتحرش الجنسى 28 حالة تحرش خلال أول أيام عيد الفطر، فيما ضبطت قوات الأمن 5 حالات أخرى، أى بإجمالى 33 حالة تحرش، وهى أرقام أقل بكثير من حوادث التحرش التى حدثت فى الأعوام السابقة، فقد تم تسجيل 727 حالة تحرش وضبط 369 متهماً فى القاهرة وحدها خلال أيام العيد فى عام 2012.

ولم يقتصر الأمر على العيد فقط بل انعكس على الحركة اليومية للفتيات والسيدات والأسر التى شعرت أنها استردت الشارع، فعادت القاهرة والمدن الساحلية مرة أخرى زاهرة لا تنام، فقد استردت أمانها وبهاءها لتثبت أن الدولة إن أرادت فعلت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تريد الدولة عندما تريد الدولة



GMT 02:02 2024 الأربعاء ,29 أيار / مايو

المكالمة الأخيرة

GMT 01:59 2024 الأربعاء ,29 أيار / مايو

«مصيدة أليسون» والعاصفة الكونية المتجمعة

GMT 01:56 2024 الأربعاء ,29 أيار / مايو

فلسطين في انتخابات البريطانيين

GMT 01:53 2024 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الحذر... إلا مصر

GMT 12:38 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

... وإبادة الحضارات

GMT 12:33 2024 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

صبّوا علينا من ماء الديمقراطية... ولن نسقيكم!

GMT 02:10 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

ثلاثة أحداث فارقة ومستقبل الدولة الفلسطينية

GMT 21:35 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

مونشنجلادباخ مصدوم من تعليقات جماهيره العنصرية

GMT 01:12 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

محمد هنيدي يكشف عن سبب عدم حضوره جنازة حسن حسني

GMT 10:29 2020 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

إيهود باراك يمدح حسني مبارك ويصفه بـ"الفرعون"

GMT 22:53 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أول ظهور لـ والدة وخالة النجمة زينة

GMT 17:59 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

مصرع عروسين إثر تسريب غاز منزلي في بني سويف

GMT 18:33 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

ديانج يغيب عن مران الأهلي في ملعب التتش للإصابة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon