توقيت القاهرة المحلي 06:41:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دار الحكمة

  مصر اليوم -

دار الحكمة

عمرو الشوبكي

نجح مجلس نقابة الأطباء فى أن يقود أول مؤتمر نقابى ناجح محدد الأهداف والمطالب منذ ثورة يناير، ونجح فى جذب عدد هائل وغير مسبوق من أطباء مصر لحضور الجمعية العمومية غير العادية التى عُقدت أمس الأول، ونالت تعاطف تيار واسع من المصريين.

يقينًا الدفاع عن كرامة أى مواطن هو مطلب يخص كل مصرى، فما بالك إذا كانوا أصحاب مهنة ورسالة سامية، مثل الأطباء الذين يعتبر العالم المحترم (وليس فقط الديمقراطى والمتقدم) تحسين أحوالهم المهنية والمعيشية معيار التقدم، وليس عدد الجنود ولا أمناء الشرطة؟!

الأطباء فى مصر، مثل كل المهن، غالبيتهم محترمون، وقلة منهم منحرفون، ولا أحد يتصور أو يقبل أن يختزل البعض الشرطة وتضحياتها فى قلة من المنحرفين مارسوا بلطجة فى مستشفى المطرية وغيره، وتبقى مشكلة الداخلية هى فى الحماية التى تفرضها على المنحرفين منهم، واعتبار أى نقد لتجاوز أو إدانة لجريمة أمرا مرفوضا لا يجب سماعه.

جمعية نقابة الأطباء كانت عظيمة ومهنية حتى لو هاجمها المطبلون والبلطجية من رموز العهد الجديد، وقامت اللجان الأمنية الإلكترونية المؤيدة بفبركة صور للإساءة لمؤتمر الأطباء، وتحويل النقاش حول مطالب محددة أعلنتها النقابة، إلى شتائم واتهامات مضحكة تعكس عُقد نقص لا حصر لها تجاه من تفوقوا فى دراستهم، وتميزوا بحكم طبيعة عملهم.

المطالب التسعة التى قدمتها النقابة كانت واضحة، ودُرست بعناية «وضربت ولاقت»، خاصة القرار المتعلق بالامتناع عن تقديم أى خدمة بأجر للمواطن فى المستشفيات الحكومية وتحويل الخدمة الطبية بالكامل بالمجان، وهى هنا تشتبك مع الحكومة لا مع المواطن، والإعلان عن الإضراب الجزئى بعد أسبوعين من الآن إذا لم يتم تنفيذ مطالب نقابة الأطباء، والإغلاق الاضطرارى لأى مستشفى يتعرض لاعتداء من أى بلطجية، (وهنا نلاحظ استخدام لفظ الاضطرارى)، ورفض الخصخصة، ومطالبة وزير الصحة بالاستقالة (لم يقولوا إنهم أقالوا وزير الصحة لأنه خارج صلاحيات النقابة)، وتحويله للجنة آداب المهنة داخل النقابة لمحاسبته عن إساءته للأطباء.

مطالب الأطباء التسعة يمكن الاتفاق والاختلاف على تفاصيلها، ولكن خطها العام كان متوازنا، وكان مهنيا، وكانت عينه أولاً على عموم الأطباء وعلى عموم المصريين، ولم يسقط فى خطاب المراهقة الثورية والسياسية بصورة تفقده تعاطف قطاع واسع من المصريين، كانوا سينفضّون من حولهم لو شعروا للحظة بأنهم ذهبوا بعيدا فى خطاب السياسة.

يقينًا نقابة الأطباء تضم اتجاهات سياسية مختلفة، كما تضم فى غالبيتها أطباء مستقلين يدافعون عن مهنتهم فقط، كما أن الرأى العام منقسم بين تيار يؤيد الحكم (طبيعى)، وفى داخله جزء يعتبر النقد وتصحيح الأخطاء خيانة للوطن وتآمراً عليه (غير طبيعى)، وهنا سنجد آلاف المطبلين والإعلاميين الفاشلين سيشتمون نقابة الأطباء حتى لو بقيت مدافعة عن مهنة الطب وكرامة الأطباء، وظلت «دار الحكمة» وليست حزبا سياسيا.

على نقيب الأطباء المحترم حسين خيرى، ووكيلة النقابة المخلصة منى مينا، وعلى الرجل الصلب، نقيب أطباء القاهرة، إبراهيم عبدالغنى، أن يحافظوا على قوة مطالبهم المهنية، وهى تعنى ضمناً اصطداماً بالواقع السياسى المرير (ربما لولاه ما خرجت هذه المطالب)، ولكن يجب ألا تكون النقابة دارا للشعارات السياسية المباشرة، لأنها ستُفقدها تأييد قطاع واسع من المصريين وحتى الأطباء.

التغيير فى مصر قادم، ولكنه بالنقاط وبرؤى إصلاحية، تأتى من نقابات وقوى لها ظهير مجتمعى حقيقى، وتعمل فى الواقع، ولا تتأفف منه مهما كانت إحباطاته، ولذا الحذر واجب من مؤامرات الكثيرين على نجاح الأطباء من داخلهم ومن خارجهم.

تحية لنقابة الأطباء.. داراً باقية للحكمة والكرامة فى مصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دار الحكمة دار الحكمة



GMT 00:13 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ما يحتاجه القطاع الطبى

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

اليوم ينصحك الفلك ألا تعلن أخبارك ولا تتكلم عن حياتك

GMT 16:11 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

فيسبوك تسلك طريق أكثر تشدد بشأن شفافية الإعلانات

GMT 13:54 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

نصائح مهمة لاختيار أفضل عباءة شتوية للتمتع بالأناقة والدفء

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفال بمرور 18 عامًا على إقامة متحف النوبة في أسوان

GMT 02:18 2016 الخميس ,02 حزيران / يونيو

الاعلان عن قائمة منتخب بلجيكا في "يورو 2016"

GMT 15:03 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل تاجري مخدرات جراء مشاجرة بينهما في الشرقية

GMT 14:43 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

أبراج تدعمك وتقف بجانبك في المواقف الصعبة

GMT 15:49 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ضربة موجعة لـ منتخب بلجيكا قبل انطلاق يورو 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon